منذ ما يقرب من 20 عاما، التف جميع البشر فى العالم، حول شاشات التليفاز، فى ترقب واندهاش لما يحدث فى أكبر دولة بالعالم، من هجمات، نفذها إرهابيون بعدما تمكنوا من الاستيلاء على 4 طائرات كانت تحلق شرقى الولايات المتحدة، واستخدموا طائرتين فى ضرب مركز التجارة العالمى بنيويورك، وتدمير الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأمريكية، وسقطت الطائرة الرابعة بعدما فشلت فى تحقيق هدفها وهو تدمير مقر مجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين.
هذه الأحداث المرعبة غيرت العالم بعدها، فى كل السياسات والنواحى، بعدما أسفرت هذه الأحداث الإرهابية عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، مما جعل أمريكا تسعى للانتقام بشكل ما أسمته بالحرب على الإرهاب.
بعد ٢٠ عاما «البوابة»، تناقش كيف غيرت ١١ سبتمبر منطقة الشرق الأوسط؟.. وماذا لو لم يكن هناك ١١ سبتمبر؟، منطقة الشرق الأوسط كيف كانت وكيف أصبحت؟.
فى البداية، كشف مدير مكافحة الإرهاب فى عهد بوش الابن، السفير جون بروس كريج، إن الإدارة الأمريكية، اكتشفت أن أسامة بن لادن خطط وشن هجمات ١١ سبتمبر، من أجل خوض حرب مع أمريكا، وكان يأمل أن يفوز بها، ليس فى ميدان المعركة ولكن بالهزيمة الاقتصادية والسياسية الشاملة بسبب تكلفة الحرب والاضطراب السياسى الذى قد تسببه الحرب، مضيفا أن هذه الخطة موجودة فى وثائق سياسة القاعدة التى تم الاستيلاء عليها فى أفغانستان وفى التعليمات الموجودة على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بقيادة القاعدة والتى تم الاستيلاء عليها أيضًا فى الأشهر القليلة الأولى من تحرير أفغانستان من قبل القوات العسكرية الأمريكية.
وأشار مساعد الرئيس الأمريكى جورج بوش لـ«البوابة»، إلى أن بن لادن حلل أن معركته ضد الاحتلال السوفيتى أدت إلى سقوط الإمبراطورية السوفيتية، بعدما كلف القتال فى أفغانستان ضد الجيش السوفيتى والقوات الجوية الاتحاد السوفيتى، مليارات الدولارات، وساهم بشكل كبير فى خلق معارضة سياسية أدت إلى سقوط الإمبراطورية.
ولفت إلى أن «بن لادن»، قرر أن يجر الولايات المتحدة إلى صراع مماثل فى أفغانستان، متوهما أنه يحقق نفس النتيجة، أى الانهيار الاقتصادى والسياسى للولايات المتحدة، لذلك وضع خطة للهجوم صعبة للغاية لدرجة أن الولايات المتحدة ستضطر لمهاجمة أفغانستان، وإرسال مئات الآلاف من القوات والأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والمروحيات.
ونوه إلى أن خطة القاعدة تهدف إلى جذب الأمريكيين إلى أفغانستان، وجعلهم يعتقدون أنهم قد انتصروا، فى غضون ذلك، سيختفى المقاتلون الأفغان الأكثر ذكاءً فى الكهوف وأماكن الاختباء تحت الأرض، لافتا إلى أن القاعدة خطط للسماح لأمريكيين باحتلال أفغانستان سنة أو حتى سنتين، ثم خططوا للهجوم من مخابئهم والتسبب فى هزيمة كبيرة فى كل من أفغانستان والولايات المتحدة من خلال خلق فوضى اقتصادية وسياسية.
