ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "تلك السفينة" للشاعر السوري إلياس بن موسى بن سمعان صالح، أحد أعضاء المحكمة الإبتدائية في اللاذقية، وذلك تزامنا مع ذكرى وفاته التي تحل اليوم الأربعاء.
"تلك السفينة"
تلك السفـيـنةُ بسم اللهِ مـجـراهــــا
عـلى دمـوعـيَ مسـراهـا ومـرسـاهـا
تجـري وفـي قـلـبـهـا النـيرانُ مـوقـدةٌ
مـثلـي كأن هـوى الأوطـان أشجـاهـا
سكرى تمـيـد بمـن فيـهـا فتسكرهـم
وهـمًا فكـيف إذا ذاقـوا حـمـيّاهــــــــا
ولـيس بـدع إذا سـارت بنـا مـــــــــرحًا
فتلك جـاريةٌ يـهتزّ عِطفـاهــــــــــــــا
هـيفـاءُ لكـنهـا بـالقـار قـــــــد خُضِبَتْ
كـالخـود يُخضَب بـالـحنّاء كفّاهــــــــــا
سلطـانةُ الـبحـر إذ تـرسـو يحـيـط بـهــا
مـن القـوارب جندٌ مـن رعـايـاهـــــا
وإن سَرَتْ نشـرتْ أعـلامَهـــــــــــا وشدا
صـوتُ الـبخـار لهـا والـمـوجُ حـيّاهـا
طـورًا تُرى فـي قـرار الـيــــــــمّ غائصةً
وتـارةً فـوق هـام السحـبِ تلقـاهـــــــا
لـم أنسَ لـيلةَ بتـنـا والرفـاقُ بـمــا
نرعى النجـومَ ولـو شئنـا مسسنـاهـــــا
وحـولنـا الـمـاءُ مـن كل الجهــاتِ ولا
شيءٌ سـوى الـمـاءِ يغشـانـا ويغشاهــا
تُزجـي الركـابَ الى أرض الشآم وفـي
مـصرٍ لنـا حـاجةٌ هـيـهـات ننسـاهـــا
أنـتـم مـنى النفس لا زالت تطـيب بكم
نفس الصحـاب وتلقى نُجحَ مسعـاهـا
سعى إلـيكـم بنـا فضلٌ لكــــــم شهدتْ
بـه الـبريّـةُ أقصـاهـا وأدنـاهــــــــــا
وشهـرةٌ بـيـن أهل الأرض طـــــــــــائـرةٌ
يردّد الصحـبُ والأعـداء ذكـراهـــــــــــا
ورغبةٌ فـي اقتبـاس العـلـم غالــــــــبةٌ
لـم نهجـرِ الأهلَ والاوطـان لـولاهــــــا
يـا بـهجةَ الشـرق حسبُ الشـرق أنكـمـا
مـن بعض أبنـائه بـيـن الـورى جـاهـــــا
أحـيـيـتـمـا العـلـمَ فـيـه بعـد أن درستْ
معـالـمُ الـدرس والإهـمـال أفـنـاهـــــا
شهـادةٌ لـم يـنلهـا غــــــــــيرُ ذي خطرٍ
قـد نـال مـن درجـات الفضل أسمـاهــــــا
لأنـتـمـا تـوأمـاهـا دون غـيركـمــــــا
وأنـتـمـا أنـتـمـا فـي الشـرق صنـواهــا
فلـتهـنأ وهـي فلـتهـنأْ ونحن بـمــــــا
حُزْنـا وحـازت وحـزتـــــــم واشكروا اللهَ.