أكد حقوقيون أن إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ٢٠٢١ - ٢٠٢٦، يشكل إعلانًا لدخول عهد جديد، تصبح معه حقوق الإنسان على قمة أجندة العمل الوطنى؛ مشيرين إلى أنها تمثل لحظة فارقة فى تاريخ الحركة الحقوقية المصرية، كما أن الاستراتيجية ستفتح مجالا للعمل على إقامة الشراكات مع القطاع الخاص، وكذلك مواصلة التنسيق مع البرلمان، فى مجال مواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
فى هذا السياق؛ أكد «علاء شلبى»، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن مصر نجحت، خلال السنوات السبع الماضية، فى إعادة بناء مؤسسات الدولة، ووضع الأسس لتنمية شاملة ومستدامة؛ مشيرًا إلى أنه مهد لتبنى خطة تسمح بالانطلاق بوتيرة أسرع، فى تطوير حقوق الإنسان؛ حيث إنه أخذ فى الاعتبار أن حقوق الإنسان لا تنمو فى اضطراب، وتحتاج للأمن والاستقرار لكى تزدهر.
وقال «شلبي»، فى تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تتيح لهذه المنجزات أن تنمو، وأن ينمو بالتوازى معها الحقوق والحريات السياسية، ومن هنا يأتى إعلان رئيس الجمهورية عام ٢٠٢٢ عامًا للمجتمع المدنى.
وأضاف، أن هذا الإعلان هو أساس لتحقيق هدف جوهرى، لاستفادة المجتمع المصرى بالطاقات الكامنة والجبارة للمجتمع المدنى، والذى يمكنه أن ينشط بالطاقة القصوى للتكامل مع الدولة فى تلبية احتياجات المجتمع التنمية من ناحية، وقيادة الحوار الثقافى الوطنى لتعزيز مدنية الدولة ونبذ التطرف والتعصب والإرهاب.
من جانبه؛ أعرب عصام شيحة، رئيس المنظمه المصرية لحقوق الإنسان، عن سعادته بحضور هذه المناسبة التاريخية، التى تمثل لحظة فارقة، فى تاريخ الحركة الحقوقية المصرية؛ مؤكدًا استعداد المنظمة لتوفير كل خبراتها وإمكانياتها، للتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة، لتنفيذ كل بنود الاستراتيجية.
وأشار «شيحة»، إلى أن صياغة وإعداد تلك الاستراتيجية، جاء نتيجة جهود، شاركت فيها مختلف الجهات المعنية، والعديد من منظمات المجتمع المدنى، وكانت المنظمة شاركت فى الجلسات النقاشية المختلفة، وأبدت وجهة نظرها، والتى تضمنتها الاستراتيجية فى العديد من الحقوق، كما أنه عبر عن تقديره لجهود الراحل حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة السابق، الذى بذل جهودًا مضنية من أجل هذا اليوم.
وأعربت المنظمة عن تقديرها وترحيبها بمبادرة رئيس الجمهورية، بإعلان ٢٠٢٢ عامًا لمنظمات المجتمع المدنى؛ وتؤكد ضرورة العمل على تفعيل توجيهات الرئيس فى دعم وتمكين منظمات المجتمع المدنى، من أداء كل أدوارها، بما يحقق صالح الوطن والمواطن، ويحقق منظومة الحقوق الإنسانية.
من جانبه؛ أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أن المجتمع المدنى، يمثـل ركيـزة أساسـية لنجـاح تنفيذ إستراتيجية الوصول لعمـل مؤسسـى منسـق وجماعـى، تشـاركى ومتواصـل، مـن شـأنه تحقيـق الترابـط والتضافـر المنشـود لكافــة الجهــود ذات الصلــة بالارتقــاء بحقــوق الإنسان.
وشدد «عقيل»، على أن هناك نقاش دائم مع البرلمان، وأجهزة الدولة، وأيضًا الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ستؤدى إلى التثقيف والتدريب، ورفع القدرات المعرفية، حتى نصل إلى تشريع يعبر عن إرادة المواطن.
وأضاف، أن يوجد فى مصر ما يقرب من 57 ألف جمعية أهلية، ينظم عملها القانون رقم 149 لسنة 2019، واللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 2021، والقانون الحالى هو نتاج مجموعة المناقشات والحوارات المجتمعية التى كان المجتمع المدنى مشاركا فيها وجاء هذا القانون بعد المطالبة بتعديل قانون ٨٤ لسنة ٢٠٠٢ ومن بعده قانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧.
