أصبحت حركة طالبان أمرا واقعا، بعد أن أحكمت سيطرتها على معظم الأراضي الأفغانية، وسط الحديث عن صفقات أبرمتها مع القوى الكبرى في العالم، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يتم السماح لها بالظهور، وتقديم نفسها كنظام حكم، يمثل الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة، فما هي احتمالات نجاح الحركة في ترسيخ دعائم حكمها؟
يرى عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن العالم لن يقبل بوجود طالبان على رأس الحكم في أفغانستان، إلا إذا قدمت الحركة تنازلات لها علاقة بالمبادئ العقائدية التي تعتنقها، ما يدفع باتجاه توقع نشوب صراع داخلي في الحركة قد يقود لتفجر حرب أهلية طاحنة في أفغانستان.
ومضى فاروق لشرح توقعه قائلا إن أبرز التعهدات التي قدمتها الحركة، في اتفاقها مع الولايات المتحدة، هو السماح للمجتمع الدولي بإقامة علاقات اقتصادية وثيقة مع حكومة طالبان، بشكل يسمح للدول الكبرى بالاستفادة من موارد الدولة الأفغانية، ولا سيما ما تملكه من ثروة معدنية هائلة.
وأوضح فاروق، أن إقامة علاقات مع إسرائيل، وعدم تهديدها، ولو بالتصريحات العدائية، يمثل تعهدا آخر مجبرة عليه طالبان، مع السماح بمساحة من الحكم المدني، يقدم مرونة مطلوبة في التعامل مع دول العالم غربا وشرقا، لتبادل المصالح التي لا تتفق مع أسس الشريعة الإسلامية.
ولفت فاروق إلى أن طالبان تواجه تحديا مهما، وهو التحول من اقتصاد الجماعات المتطرفة، الذي اعتمد على التهريب المخالف للقانون الدولي، وكذلك على تجارة الممنوعات، إلى اقتصاد مشروع قائم على أفكار اقتصادية يعترف بها العالم، مما يجبرها أيضا على مد جسور العلاقات الاقتصادية تجاريا وماليا مع مختلف الدول.
وتساءل فاروق: "هل ستقبل طالبان أن يكون لديها بنوك تعمل وفق القواعد الدولية، التي تعترف بالفوائد الربوية، وهي من أهم أسباب تكفير الجماعات المشابهة لها، لأنظمة الحكم الأخرى في مختلف الدول الإسلامية؟".
وأضاف: "كيف ستتعامل طالبان مع المعاهدات الدولية، التي لا تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية، فيما يتعلق بالحقوق الدبلوماسية، وفكرة المستأمن والمحارب ودار الكفر ودار الإيمان، وغيرها من الإشكاليات التي لم تجد حلولها على مدار سنوات طويلة"، مشددا على أن تنازل طالبان عن المبادئ الأساسية التي صنعت منها حركة إسلامية لها أتباع، أوصولها إلى الحكم، قد يؤدي بها إلى مواجهة خطيرة مع عناصرها، يدفع الدولة الأفغانية إلى صراع مسلح جديد، لكن هذه المرة بين الحركة بعد أن تحولت إلى نظام حكم، وعناصرها الذين سيتمردون عليها، وربما يكفرون قادتها.
وألقى فاروق الضوء على تكفير تنظيم داعش لحركة طالبان، لمجرد أنها قررت فتح سفارات لها لدى أنظمة الحكم الكافرة في رأي داعش، معتبرا ذلك دليل قوي على الصراع الذي من المتوقع أن يندلع داخل طالبان نفسها، بين التيار الأكثر تشددا داخلها، وقياداتها.
وقال: "داعش اتهم تنظيم القاعدة بأنه من المرجئة، لتحالفه مع طالبان الكافرة، وهو ما يمثل تشكيكا في عقيدة الحركة، معتبرا أن قادتها من أئمة الكفر والضلال".
وتابع: "بالطبع رد تنظيم القاعدة بالمثل، وأعلن تكفيره لتنظيم داعش، متهما إياه بإراقة دماء المسلمين لخلافة وهمية مزعومة، لم تأت إلا بالشر على الإسلام والمسلمين، بحسب تنظيم القاعدة".
ولفت فاروق إلى أن تنظيم القاعدة، طالب بالجهاد ضد داعش، باعتباره ممثلا للخوارج.
سياسة
خبير يتوقع انهيار طالبان واندلاع حرب أهلية في أفغانستان
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق