أغلقت أغلب محطات الوقود أبوابها في مختلف أنحاء لبنان وسط بوادر لأزمة نقص حادة في البنزين، بالتزامن مع ميلاد الحكومة الجديدة التي صدر المرسوم الرسمي بتشكيلها بعد فراغ حكومي دام لأكثر من 13 شهرا، استمرت خلالها الحكومة المستقيلة برئاسة الدكتور حسان دياب في تصريف الأعمال بصلاحيات محدودة لأطول فترة في تاريخ لبنان.
ويخشى اللبنانيون أن تتكرر أزمة النقص الحاد في الوقود الذي شهدته لبنان خلال الشهر الماضي، بعد إعلان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في 11 أغسطس تحرير سعر الدولار المستخدم في استيراد المشتقات البترولية، وفقا لسعر السوق الذي يتراوح حاليا من 16 إلى 17 ألف ليرة لكل دولار، وذلك بعد أن ظل يحتسب بسعر 3900 ليرة لكل دولار منذ أواخر يونيو الماضي.
ولم تتحلحل أزمة النقص الحاد في الوقود إلا في الحادي والعشرين من أغسطس، وهو اليوم الذي شهد اتفاقا بالإجماع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال أنذاك حسان دياب وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ووزيري المال والطاقة في الحكومة المستقيلة على قيام مصرف لبنان بفتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي باحتساب سعر الدولار على 8 آلاف ليرة، على أن تتحمل الحكومة فارق قيمة سعر الصرف بين سعر السوق (16 ألف ليرة للدولار تقريبا) وبين السعر الذي ستعتمده الحكومة في جدول أسعار بيع الوقود، والذي يتم تحديده وفقا لسعر صرف 8000 ليرة لبنانية للدولار، وذلك على أن يتم تسديد هذه الفروقات بموجب اعتماد في موازنة العام المقبل، وقضى الاتفاق بأن يقدم مصرف لبنان المركزي دعما حده الأقصى 225 مليون دولار أمريكي حتى نهاية الشهر الجاري.
ومنذ موافقة مصرف لبنان على فتح اعتمادات للبواخر لتفرغ حمولتها من الوقود لتوفيره في الأسوأ، لم تخل محطات البنزين التي فتحت أبوابها من الطوابير التي تمتد لمئات الأمتار يوميا من أجل الحصول على الوقود، وسط مشادات بين المواطنين تطورت في بعض الأحيان إلى أعمال عنف على أحقية الحصول على الوقود، فيما اعتبر البعض أن هناك أشخاصا تقوم بالوقوف في الطوابير للحصول على الوقود لتفريغه في خزانات والعودة للطابور مرة أخرى، وذلك إما لتخزينه أو لبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة عن السعر الرسمي.
وفي غضون ذلك، كثفت الأجهزة العسكرية والأمنية بلبنان من جهودها لضبط مخزني الوقود والممتنعين عن بيعه وشبكات التهريب، ورغم الآمال باستمرار تدفقات الوقود في المحطات حتى نهاية شهر سبتمبر وفقا للاتفاق، إلا أنه وبعد مرور 11 يوما فقط من الشهر، عادت بوادر أزمة الوقود من وسط حديث عن اتجاه الحكومة الجديدة لرفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات خلال الأسبوع الذي يبدأ غدا الاثنين في لبنان، وخصوصا مع إقرار ضوابط استخراج البطاقات التموينية لدعم الأسر الفقيرة.
ووفقا للأسعار المعلنة حاليا ولآلية الدعم، يبلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 126 ألفا و400 ليرة وصفيحة بنزين 98 أوكتان 130 ألفا و500 ليرة وصفيحة المازوت 98 ألفا و600 ليرة وأسطوانة الغاز 92 ألف ليرة.
ويأمل اللبنانيون أن تتخذ الحكومة الجديدة إجراءات لاحتواء الأزمة التي تؤدي إلى ما يشبه الشلل في الحياة بلبنان الذي يعاني من عدد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.