وكشف أن «بن لادن» كان محقًا فى اعتقاده أن هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ ستجبر الولايات المتحدة على الانتقام، خاصة عندما تفكر فى عواقب الهجمات المخطط لها ولكن غير الناجحة على مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، لافتا إلى أن الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم تصرفوا بسرية لا تصدق، لدرجة أنه بعد الهجمات، ولأكثر من عام، حقق مكتب التحقيقات الفيدرالى فى الصلات بين الإرهابيين وأى شخص فى الولايات المتحدة، لم يكتشف هذا التحقيق أبدًا أى صلة بأى شخص فى الولايات المتحدة، وهذا يعنى أن بن لادن والقاعدة تصرفا بشكل مستقل من أجل إجبار الولايات المتحدة على مهاجمة التنظيم فى أفغانستان.
ولفت إلى أن بن لادن، ظن أنه قادر على تدمير ليس فقط الأسرة الحاكمة السعودية ولكن أيضًا الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن القاعدة قتلت مسلمين فى حربها على «الغرب» أكثر مما قتلت غير المسلمين، والمشكلة ليست ١١ سبتمبر ٢٠٠١، المشكلة هى القاعدة وانحرافها عن الإسلام ليناسب غاياتها.
وأشار إلى أن قرار تحرير العراق من صدام حسين، اتخذ لحماية الشعب العراقى الذى عانى من هجمات كثيرة من قبل الديكتاتور، كان من المأمول بعد الإطاحة بالديكتاتور أن يتمكن العراق من متابعة الإصلاح السياسى وتحقيق التقدم الاقتصادى، لسوء الحظ، وبسبب التأثيرات الأجنبية، ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء كبيرة فى أعقاب سقوط صدام، وكنا نأمل ألا تحدث هذه الأخطاء.
هجمات غيرت التاريخ
وكشف سلام عبدالصمد، خبير حقوق الإنسان ومستشار قانونى لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين، أن هجمات ١١ سبتمبر، أسفرت عن مقتل نحو ٣٠٠٠ شخصا، غيَّرت مجرى الحياة بأمريكا وحول العالم، حتى بات المؤرخون والسياسيون يصفون مشهد الأحداث فى العصر الحديث بما هو قبل وبعد أحداث ١١ سبتمبر، فمنذ هذه اللحظة، وقَّع الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش قانون «باتريوت USA Patriot Act»، لتعزيز الأمن الداخلى والحدودى وتوسيع جهود المراقبة لكشف الإرهاب، وخضعت المطارات لقواعد تفتيش وأمن جديدة وصارمة، وذهبت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حربين هما الأطول فى تاريخ حروب العصر الحديث، إذ أرسلت قواتها إلى أفغانستان فى ٢٠٠١، وغزت العراق فى ٢٠٠٣.
ولفت إلى زيادة الكراهية ضد المسليمن والعرب، لافتا إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي» أكد أن عدد الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية ضد المسلمين ارتفع من ٢٨ جريمة فى عام ٢٠٠٠ إلى ٤٨١ فى عام ٢٠٠١ أى بزيادة تمثل ١٧ ضعفا، لا سيما أيضا أفادت «اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز» بوقوع ما يزيد على ٦٠٠ من الجرائم المرتبطة والمرتكبة بدافع الكراهية ضد العرب، والمسلمين، ومن يُظن أنهم من العرب أو المسلمين، مثل السيخ والقادمين من جنوب آسيا.
زيادة حدة التطرف
وقال السفير محمود راشد غالب، مدير إدارة حقوق الإنسان والمجتمع المدنى بالجامعة العربية الأسبق، إن تنظيم القاعدة كان يعمل بشكل مركزى فى أفغانستان وباكستان، وبعدها تحول إلى العالم كله، ونفذ عدة هجمات فى أماكن مختلفة من العالم، خاصة فى آسيا وأفريقيا، مشيرا إلى أنه بعد مرور ٢٠ عامًا من الوجود الأمريكى فى أفغانستان إلا أن شيئا لم يحدث، فطالبان أصبحت المتحكمة فى كل الأمور الآن.
وأشار «راشد»، إلى أن عدة تنظيمات خرجت من رحم تنظيم القاعدة الذى دمرته أمريكا، أبرزها «داعش»، الذى سيطر على بلدان كثيرة فى العراق وسوريا، وطال بعمليات إرهابية العديد من الدول.