في مثل هذا اليوم 14 سبتمبر عام 786 تولي أشهر حكام الدولة العباسية هارون الرشيد الخلافة بعد مقتل اخيه الهادي ، وكان عمره في ذلك الوقت 22 عام فقط وكان خامس الخلفاء العباسيين .
ولد هارون عام 149هـ ، 766 م في مدينة الري وكان والده واليا على المدينة ، و تربى الرشيد مع أولاد الأمراء والقادة في الدولة العباسية ومع إخوته بالرضاعة، وعاش الرشيد طفولة هادئة ومستقرة في ظل رعاية والده وجده، وتولى تربيته وتعليمه عالم النحو علي بن حمزة بن عبدالله الاسدي الكوفي المعروف (الكسائي)، الذي ظل معه حتى وفاته .
طالب الخليفة المهدي نقل ولاية العهد من ولده موسى الهادي إلى هارون الرشيد، فأرسل في طلب ولده الهادي للحضور لديه وكان مقيما في جرجان ، لكن الهادي علم أن أباه يريد خلعه من ولاية العهد، فلم يمتثل لأمر أبيه وظل مقيمًا في جرجان ، فغضب المهدي منه وجهز جيشًا وتوجه إلى جرجان ومعه ابنه هارون الرشيد، لكنه توفي في ماسبذان فصلى عليه هارون ودفنه.
وأرسل هارون إلى أخيه الهادي بخاتم الخلافة وهنأه بالخلافة، وأخذ البيعة من الأمراء وقادة الجيش وعامة الشعب ، وتسلم الهادي أمر الخلافة وتوجه إلى بغداد لممارسة مهام عمله وأخذ البيعة بنفسه وكان ذلك في عام168 ه ولم تستمر مدة خلافته سوى سنة وثلاثة أشهر ، حتي بويع الرشيد بالخلافة ليلة الجمعة التي توفي فيها أخوه المهدي .
بتولي الرشيد الحكم، بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعم الرخاء ربوع الدولة الإسلامية، و غدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأي والمناقشة، وثراء الجدل والحوار.
كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع. وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب و الفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الصين والهند و اوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته .