الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فرص مصر في السياحة التعليمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحدثت من قبل عن السياحة العلاجية، وكيف ان مصر من أول الدول المؤهلة لجذب العدد الاكبر من المرضي، من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذين يقصدون الدول الأوربية وأمريكا للعلاج. 

اليوم نناقش فرص مصر في اجتذاب العدد الأكبر من الطلاب الوافدين، وفي زيادة الدخل القومي بمعدل يقارب ١٠٪؜ من السياحة التعليمية، خاصة بعد الاستقرار السياسي والامني، وبعد افتتاح هذا العدد الكبير من الجامعات الدولية والاهلية والخاصة. بالإضافة الي المدن الجديدة والعاصمة الادارية الجديدة والنهضة الكبري في طرق المواصلات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكلها عوامل جذب للطلاب الوافدين.
الموقع الجغرافي الفريد، والاستقرار السياسي والامني، واعتدال المناخ، والتاريخ المتفرد في الحضارة الإنسانية، كلها عوامل جذب للسياحة بصفة عامة. ولكن السياحة التعليمية لها متطلبات أخري، تتعلق بالسمعة الأكاديمية للجامعات، وبجودة التعليم، وتطور الجامعات تكنولوجيا، وتوفر الادارة المرنة والاستجابة السريعة لمتطلبات الطلاب. وحسب كل التقارير الدولية، فقد حققت مصر طفرة غير مسبوقة في انشاء وتشغيل عدد كبير من الجامعات الذكية.
(smart universities)، في كل من سيناء والجلالة والعلمين والمنصورة الجديدة، واجتذاب برامج جديدة متطورة تواكب متطلبات سوق العمل. كما تم افتتاح افرع للجامعات الدولية المرموقة، منها جامعات مصنفه ضمن احسن جامعات العالم، وكليات من افضل كليات العالم مثل كلية لندن في الاقتصاد. 
(London School of Economics).
كل هذه العوامل تجعل مصر منافسًا قويًا في سوق السياحة التعليمية وفي اجتذاب الطلاب الوافدين.
وشخصيًا، كانت عندي فرصة للتعرف علي طرق جذب الطلاب الوافدين، اثناء البعثة للحصول علي الدكتوراه من جامعة مانشستر بين أعوام ١٩٩٧-٢٠٠٣. شاهدت كيف تُسخر الجامعة كل إمكاناتها لراحة الطلاب، وكيف تستجيب لطلباتهم وتنهي مشاكلهم في اسرع وقت ممكن. لفت نظري ان الجامعة كانت ثاني اكبر مصدر للدخل لمدينة مانشستر من خلال هذا العدد الكبير من الطلاب الوافدين من جميع دول العالم. من مصر، علي سبيل المثال، كنا اكثر من ٥٠ مبعوث. من الخليج، كان هناك فصول من الطلاب تدرس اللغة الانجليزية، وتستعد لعمل الاختبار المتقدم (A level) استعدادًا للدخول الي كلية الطب. كانت الجامعه تجتذب افضل الطلاب الافارقة بمنح مجانية تقدمها لهم. في أول ايام بعثتي، شعرت بالغيرة من هذا الذكاء من الجامعة في اجتذاب عشرات الآلاف من الطلاب من كل دول العالم وفي جعل جامعة مانشستر متعددة الاعراق (Cosmopolitan). أتذكر انني قمت بكتابة خطاب الي المستشار الثقافي المصري في لندن (الاستاذ الدكتور سمير الصياد، الذي اصبح وزيرا بعد ثورة يناير ٢٠١١)، أوضح فيه فكرة انشاء جامعة حديثة في مصر تجتذب الطلاب والطالبات الوافدين، خاصة من الدول العربية وافريقيا. واتذكر انني كتبت ان افضل مكان لهذه الجامعة هي مدينة اسوان، بحيث تكون ملتقي لكل الطلاب من مصر وافريقيا. هذا الخطاب اظن انه مازال في المكتب الثقافي المصري في لندن أو الملف الخاص بي في ادارة البعثات.
ولجامعة المنصوره، تجربة مميزة في اجتذاب الطلاب الوافدين منذ ان قرر الدكتور هاني هلال انشاء البرامج المتميزة في الجامعات الحكومية سنة ٢٠٠٦. وسنحت لنا الفرصة في إنشاء برنامج تعليم طبي متميز بالتعاون مع جامعة مانشستر. هذا البرنامج نجح في اجتذاب الطلاب الوافدين من اكثر من ٢٠ دولة، خاصة من ماليزيا والدول العربية. ومن الطريف ان البرنامج تعرض للتوقف التام بعد احداث ٢٥ يناير ومابعدها بسبب عدم الاستقرار السياسي والانفلات الامني. اتذكر قيام بعض البلدان بترحيل طلابها وعودتهم الى بلادهم. اتذكر كذلك ماحدث بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حيث كان عندنا تبادل طلابي مع جامعة مانشستر يتكون من ٤ طالبات، ثلاثة انجليز وواحدة من السعودية. يوم ٣ يوليو، طلبني مدير البرنامج في مانشستر وطلب ترحيل الطالبات بشكل عاجل بناءً علي طلب السفارة البريطانية في القاهرة، واستعداد السفارة للتعاون معنا لانجاز المهمة. بذلنا في طب المنصورة مع الجهات الأمنية مجهودا خارقًا لتسفير الطالبات ليلًا الي مطار القاهرة. ولحسن الحظ كان هناك ٣ اماكن شاغرة علي احد خطوط الطيران المتجهة الي لندن، والطالبة الرابعة قررت الذهاب الي الرياض لزيارة اسرتها.
اليوم، وبعد ماشهدته مصر من استقرار سياسي وامني، وبعد افتتاح هذه الجامعات الحديثة،  وفي اماكن مختارة بعناية تتوفر فيها الامان والجمال. وفي ظل توجيه القيادة السياسية في اتخاذ مايلزم بأن تكون مصر مركزًا لجذب الطلاب الوافدين. ونشاط وزارة الدكتور مدبولي، والوزير ا د خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي، وبدعم من وزارتي السياحة والداخلية، للقيام بحملة دعاية خارجية، وتسهيل اجراءات الحصول علي تأشيرة الدخول والاقامة، ونشاط المكاتب الثقافيه المصرية في الخارج، واقامة معارض خارجية والتوسع في نشاط الادارة العامة للوافدين، اتوقع بإذن الله تعالي ان تنجح مصر في اجتذاب العدد الاكبر من الطلاب الوافدين، وان يكون لنا النصيب الاكبر في الكيكة التي تتنافس عليها دول كثيرة في المنطقة.