مار مرقس أو مرقص وبالعبرية "מרקוס ماركوس" ويطلق عليه اسم مرقس البشير، كان الكاتب للسفر الثاني من العهد الجديد إنجيل مرقس ولذلك يلقب بالإنجيلي. يعتبر بحسب التقليد الكنسي الإسكندري البطريرك الأول (55 ـ 68) أو (43-963).
ويظهر المسيح في الإِنجيل الذي دوَّنه مرقس بمظهر المُخَلّصِ الذي جاء ليفدي الإِنسان. فبدافع محبته الفائقة، نراه ينهمك في أعمال الرحمة؛ فيسدُّ حاجة الإِنسان، ويخفِّف من أَحزانه، ثم يبذل نفسه فدية عنه. ومن هنا تركيز مرقس على معجزات المسيح أكثر من تركيزه على تعاليمه.
ليبيا كانت أول موطن للدعوة المسيحية في القارة الأفريقية، على يد القديس مرقص القادم من صحبة المسيح عبر اليونان، ثم انطلق ليضع اللبنة الأولى للأرثوذكسية في مصر، لكنه سريعًا ما عاد إلى ليبيا ثانية بعدما قد خاف الكهنة منه فقد انتشرت المسيحية بقوة أي ان المصرييين آمنوا بقوة بالمسيحية بأكملهم، وليموت في مصر.
ولد في قورينا بإقليم برقة في ليبيا.
ابن أخـت برنابا، أقيم العشاء الأخير في بيته
جاء إلى مصر سنة 55 م وكرز فيها.
أسس في مصر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكان أول بطريرك لها، رسم إنيانوس أسقفا، واستشهد عام 68 م
جسد القديس مار مرقس
سُرق جسد القديس مار مرقس الرسول من الإسكندرية وذهبوا به إلى إيطاليا. لكن استعادت الكنيسة القبطية جسده عام 1968 في أيام البابا كيرلس السادس.
في صباح الأربعاء 26 يونيو 1968 احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية المرقسية، وفي نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مارمرقس إلى حيث أودع في مزاره الحالى تحت الهيكل الكبير في شرقية الكاتدرائية.
عصور الاضطهادات
إن المشكلة الأساسية التي عانت منها الكنيسة المسيحية في القرنين الثاني والثالث تمثلت في الاضطهادات الرومانية من قبل الإمبراطورية الرومانية؛ فمنذ صدور مرسوم طرد المسيحيين من روما نحو العام 58 وحتى العام 312 عانى المسيحيون من شتى أنواع الاضطهاد كان أقساها اضطهاد نيرون الذي شمل حريق روما، دومتيانوس الذي استمر سبعة وثلاثين عامًا.
واتخذت بداية هذا الاضطهاد أصل التقويم المعروف باسم التقويم القبطي أو المصري، وحسب مراجع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقد قتل مئات الآلاف خلال هذا الاضطهاد، تراجان، ماركوس أوريليوس، سبتيموس سيفيروس، ماكسيمين، ديكيوس، جالينوس، أوريليان، دقلديانوس وهي ما تعرف عمومًا في التاريخ المسيحي باسم الاضطهادات العشر الكبرى.
حيث تعارضت التعاليم المسيحيَّة مع المفاهيم الرومانيَّة الوثنية المُتعلِّقة بِتأليه الإمبراطور وعبادته، ورفض المسيحيين الخدمة في الجيش الروماني، واتخذوا الأحد أوَّل أيَّام الأُسبوع لِيكون فُرصةً لِمُباشرة طُقوسهم الدينيَّة.
لِذلك رأت الحُكومة الرومانيَّة أنَّ اعتناق المسيحيَّة هو جُرمٌ في حق الدولة، وعدَّت المسيحيين فئة هدَّامة، تُهدد أوضاع الإمبراطوريَّة وسلامتها، فمنعت اجتماعات المسيحيين، ونظَّمت حملات الاضطهاد ضدَّهم.
وبدأت هذه الحملات ضدَّ مسيحيين مصر أثناء حُكم الإمبراطور سپتيموس سڤيروس (193- 211م). وظلَّ هؤلاء يتعرَّضون لاضطهادٍ كبيرٍ، وتسامُحٍ قليلٍ إلى أن تولّى دقلديانوس (284- 305م) عرش الإمبراطوريَّة، حيثُ بلغ اضطهادُ المسيحيين حدَّهُ الأقصى.
