حكايات كثير عن حرمان النساء من الميراث، إلا أن المعاناة لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك من يطعن على قرار الأب بكتابة ممتلكاته لبناته قبل وفاته، ويطالبون بتقسيم ممتلكاته حتى لو كان بيت صغير يضم بنات وأمهم.
الكثير من النساء تطالب بروح الشرع ولا يعترضن على الشرع في حد ذاته، بأن يترك لهم أموال أبيهم إذا كان هذا هو سندهم في المستقبل، والكثير من الآباء يرفضن كتابة ثروتهم هبة لبناتهم إذا كانوا غير منجبين لذكور لحرمانية الأمر.
ولكن ما رأي الشرع في هذا وكيف كانت قصص الكثيرات من النساء موجعة من أقرب الأقربين.
أين نذهب بعد أخذ منزلنا؟
تقول ف.ع، فتاة ثلاثينية، أنهن ثلاث بنات وعند وفاة والدهم كان لزاما عمل إعلام الوراثة وكانت المفاجأة دخول منزلهم الذي يعيشون به ضمن نطاق الميراث على أعمامها وهو الأمر الذي شكل تهديدا لهم.
وتابعت أن الأمر استمر سنوات في شد وجذب من أجل التنازل الرسمي عن حقهم في المنزل، موضحة أن والدها رفض كتابة وصية قبل وفاته بإعطائنا البيت كهبة أو التنازل بيع وشراء لأمي باعتبارها الوصية علينا واعتبر هذا "حرمانية".
وأكدت إلى أن الأمر انتهي بأن يأخذوا نصيب أكبر في أراضي زراعية وبالمقابل كانت القطيعة من قبل أعمامها.
حكمة التعامل
،وقالت م.ص، إن أعمامها كانوا أكثر حكمة في التعامل مع تقسيم الميراث وتنازلوا عن حقهم من أجل اخوتها البنات من أجل تأمين زواجهم وإكمال مسيرة أخيهم.
وأضافت أن من عارضوا الأمر كانت "عماتها" اللاتي اشترطن أن يتم توزيع الميراث كما قال الشرع ولكن أعمامي كان موقفهم صارم في قرارهم.
مالي لبناتي
ويقول علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إنه إذا كتب الأب ماله لبناته باعتبار أن هذا نتاج وثمار عمله في الدنيا فتلك نية صحيحة طالما أنه لا يريد أن يحرم أحدا، مشيرا إلى أن كل أب يعلم احتياجات ابنائه ومستوى معيشتهم ومن حقه أن يطمئن عليهم ويستر حالهم وحال أحفاده.
وأضاف أن تصرف الأب صحيح بكتابة الميراث لبناته إذا أراد حرمان أخوته ولكن قد يشوبه الحرمانية والله أيضا هو من سيعرف نيته في الآخرة، فهناك أباء يريدن تكريم بناتهم من إشكاليات الميراث والضرائب وغيرها.
أين يأتي الحرام؟
يرد "جمعة"، أنه اذا كان يريد حرمان أحد الورثة فهذا منطلقه الحقد وليس الحب، ضاربا مثال بالنبي اذا جاء احدهم قائلا كتبت لابني كذا فاشهد عليها فقال له اشهد عليه غيري، فاني لا أشهد على ظلم"، وكان الهدف هو إغاظة اخوته غير الأشقاء ورفض النبي هذا لأنه باطل.
لماذا الأعمام وهذا مال أبي؟
ويرد جمعة عن اشكالية " لماذا الأعمام وهذا مال أبي"، يرد "جمعة" أن هناك نظام نص عليه الإسلام تطلب من عمها وأخيها وابن أخيها النفقة، وفي حالة أنها غنية او مستقلة قد لا تطلب، لكن إذا ذهبت للقضاء بأن عمها لا يصرف عليها بعد وفاة أبيها سيكون لها نفقة منه، ولكن هذا النظام لا يطبق.
وأشار إلى أن هناك نساء يحرمن من الميراث لو كان أرضا، وهناك أشياء كثيرة لا يرضى عنها الشرع لأنها ظالمة.
ما جواز كتابة ممتلكات الأب لبناته؟
وتوافقه دكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بالأزهر" أنه يجوز للأب أن يتصرف في أمواله وممتلكاته طالما حي يرزق، قائلة "حاجته وهو حر فيما يمتلك وده قراره".
وأشارت، في تصريحات خاصة، أنه اذا كان في نيته حرمان أخوته من الميراث فتلك "شبهة" عليه اجتنابها، أما اذا كانت نيته تأمين مستقبل بناته قبل وفاته فهذا حقه.
درأ الخلافات بين أبنائه
وتابعت قائلة "أو اذا كان درأ الخلافات بين أبنائه التي ستحدث بعد وفاته على الميراث بكتابته وتقسيم ممتلكاته فهذا أمر يرجع له ويجوز ولا يخالف الشرع".
وعن هل ملزم للأعمام المساهمة في الإنفاق على بنات أخيهم المتوفي، أكدت آمنة أن هذا غير ملزم شرعا بل من المرؤة أن يقوموا بهذا.