كانت القارة الأفريقية، أكثر المتأثرين بأزمة تغير المناخ خلال الأشهر القليلة الماضية، التى شهدت فيضانات وجفافا وموجات حر وحرائق ومجاعات اجتاحت بلدان القارة السمراء، وهناك تقارير عديدة عن التكلفة البشرية لتغير المناخ والأسباب المحتمل.
ونشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، تقريرا عن تلك الأزمة استطلعت خلاله آراء العديد من الخبراء فى التغير المناخى حيث قال ناشط المناخ النيجيرى الجنسية أولادوسو أدينيك: «إن العالم يهتم بما يحدث فى ألمانيا من فيضانات، وعاصفة البرد فى إيطاليا، والعاصفة الرملية فى الصين، لكن أفريقيا لا تحظى باهتمام إعلامى كبير».
وأضاف: «قد يستغرق الأمر أسابيع أو شهورًا حتى نحصل على هذا النوع من الاهتمام، وهذا يؤثر علينا بشكل غير متناسب لأن تسليط الضوء سيساعد العالم على معرفة ما تواجهه أفريقيا».
فى السياق نفسه؛ قالت الناشطة الأوغندية، فانيسا ناكاتى: «أزمة المناخ هى حقيقة واقعة بالنسبة لنا جميعًا فى بلدنا، وهى لا تقتصر فقط على الكوارث الأوروبية"؛ مضيفة «أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، كانت هناك حرارة قاتلة وحرائق غابات فى الجزائر، وفيضانات مدمرة فى بلدان مثل أوغندا ونيجيريا وظروف جفاف شديدة فى جنوب مدغشقر، مما أدى إلى مجاعة واسعة النطاق».
وأشارت إلى أنه «على الرغم من عدم إجراء دراسات حول الدوافع المحددة لهذه الأحداث، فقد خلص تقرير حديث من هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، إلى أن تغير المناخ بفعل الإنسان يؤثر بالفعل على العديد من الظواهر المناخية المتطرفة فى كل منطقة فى جميع أنحاء العالم».
وقال الدكتور لوك هارينجتون، الباحث البارز فى علوم المناخ، بجامعة فيكتوريا فى ويلينجتون فى نيوزيلندا: «إن تواتر موجات الحر الشديدة بشكل غير عادى يتزايد بسرعة فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بسبب تغير المناخ».
وأضاف «هارينجتون»: «لسوء الحظ، ما زلنا نقوم بعمل سيئ فى تحديد متى تحدث الظواهر المتطرفة المرتبطة بالحرارة فى أجزاء مختلفة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى».
يذكر أن الدكتور هارينجتون شارك العام الماضى، شارك فى كتابة بحث يحذر من أن درجات الحرارة الشديدة فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لا يتم الإبلاغ عنها حاليًا بشكل مزمن، وذكر أن أكبر قاعدة بيانات لأحداث الطوارئ فى العالم لاحظت موجتين حرارتين فقط فى أفريقيا جنوب الصحراء منذ بداية القرن العشرين.
ويقول الدكتور هارينجتون إن قلة الإبلاغ عن موجات الحر فى أفريقيا جنوب الصحراء يمكن أن يعرض الناس للخطر، لأن السجلات مطلوبة لفهم عدد الأشخاص الذين يموتون فى ظواهر الحرارة الشديدة. وأكد أنه بدون هذه المعلومات، سيكون صانعو السياسات أقل قدرة على وضع تدابير لمساعدة الناس على التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة القصوى.
وأوضح «فى تصريحات لـ«الاندبندنت» أنه «لم يتم إجراء أى تقييم رسمى لدور أزمة المناخ فى الفيضانات الأخيرة فى أفريقيا، وتتأثر أجزاء كثيرة من دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء أيضًا بدوافع معقدة لتقلب المناخ».
وأضاف «وتشمل هذه الدوافع ظاهرة النينيو، وهى ظاهرة مناخية دورية تؤثر على معظم أنحاء العالم، وفى أفريقيا، ترتبط ظروف النينيو بزيادة هطول الأمطار فى المناطق الشرقية وانخفاض هطول الأمطار فى المناطق الجنوبية والغربية».
ويقول الدكتور هارينجتون إن ظاهرة النينيو هى مجرد واحدة من العديد من الأحداث المناخية التى تؤثر على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويمكن لكل منها زيادة أو تقليل فرص رؤية الجفاف أو الفيضانات فى منطقة معينة اعتمادًا على المرحلة التى تمر بها».
ويضيف: «هذا يعنى أنه سيكون من الصعب اكتشاف أى إشارة لتغير المناخ فى هذه المناطق نظرًا لوجود الكثير من» الضوضاء «فى نظام المناخ للتغلب عليها».
واجتاحت موجة حارة شديدة تسمى «لوسيفر» شمال أفريقيا وجنوب أوروبا فى أغسطس المنصرم، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى ٤٧ درجة مئوية فى بعض أجزاء الجزائر، وأشعلت الحرارة حرائق الغابات المدمرة فى شمال البلاد، وقتلت ٩٠ شخصا على الأقل بينهم ٣٣ ضابطا كافحوا لإخماد الحرائق بموارد محدودة.
وتشير التقارير المبكرة إلى أن حرائق هذا العام تسببت فى مزيد من الضرر لغابات الجزائر أكثر من جميع الحرائق من ٢٠٠٨ إلى ٢٠٢٠ مجتمعة.
وتوصل تقييم تاريخى حديث أجرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة إلى أنه «من المؤكد تقريبًا» أن موجات الحر فى جميع أنحاء العالم أصبحت أكثر تأثيرا وشدة منذ خمسينيات القرن الماضى، حيث أصبح البشر «المحرك الرئيسي» لهذه الموجات.
وأوضحت «الاندبندنت» أنه بالإضافة إلى الحرارة الشديدة والحرائق، فقد واجهت بعض أجزاء أفريقيا هطول أمطار غزيرة بشكل غير عادى وفيضانات شديدة هذا الصيف.
وشهدت أوغندا الواقعة فى شرق أفريقيا فيضانات شديدة فى شهر يوليو، وأثرت الفيضانات على ٣٠ قرية على الأقل فى غرب أوغندا، كما تعرضت نيجيريا لفيضانات شديدة فى شهرى يوليو وأغسطس، وتسببت فى نزوح ٤٠٠٠ شخص وتدمير ٣٠٠ منزل فى شمال شرق البلاد، إلى جانب انهيار جسر، مما أسفر عن مقتل ٢١ شخصًا على الأقل.