وأشار رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إلى أن صدور هذا القانون، دليل على احترام الدولة، وحرصها على مشاركة المجتمع المدنى، فى تنمية المجتمع، وكذلك قدرة المجتمع المدنى، فى تحقيق مكتسبات من خلال الحوار مع الدولة، وتقارب وجهات النظر لتنظيم عمل منظمات المجتمع المدنى.
وأوضح، أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، جاءت فى مؤتمر شباب العالم بشرم الشيخ، وطالب بفتح حوار مجتمعى لإعادة النظر فى القانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧، الذى لم يكن يعبر عن طموحات المجتمع المدنى، وشارك فى اعداد القانون الجديد ممثلين عن المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية والشباب وكل أصحاب المصلحة.
وعقدت العديد من الحوارات المجتمعية التى افرزت فى النهاية بسعادة العديد من خبراء المجتمع المدنى «أفضل قانون للعمل الأهلى فى مصر»، مضيفًا أنه ترتب على هذا القانون آثار ترتبت عليها مساعدة الدولة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل الهدف الأول الخاص بمكافحة الفقر، وكذا الهدف الحادى عشر، الخاص بإقامة مدن ومجتمعات محلية مستدامة.
وكذلك الهدف رقم 17 الخاص بالشراكات، المادة 92 من الباب التاسع العمل التطوعي، وحظر القانون فى المادة 15 منه أى تمييز بين المواطنين؛ مؤكدًا أن أمام المجتمع المدنى فرصة كبير للعمل فى ظل القانون الجديد، لكننا يجب أن نعترف بأن هناك بعض التحديات، وأهمها توفيق الأوضاع، فيجب أن تسرع المنظمات فى توفيق أوضاعها وفهم القانون ولائحته التنفيذية.
وقال «عقيل»، إن الاستراتيجية خصصت المحور الرابع كله للحديث عن التثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان، حيث إن التثقيف ورفع وعى المواطنين بكل حقوق الإنسان، سواءً الحقوق المدنية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، هو دور أساسى ومحورى لمنظمات المجتمع المدنى، وهذه الاستراتيجية تساعد المنظمات كلا فى تخصصه وميدان عمله، أن يأخذ منها الخطط، ويعمل على تنفيذها، على سبيل المثال، فى مجال الطفل أو المرأة أو التمكين الاقتصادى أو التمكين السياسى أو المحليات واللامركزية.
وأكد «عقيل»، أن الاستراتيجية ستفتح مجالا للعمل على إقامة الشراكات مع القطاع الخاص، وكذلك مواصلة التنسيق مع البرلمان، فى مجال مواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان؛ مضيفًا أن الاستراتيجية يمكن ان تساعد منظمات المجتمع المدنى فى وضع، وتنفذ برامج تدريبية متقدمة فى مجال حقوق الإنسان، بشأن موضوعات أكثر تخصصًا فى مجال حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوى الإعاقة، والاتجار فى البشر، والهجرة غير الشرعية.
وشدد، على أن هذه الاستراتيجية وضعت بالنهج التشاركى، مع جميع أصحاب المصلحة، كما أن الاستراتيجية وطنية وليست حكومية، وأن الاستراتيجية تؤكد مرتكزتها على تعهدات مصر الدولية ورؤية مصر 2030، ومن هنا سيفتح المجال للمجتمع المدنى لتثقيفه وتعليمة وتدريبه على ملف الاليات الدولية، والمساهمة فى التقارير الوطنية، وبالفعل قدمت مصر ثلاث تقارير، كما أن ملف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، له الأولوية، ويمكن أن يسبق بخطوة، وهذا ليس معناه إهمال ملف الحقوق المدنية والسياسية.
وأشار، إلى أن حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ، ولا يمكن التنازل عنها، وهى حقوق عالمية، ولكن أصبح هناك تمكين للمرأة؛ حيث وصلت نسبة تمثيل المرأة بالمجالس المحلية، وفقًا لدستور 2014، إلى 25% أى ما يعادل الربع، ووصلت نسبة الوزيرات فى الحكومة إلى 25% أى ربع الوزراء، ونسبة نائبات المحافظات فى 2020 بلغت 31%، ونسبة المرأة فى الوظائف الحكومية إلى 45%، إضافة إلى تعيين أول امرأة محافظا.