قاوم المسيحيّون في مصر هذا الاضطهاد بِقُوَّةٍ وعناد، وقد انبثقت عن هذه المُقاومة حركةً قوميَّة أخذت تنمو تدريجيًّا، وليس أدلَّ على ذلك من أنَّ الكنيسة القبطيَّة بدأت تقويمها، الذي سمَّتهُ «تقويم الشُهداء»، بالسنة الأولى من حُكم دقلديانوس، وذلك نتيجةً لِما خلَّف الاضطهاد من أثرٍ كبيرٍ في نُفوس المصريين.
وتحسَّن وضع المسيحيين في مصر بعد أن اعترف الإمبراطور قُسطنطين الأوَّل بالمسيحيَّة دينًا مسموحًا به ضمن الديانات الأُخرى في الإمبراطوريَّة، بِموجب مرسوم ميلانو الشهير في سنة 343م، ثُمَّ بعد أن أصبحت المسيحيَّة الدين الرسمي الوحيد للإمبراطوريَّة في عهد الإمبراطور ثيودوسيوس الأوَّل 379 - 395م.
الإمبراطورية البيزنطية
لم تنعم مصر طويلًا بالنصر الذي أحرزتهُ المسيحيَّة، إذ ثار الجدل والنزاع مُنذُ أيَّام قُسطنطين الأوَّل بين المسيحيين حول طبيعة المسيح، وقد تدخَّل قُسطنطين الأوَّل في هذه النزاعات الدينيَّة البحتة وعقد مجمع نيقية سنة 325م من أجل ذلك، وناقش هذا المجمع مذهب يدعة القس آريوس السَّكندري، وتقرَّر بُطلان مذهبه.
واتَّخذ مُعظم الأباطرة الذين جاءوا بعد قُسطنطين الأوَّل موقفًا عدائيًّا من مُعتقدات المسيحيين في مصر، ممَّا أدَّى إلى احتدام الجدال والنزاع الديني بين كنيستيّ الإسكندريَّة والقُسطنطينيَّة، وقد بلغ أقصاهُ في مُنتصف القرن الخامس الميلاديّ حينما اختلفت الكنيستان حول طبيعة المسيح.
كما حرموا ديسقوروس بطريرك الإسكندريَّة حرمانًا كنسيًّا. لم يقبل ديسقوروس ولا مسيحيو مصر ما أقرَّهُ مجمع خلقدونيَّة وأطلقوا على أنفُسهم اسم «الأرثوذكس» أي أتباع الديانة التقليديَّة الصحيحة، وعُرفت الكنيسة المصريَّة مُنذ ذلك الوقت باسم «الكنيسة القبطيَّة الأرثوذكسيَّة»، ومال المصريّون إلى الانفصال عن الإمبراطوريَّة، فأعلنوا التمرّد.
وكانت أولى مظاهره إلغاء كنيسة الإسكندريَّة استخدام اللُغة اليونانيَّة في طُقوسها وشعائرها واستخدمت بدلًا منها اللُغة القبطيَّة وسُرعان ما تطوَّرت الأُمور في الإسكندريَّة إلى قلاقل دينيَّة عنيفة اتخذت صفة الثورات الوطنيَّة، تعرَّض خلالها المصريّون لِأشد أنواع الاضطهاد ولم تقمعها السُلطات إلَّا بعد أن أراقت دماء كثيرة.
وعندما استولى هرقل على الحُكم، رأى أن يُنقذ البلاد من الخِلاف الديني، وأمل المصريّون بانتهاء عهود الاضطهادات وإراقة الدماء، لكنَّ النتيجة جاءت مُخيبة للآمال مرَّة أُخرى، إذ عهد هرقل بالرئاسة الدينيَّة والسياسيَّة في مصر للمُقوقس، وطلب منه أن يحمل المصريين على اعتناق مذهبٍ جديدٍ مُوحَّد يُوفِّق بين المذهبين الخلقدوني والمونوفيزي، هو المذهب المونوثيلستي.
غير أنَّ كنيسة مصر رفضت هذا المذهب رفضًا قاطعًا، فاضطرَّ المُقوقس للضغط على المصريين وخيَّرهم بين أمرين: إمَّا الدُخول في مذهب هرقل الجديد وإمَّا الاضطهاد. وقبل أن يصل الحاكم الجديد إلى الإسكندريَّة في سنة 631م هرب البطريرك القبطي بنيامين الأوَّل، توقُعًا لِما سيحلُّ به وبطائفته.
وكان هذا القرار نذيرًا أزعج المصريين وأفزع رجالُ الدين منهم، وبخاصَّةٍ أنَّهُ كان لِهذا البطريرك مكانة مُحببة بين الأهالي. ممَّا كان لهُ أثرٌ في سُهولة فتح المُسلمين لِمصر حيثُ وقف السُكَّان، بشكلٍ عام، على الحياد في الصراع الإسلامي- الرومي على مصر.