يُمثل مشروع إنشاء مزارع مصرية نموذجية مشتركة في القارة الأفريقية أحد المشروعات التنموية المهمة لتفعيل العلاقات مع دول القارة، حسب بيان رئاسة مجلس الوزراء الصادر منتصف الأسبوع الجاري.
البيان أضاف أن الدولة المصرية تعمل على نشر منظومة هذه المزارع بالدول والتجمعات الأفريقية كوسيلة من وسائل التقارب وتعزيز الروابط مع جيرانها من دول القارة، في ضوء مساعي القيادة السياسية لتحقيق التكامل مع الأشقاء بإفريقيا. واتفق المحللين والخبراء على كون هذه المزارع ذات ثقل سياسي واقتصادي واجتماعي لما تُمثله من أهمية لمصر.
و بحسب تقرير لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، فإن الناتج المحلى الإجمالي لقطاع الزراعة سجل في العام المالي 2019/ 2020، نحو 669.8 مليار جنيه، مقابل 588 مليار جنيه عام 2018/2019، و498.1 مليار جنيه عام 2017/2018، و398.5 مليار جنيه عام 2016/2017، و318.9 مليار جنيه عام 2015/2016، و278.5 مليار جنيه عام 2014/2015.
كما أوضح التقرير زيادة الاستثمارات العامة المنفذة بقطاع الزراعة بنسبة 421.2%، حيث سجلت 27.1 مليار جنيه عام 2019/2020، مقارنة بـ 5.2 مليار جنيه عام 2014/2015.
وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن هذه المزارع لها فوائد كثيرة جدًا، أبرزها عمل تكامل وتواصل اقتصادي وسياسي واجتماعي بين الفلاح المصري والفلاح الإفريقي، مضيفًا أنها أيضًا تسهم في تنمية الاقتصاد المصري، خاصة وأن معظم هذه المزارع تستخدم تقاوي مصرية وعمالة مصرية.
وأضاف لـ"البوابة نيوز"، أن هذه المزارع تمثل سوق للإنتاج المصري الزراعي أيضًا في إفريقيا، خاصة وأن إفريقيا سوق كبير جدًا لديها القدرة على استيعاب التقاوي والإنتاج الزراعي المصري من الخضر والفاكهة، إضافة لاحتياج القارة للخبرات المصرية.
واعتبر أبوصدام، أن هذه المزارع تمثل عمق استراتيجي مصري في القارة الإفريقية بما تمثله من ثقل مصري هناك، موضحًا أن هذه المزارع المصرية توجد في كلا من أوغندا وزامبيا والكونغو وتوجو ومالي وزنزبار والنيجر، كما يجري إنشاء مزارع في الجزائر، وأيضا في إريتريا، كما تستكمل مصر الإجراءات التنفيذية لإنشاء مزارع في كل من تنزانيا ومالاوي وزيمبابوي وجنوب السودان.
وتابع نقيب الفلاحين، أن الأراضي الخصبة تتوفر في إفريقيا بشكل كبير جدًا، إضافة لمصادر المياه الكثيرة، وبالتالي فالبيئة الزراعية متوفرة، مشيرًا إلى أنه تم تجديد ترخيص المزرعة المشتركة للإنتاج النباتي بالسودان في عام 2019، إضافة للأعداد للتعاون مع الجانب السوداني في مجال إنتاج التقاوي للمحاصيل الحقلية.
وأشار إلى اهتمام هذه المزارع بإنتاج المحاصيل المصرية خاصة المحاصيل الحقلية والاعلاف والإنتاج الحيواني وإنتاج التقاوي والخضر والزراعات المحمية "الصوب"، موضحًا أن هذه المزارع يمكن استخدامها في سد العجر في محاصيل مهمة مثل الحبوب والفول والزراعات العلفية مثل البرسيم وغيره، فضلاً عن كونها تفتح باب العمل أمام الكثير من الشباب المصري الطامح في مستقبل أفضل.
واختتم نقيب الفلاحين حديثه قائلاً :"قد تكون هذه المزارع خير تعويض عن فترة غياب مصر عن القارة الإفريقية خلال السنوات الماضية، إضافة لكونها تمثل دعمًا في قضية سد النهضة والخلاف مع إثيوبيا".
فرصة للتكامل الاقتصادي
من جهته، أوضح السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن إنشاء مزارع مشتركة مع الدول الأفريقية ليس مشروعًا حديثًا، لكن فكرته تعود إلى سنة 1995، لما تم تدشين المشروع من خلال الصندوق الفني لدعم أفريقيا بوزارة الخارجية المصرية حتى تمت إقامة باكورة هذه المزارع بالنيجر في عام 1998، ومن ثم بدأت وزارة الزراعة تولي مسئولية تنفيذها بدءً من عام 2007 باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة المصرية نحو توطيد العلاقات، وخاصة في المجال الزراعي، مع دول القارة الأفريقية والتجمعات الأفريقية.
وأضاف الوزير في بيان صحفي، أن هذا المشروع يمثل تعزيز للتعاون في المجال الزراعي مع الدول والتجمعات الأفريقية، إضافة لنقل الخبرة والتكنولوجيا الزراعية المصرية إلى دول القارة، وإجراء بحوث زراعية مشتركة تستهدف تحسين إنتاجية مختلف المحاصيل، إلى جانب اعتبار تلك المزارع منصة تتيح فرصة إيفاد خبراء مصريين للعمل في مزارع مشتركة بتلك الدول، كما أنها تتيح فرصًا واعدة أمام فتح أسواق جديدة أمام المنتجات الزراعية المصرية، وتصدير أصناف المحاصيل والفاكهة المصرية لدول أفريقيا.
وأشار إلى أن مشروع المزارع المصرية يستهدف المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة بالدول الأفريقية وبناء القدرات ورفع مهارات الكوادر المتوافرة بها في مجال الزراعة، من خلال زيادة إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية الأفريقية، ونقل التكنولوجيا الزراعية المصرية، فضلاً عن التوسع في استخدام الميكنة الزراعية ودعم نظم التسويق، وتنفيذ شراكات مع القطاع الخاص المصري للاستثمار بالدول الأفريقية، وتحقيق قيمة مضافة للمنتجات الزراعية.
وقال القصير، إن هذه المزارع تنقسسم إلى نوعين أولهما المزارع الإرشادية النموذجية، والتي تتراوح مساحاتها ما بين 150 إلى 500 هكتار، وتهدف إلى تطبيق النموذج الإرشادي لجميع الأنشطة، سواء كانت محاصيل حقلية، أو بستانية، أو إنتاج داجني، أو إنتاج حيواني، أو استزراع سمكي، أما ثانيهما فهي المزارع الإنتاجية، والتي تزيد مساحتها لتصل إلى 1000 هكتار، وتكون قابلة للزيادة، وتعتمد على نشاط الاستثمار الزراعي، وتخضع لقوانين الاستثمار في الدول الأفريقية المقامة بها.