كما أصبح هناك تمكين للشباب؛ حيث أصبحت نسبة الشباب فى مجلس النواب هذا العام، نحو 36.2%، بواقع 216 نائبًا، وفى مجلس الشيوخ يبلغ عدد الشباب 16 نائبًا، بواقع 232 نائبًا، وأن نجح الشباب فى الحصول على 25 حقيبة، فى آخر حركة لتعديل لمحافظين، بواقع 2 محافظين، و23 نائب محافظ من أصل 39 بنسبة 64 %.
وطالب أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، بضرورة مواصلة آليات الحوار والتعاون بين الدولة ومنظمات المجتمع المدنى، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، والارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان فى إطار قائم على الشراكة والتعاون، خاصة فى ظل الإجراءات التى تتخذها الدولة، خلال الفترة الماضية، والتى تؤكد نجاح مشاركة المجتمع المدنى، وتقارب وجهات النظر، كما يجب على المجتمع المدنى العمل على الرؤية المتكاملة للأبعاد التنموية وفقًا لرؤية مصر 2030.
فى هذا السياق؛ قال الدكتور أشرف مرعى، المشرف العام على المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة؛ إن الرئيس أكد فى كلمته، اهتمام الدولة بالفئات الأولى بالرعاية، والتى يدخل من ضمنها الأشخاص ذوى الإعاقة؛ وما جاء فى بنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، يؤكد أن الدولة تقدم مفهومًا حقوقيًا جديدًا، فى الخدمات التى كفلتها للمواطن من خلال رؤية عصرية؛ بأن جميع الحقوق محفوظة ومكفولة.
وتسعى الدولة لتوفيرها والارتقاء بمستوى تقديمها كحق للمواطن؛ فى إطار الحياة الكريمة التى تسعى الدولة لتحقيقها؛ مضيفًا أن إعلان الرئيس 2022 عاما للمجتمع المدني، لهو تأكيد حقيقى على إيمان الدولة بدور المجتمع المدنى والمنظمات الأهلية فى تنمية المجتمع جنبا إلى جنب مع جهود الحكومة.
وأضاف المشرف العام على المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، أن المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، يتشرف بكونه واحدًا من الجهات التى شاركت فى إعداد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؛ باعتباره عضو فى اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، والتى يترأسها وزير الخارجية.
وشدد، على أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تتضمن عددًا من المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الإنسان فى الدولة؛ ويرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر ٢٠٣٠.
وأشاد محمد ممدوح، رئيس مجلس الشباب المصرى بالإعلان عن الإستراتيجية الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان فى مصر، والإعلان عن عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى؛ مشيرًا إلى أن إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تاكيد على رؤية الدولة فى تعزيز الارتقاء بحقوق الإنسان، وتوفير مناخ حاضن للجميع، يسمح بممارسة وتعزيز جميع الحقوق المدنية السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، مما يرسخ لمبادئ ثابتة كأساس للجمهورية الجديدة.
وأضاف، أن الإستراتيجية تكفل حرية الفكر والإبداع والتعبير، عن طريق استهداف إصدار قانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات والبيانات، وتداولها وتعزيز مناخ وثقافة التعددية والمراجعة الدورية للقوانين المنظمة لممارسة حرية التعبير، وذلك لضمان كفالة وممارسة حق الرأى والتعبير إلى جانب حماية الصحفيين والإعلامين، وذلك لم يأت من فراغ، بل جاء بناء على ما تضمنه الدستور من وجود كيانات إعلامية وصحفية تعمل بإستقلالية لضمان ممارسة عملها بحيادية كاملة دون وجود أى حظر على أدائهم لأعمالهم.
وأكد «ممدوح»، أن هذه الاستراتيجية تحقيق التنمية الشاملة لأى مجتمع لأنها عملية قائمة على إشراك جميع فئاته عن طريق تكامل الأدوار الثلاث داخل المجتمع، المتمثلين فى الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى بحيث تعمل القطاعات الثلاث من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على مواطنى الدولة.