بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي أمس بيانًا رئاسيًا بشأن سد النهضة الإثيوبي بدعوة الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان إلى العودة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشأن الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة في إطار زمني معقول بما يقتضيه من العودة إلى اتفاق المبادئ الموقع في 2015.
يقول المفكر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى فى دراسته عن "معايير مجلس الأمن فى الحل السلمى للسد الإثيوبى ونظرية المصالح المتضاربة " أن البيان الرئاسى خطوة مهمة نحو تفعيل قواعد القانون الدولى بشأن إنهاء التصرفات الأحادية ووضع إطار ملزم للمسار التفاوضى الصحيح.
وعلى الرغم من أن البيان الرئاسي تضمن أن "مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه و الأنهار". إلا أنه يرى أن مجلس الأمن مُلزم بمبادئ العدالة التى استنتها محكمة العدل الدولية فى الشرعية النهرية لتسوية سد النهضة سلمياً وفقا لأحكام الميثاق، واستجمع القاضى المصرى (15) مبدأ من مبادئ العدالة لمحكمة العدل الدولية فى الشرعية النهرية منذ إنشائها حتى اليوم تلزم إثيوبيا بحقوق مصر التاريخية، وبالتسوية المرضية لسد النهضة، وتشكل فى مجملها مبادئ العدل مما عنده نصوص ميثاق الأمم المتحدة، وأكد أن الموقف الدولى يشهد بأن مصر تسعى بحكمة وأناة لتجنب الصدام في منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، رغم امتلاك مصر العزيمة والقدرة للدفاع عن حقوقها التاريخية المائية حماية لأمنها القومي .
وذلك على النحو التالى أولاً: القول بأن مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه و الأنهار لا يعنى إغفاله لجوانب العدل فهو مقيد بقواعد العدل وفقاً للميثاق :-
يذكر الدكتور محمد خفاجى، أن البيان الرئاسى لمجلس الأمن نحو انهاء مماطلة إثيوبيا ووضع حد للتفاوض باتفاق ملزم للأطراف الثلاثة وضع الأمور فى إطارها التفاوضى الصحيح، وأن مجلس الأمن مسئول عن حفظ السلم والأمن الدوليين وحتى تتمتع قراراته بصفة الإلزام وفقاً لما نصت عليه المادة (25) من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه يجب أن تكون صادرة وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولى والاتفاقية الدولية لقانون استخدام المجاري المائية في غير الأغراض الملاحية لعام 1997 ومبادئ العدالة تلك التى استنتها محكمة العدل الدولية فى مجال الشرعية النهرية .
وبمعنى آخر فإنه لا ينال من القول بأن مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار أنه يغفل جوانب العدل ذلك أن الاستقرار القضائى لمبادئ الشرعية النهرية من الناحية القانونية يجب أن تكون على قدر من الأهمية فى الموضوعات النزاعية المتصلة بالأمن الدولى ولو كانت لها طابع سياسى التى ينظرها مجلس الأمن وهو فى سبيله لحفظ الأمن والسلم الدوليين .
ويضيف الدكتور محمد خفاجى وفقاً للفقرة الأولى من المادة (24) من ميثاق الأمم المتحدة تحت عنوان "الوظائف والسلطـات" فإن مجلس الأمن يعد نائباً عن المجتمع الدولى فى سبيل القيام بدوره فى حفظ السلم والأمن الدوليين إذ أنه رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به "الأمم المتحدة" سريعاً فعالاً، يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات.
بينما طبقاً للفقرة الثانية من تلك المادة فإن مجلس الأمن يعمل في أداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد "الأمم المتحدة" ومبادئها والسلطات الخاصة المخوّلة لمجلس الأمن لتمكينه من القيام بهذه الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر , وهو ما يؤكد ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الميثاق عن أهم مقاصـد الأمـم المتحدة فى حفظ السلم والأمن الدولي.
ويشير الدكتور محمد خفاجى تحقيقاً لهذه الغاية فإن البند الأول من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة تحت عنوان " الفصل الأول:-
مقاصد الهيئة ومبادئها " مقاصـد الأمـم المتحدة هي:-
1- حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها .
وهذا اعتراف صريح من ميثاق الأمم المتحدة بأن مجلس الأمن مُلزم بمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها. وترتيبا على ذلك , فإن سلطة مجلس الأمن ليست مطلقة من كل قيد , ومن ثم فإن إغفال مجلس الأمن تطبيق مبادئ العدل والقانون الدولى فى تسوية المنازعات بالطرق السلمية تفقد ما يخرجه من أعمال وتصرفات عن مجال المشروعية الدولية ,
ولا تلزم به الدولة المضرورة ويحق لها عدم الاعتراف بها لوقوعها باطلة بالمخالفة لنصوص الميثاق الدولى فلا يرتب ثمة التزامات دولية لأن تحقيق العدل الدولى والنزول على احترام قواعد القانون الدولى هما الأساس الركين لعمل منظمة الأمم المتحدة وعلى قمتها جهاز مجلس الأمن باعتبار أن الاختصاصات الدولية لأجهزة المنظمة الدولية تتكامل ولا تتداخل.
