الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هكذا أسقطت طالبان أفغانستان؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ 2011  وحتى سيطرة طالبان على الحكم، شهدت منطقة الشرق الأوسط، محاولة لتمرير 3 نماذج لحكم الجماعات المتطرفة والإرهابية، عبر طرق متعددة وأيضا سقطت هذه النماذج بالطرق التي جاءت بها، بدأت نموذج وصل الإسلاميين باستحواذ تنظيم الإخوان الإرهابي على السلطة في مصر، استثمار للحالة الثورية في الشارع، ولكن سريعا ما اكتشف الشعب المصري حقيقة الإخوان وتوجهاتهم وخطرهم على الدولة الوطنية في مصر، فخرجوا في صورة 30 يونيو لإسقاط حكم المرشد، وكانت قرارات 3 يوليو انتصارا لتاريخ الشعب المصري في مواجهة التطرف والإرهاب، نموذج الاخوان أيضا تكرر في ليبيا وتونس، وسقط عبر الصناديق في ليبيا (انتخابات 2014) وعبر ثورة شعبية في تونس (25يوليو).
النموذج الثاني كان نموذج (الصدمة والرعب) حيث تشكل في تأسيس دولة الخلافة الإسلامية (داعش الإرهابي) في يوليو 2014 على يد الإرهابي أبو بكر البغدادي، وهذه الخلافة المزعومة كانت أبرز انواع النماذج المتطرفة والدموية في القرن الحادي والعشرين، وسقط بعد تحالف عسكري دولي، بسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بدعم أمريكي، على آخر معاقل التنظيم الإرهابي بمنطقة "الباغوز" بالقطاع الشرقي من ريف دير الزور، فبراير 2019.
اليوم يشكل حكم حركة طالبان النموذج الثالث لنماذج الجماعات المتطرفة والإرهابية، في منطقة الشرق الأوسط ووسط أسيا، والجميع ينتظر إلى ما ستذهب إليه الحركة وترجمة وعودها وخطابها السياسي الجديد، وهل ستكون قادرة على البقاء في السلطة  أم أن ستواجه مصير بداية القرن الحادي والعشرين  بسقوط بفعل تحالف عسكري، او تشهد أفغانستان مقاومة شعبية تسقط الحركة.
وبات السؤال كيف وصلت طالبان للحكم، إن حركة طالبان مرت بثلاثة مراحل  بعد سقوطها في  2001، المرحلة الأولى "مرحلة الكمون" واعادة ترتيب الأوراق والحفاظ على القوة العسكرية للتنظيم، بل وتعظيمها، وهي مرحلة استمرت طويلا حتى لنهاية 2007 والتي معها بدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة "حرب العصابات" واستنزاف القوات الأفغانية الحكومية، وقوات التحالف الدولي، وهي مرحلة استمرت حتى 2011، ومعها بدأت مرحلة "قضم المدن" عبر السيطرة عليها في حملات سنوية  اطلق عليها الحركة "حرب الربيع" وهي التي كانت تبدأ مع نهاية موسم الشتاء وذوبان الثلوج، وحتي بدأ فصل الشتاء التالي، واكنت الحركة تشن حملات دموية واستمرت حتى 2021، والسيطرة على كابل.
هناك 4 عوامل ساهمت في وصول الحركة إلى السلطة في كابل وإسقاط حكومة أشرف غني، هذه العوامل تمثل الصراع على السلطة في كابل، فقد خلقت الانتخابات الرئاسية الافغانية صراعا على السلطة بين أشرف غني وعبد الله عبد الله، وكلاهما أعلن فوزهما وأدى اليمين الدستورية بين المؤيدين.
والعامل الثاني، هو الفساد وصراع " امراء الحرب" الذين لعبوا دورا في إسقاط الدولة الأفغانية في يد طالبان فقد أبقت الولايات المتحدة على أمراء الحرب من المقاتلين القدماء، كعبدالله عبدالله، وعبد الرب رسول سياف كان قائد المقاومة السابق ضد الاتحاد السوفياتي، ومحمد محقق أبرز سياسي من أقلية الهزارة الشيعية، وعبد الرشيد دوستم، القائد الواسع النفوذ من الاوزبك، وأصبح أول نائب للرئيس في افغانستان عام 2014، وشهدت كابل صراع خفي بين هؤلاء وانتشار الفساد والذي أسقط السلطة في الشارع الأفغاني، وكذلك أثر على قدرات الجيش الأفغاني العسكرية واللوجستية والمعنوية فكانت هزيمة الجيش من السلطة قبل طالبان.
العامل الثالث  الحرب النفسية التي مارستها الحركة ضد خصومها وضد زعماء العشائر، فقد اتبعت الحركة سياسة " العصا والجزرة" مع خصومها وضباط الجيش وحكام المقاطعات والعشائر الأفغانية، هذه السياسة تمثلت في استمالة جزء كبير من زعماء العشائر حكام المقاطعات، فيما تم تهديد الجزء الأخر بالقتل والاغتيال، فكان قتل منهم وآخر هرب إلى أماكن آمنة، فيما حكومة غني كانت منشغلة بالصراع على السلطة.
ويبقى الانسحاب الأمريكي، العامل الأبرز في وصول طالبان للحكم، ولكن هذا العامل جاء بعد فشل سلطة 2001 في تحقيق دولة حقيقة للشعب الأفغاني، واكتفى أمراء الحرب في كابل بالصراعات الداخلية وانتشار الفساد، فلم يكن هناك مواطن يؤمن بانه يضحى بحياته من أجل سلطة لا ترى إلى أنفسها وزعماء لا ينظرون إلى معاناة الشعب الأفغاني.