الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

الطوب اللبن من التراث السيناوي في طريقه إلى الاندثار

الطوب اللبن
الطوب اللبن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مر السنوات.. أصبح الطوب اللبن ( النىء ) في سيناء من التراث وفي طريقه إلى الاندثار.. وهو صناعة قديمة أسّست منازل الأجداد التي أصبحت هى الأخرى في طريقها إلى الاندثار، لقد تطورت الانشاءات والمبانى في سيناء ( شأنها شأن القرى والمحافظات المصرية ) بعد أن تحولت من الطوب اللبن ( النىء ) الى الطوب الآلى الحديث والحجري.

ويقول محمود حسن الشوربجي الباحث في تاريخ سيناء وجغرافيتها وتراثها أن البيوت الطينية المبنية من الطوب اللبن أو النىء هى الجزء العتيق من مدينة العريش وقلب العاصمة الشمالية لشبه جزيرة سيناء، والتى تقع فوق ربوة تطلّ على البحر المتوسط وتمتدّ على نحو ثلاثة كيلومترات من خط وادى العريش شرقا الممتد من شمال المدينة إلى جنوبها والممتدة غربا إلى قلب أحياء مدينة العريش القديمة، وهى الأحياء السكنية التى تقع حاليا حول قلعة العريش الأثرية، والتى كان يسكنها الحضر من العائلات الحضرية بالعريش عاصمة شمال سيناء.

وتابع: إن فن المعمار قد يؤرخ لوعى الشعوب ويكرس مفاهيم التعامل مع البيئة وظروف عناصر الطبيعة، ومن هنا كانت بيوت الطين السيناوية التى ميزت أهل العريش عن باقى مدن سيناء هى دلالة على صعوبة الحياة في هذه الصحراء التى لا تنتج إلا فصلين في العام: إما برد قارس يغذيه هبوب الشمال، وإما حر لافح قاتل تهرب منه حتى الأفاعي.. ومن هنا فكّر العقل المتعامل مع هذه الصحراء كبيئة صعبة وقاسية فى إيجاد سكن يتواءم مع مناخها.. فوجد أن بيئته غنية بما يوفر له السكن المريح، وقام بتشييد بيته وبيت أسرته من الطين واستفاد من شجر البيئة ليوفر الراحة.

وأضاف أن البيوت الطينية السيناوية القديمة تعد حاليا من الآثار والتراث القديم الذى امتد إلى مئات السنوات حتى أصبح الآن نادر الوجود فى ظل التطور البنائى السريع الذى انتشر في ربوع المدينة، ولم يتبقَ من هذه الآثار إلا بيوت قليلة جدا يكاد عدّها على الأصابع، وهى من تراث المدينة القديم.

وأشار الى انتشار المنازل المبنية من الطوب اللبن في العريش قبل انتشار السيارات في السنوات قبل عام 1800ميلادية.. حيث كانت وسائل المواصلات وقتها إما الإبل أو البغال والحمير أو الخيل، وكان الأهالي يستخدمون الإبل والخيل في السفر.. بينما كان يتم استخدام البغال والحمير داخل نطاق المدينة فقط، ولعل شكل المنازل التى سيتم سردها تفصيلا تعيدنا إلى زمن الأجداد وما قبلهم في حقبة زمنية قد تكون بدائية مقارنة بالزمن الحالى، ولكنها بلا شك كانت حياة هادئة وبسيطة ورائعة تسودها السكينة والقناعة والرضا.

ومن اللافت للنظر أن بيوت الطينة الموجودة حاليا فى شوارع فرعية فى أحياء العريش القديمة كانت كلها على نمط بنائى واحد وقاعدة إنشائية واحدة.. مما يوحى بأن المدينة لم تكن يوما ما عشوائية البناء قديما.. بل كانت أبنيتها على قواعد أساسية جعلت من البنائين المختصين يتوارثون طريقة البناء والرسم الهندسى جيلا بعد جيل، وأن بالرغم من وجود منازل قليلة جدا غير كاملة من الطين في السنوات الماضية كانت تضم غرفة واحدة فقط وباقى المنزل مصنوع من سعف النخيل، ولكن الغالبية العظمى كانت على نمط بناء واحد.

وأصبح الأمر شاقا للغاية فى البحث والدراسة عن منازل طينية قديمة متبقية في أحياء العريش القديمة داخل كتلة سكنية مزدحمة بالطوابق الأسمنتية التى محت التراث القديم بلا رجعة، وذلك لبُعد هذه المنازل عن بعضها وندرتها، وتلاحظ أن أكثر الأحياء التى تقع فيها أطلال بيوت قديمة من الطوب اللبن هى الأحياء التى تجاور قلعة العريش، ومنها أحياء: الفواخرية والسمران والصفا والشرابجة والكشاف والسلايمة والأحياء الواقعة خلف ميدان الرفاعى.. فضلا عن الكتلة السكنية الواقعة جانبى مجرى وادى العريش ومن أهمها حى: أبو صقل.. تلك البيوت القديمة التى كانت عامرة بأجدادنا لمئات السنوات، وباتت في زوال الآن.