ثانياً : (15) مبدأ من مبادئ العدل للسوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية منذ إنشائها حتى اليوم تلزم إثيوبيا بالتسوية السلمية لسد النهضة وبحقوق مصر التاريخية :-
يقول الدكتور محمد خفاجى إن مجلس الأمن هو الجهاز الدولى المسئول عن حفظ السلم والأمن الدوليين وحتى تتمتع قرارات مجلس الأمن بصفة الإلزام وفقا لنص المادة (25) من ميثاق الأمم المتحدة يجب أن تكون صادرة وفقاً لأسس الشرعية النهرية الدولية والتى تجد سندها فى أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولى والاتفاقية الدولية لقانون استخدام المجاري المائية في غير الأغراض الملاحية لعام 1997 ومبادئ العدالة التى استنتها محكمة العدل الدولية فى مجال الشرعية النهرية , وبمعنى أخر فإن الاستقرار القضائى لمبادئ الشرعية النهرية من الناحية القانونية يجب أن تكون على قدر من الأهمية فى الموضوعات النزاعية التى ينظرها مجلس الأمن وهو فى سبيله لحفظ السلم والأمن الدوليين .
ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الموقف الدولى يشهد بأن مصر تسعى بحكمة وأناة لتجنب الصدام والصراع الذي قد يثور في منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، رغم أن مصر لديها العزيمة والقدرة على الدفاع عن حقوقها التاريخية المائية حماية لأمنها القومي , وأنه قد استجمع خمسة عشر مبدأ من مبادئ العدالة التى استنتها محكمة العدل الدولية فى مجال الشرعية النهرية منذ إنشائها حتى وقت قريب مما اقتضى بذل الجهد والمشقة وهى فى جملتها تشكل مبادئ العدل مما عنته نصوص ميثاق الامم المتحدة وتلزم إثيوبيا بحقوق مصر التاريخية وبالتسوية المرضية وفقاً لتلك المبادئ وهى على نحو ما يلى :-
1- مبدأ تساوى دولة المنبع مع دول المصب فكلتاهما شريكتان فى ملكية النهر ولا يجوز لإحداهما أن تنفرد بتصرف أحادى الجانب دون تفاوض أو اتفاق.
2- قواعد الإنصاف للحياة المشتركة للدول المتشاطئة دون إضرار أو إنقاص.
3- مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول بعدم المساس بالحصص المائية بما يمس الحاجات الحياتية للشعوب ويحفظ النظم الإيكولوجية للمياه.
4- قاعدة عدم التسبب في الضرر لباقي دول النهر تحقق المسئولية الدولية تجاه الإخلال بنظام الحصحصة.
5- لا يجوز لدولة المجرى المائي أن تتخذ أي عمل (فيضان أو إنقاص) يؤثر على الحقوق التاريخية ومصالح الدول المتشاطئة.
6– مشروعات الدولة على أراضيها لا يجب أن تؤثر على حجم المياه فى الدول المتشاطئة.
7- مبدأ حرمان قيام الدولة على أراضيها بإجراء تغيير أو تعديل مياه النهر إذا ترتب على ذلك أضرار جسيمة بدولة متشاطئة.
8- استثمار الطاقة لا يخل بالملكية المشتركة للدول المتشاطئة دون تفرد مؤذى أو انفراد أحادى.
9- التوفيق بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة يتقيد بالاستخدام العادل والمعقول فى النهر الدولى.
10- شرط إنتاج الطاقة الكهرومائية الالتزام بحجم المياه وجودتها وحماية طبيعته وبقواعد القانون البيئي الدولي ومبادئ قانون المجاري المائية الدولية.
11- وحدة المصالح المشتركة للدول المتشاطئة تفرضه الملكية المشتركة للمورد الطبيعى والاستخدام العادل للنهر وحظر أي امتياز تفضيلى لأحد الشركاء تجاه الآخرين .
12- وجوب تقييم الأثر البيئي لمنع الضرر الجسيم العابر للحدود , والإخطار المسبق بالمشروعات الجديدة.
13- حظر إقامة مشروعات تضر بالحقوق التاريخية للطرف الآخر فى حجم مياه النهر وفقاً لحاجات الرى.
14- حظر إقامة أى مشروع يعوق الإمداد الضرورى للزراعة على ضفتى النهر.
15- مبدأ السيادة الإقليمية للدولة لتطوير الطاقة الهيدروليكية مُقيد بعدم تغيير مجرى النهر وبهذا الجزء الرابع تنتهى دراسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المتميزة عن موضوع " معايير مجلس الأمن فى الحل السلمى للسد الإثيوبى ونظرية المصالح المتضاربة " لتنوير الرأى العام العالمى بالحقوق التاريخية لمصر على نهر النيل وخروج إثيوبيا على قواعد القانون الدولى بصدد سد النهضة وعرض دهاليز معايير مجلس الأمن وما يتميز به الموقف المصرى من حجة ناصعة وقوة وصلابة مما أثمر عن البيان الرئاسى لمجلس الأمن.