من الصعب سؤال شاب عن توقعاته لمستقبله بعد خمس سنوات أو عن امكانات تحقيق طموحاته بعيدا عن توزيع مكتب التنسيق بل ان ثقافة مكتب التنسيق لاتزال تعمي الاغلبية عن علوم المستقبل كالذكاء الاصطناعي والنانو تكنولوجي ونفس الامر لأي اسرة صغيرة طالما كانت الغيبيات والتكالية هي المنطق الحاكم للكثيرين وطالما كانت الشهادة هي المرحلة الاخيرة لاحلام الامة وما ينطبق علي الافراد يتطبق علي الدول والامم ولذلك شرعت الدرل في وضع خطط واستراتيحيات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدي والعبرة ليست بالخطط ولكن بالمقدرة علي التنفيذ واستمراريتها بحيث لاتنتهي باختفاء الاشخاص والمناصب وهنالك علم اسمه المستقبل ومن طريقة التعامل مع المستقبل تستطيع أن تحدد مستوى الدول، فالدول المتخلفة تنتظر المستقبل يأتيها بأى صورة لأنه قدر لايمكن الفكاك منه وهى بذلك تعمق تخلفها، بينما الدول النامية تحاول معرفته وتتحوط من الكوارث، أما الدول المتقدمة فترسم صورة لما تريد أن تكون عليه وتصنع من هذه الصورة رؤية تعمل كل مؤسساتها بتناغم لتحقيقها مثلما حدث لامريكا، فعندما أطلق الاتحاد السوفيتى قمره الصناعى الاول (سبوتنيك ١ )يومها أطلق الرئيس الامريكى جون كيندى عام 1962 رؤية واشنطن لوضع رجل على سطح القمر خلال عشر سنوات وبالفعل فى عام1972 خطا رائد الفضاء الامريكى أرمسترونج أولى خطواته على القمر محققا حلم وعمل كل المؤسسات الامريكية وللاسف. فإن علوم المستقبل هى الفريضة الغائبة فى مصر وأقصد بالمستقبل هنا العلم الحقيقى وليس الشعارات واللافتات المرفوعة لإنها أقرب الى قراءة الكف والفنجان والمستقبل الذى نريده علم له وقاعدة ومبرراته ومعاهده وهى التى تكتشف وتتنبأ بالمستقبل بحيث تقلل الأمم من المخاطر حتي لاتكون هناك مفاجآت كبيرة أو بجعل هذه المفاجآت فى صالحنا وليس ضدنا ومن اجل ذلك فإن علم المستقبل لايقدم رؤية واحدة بل عدة سيناريوهات بديلة بعضها محتمل وبعضها ممكن والآخر غير مرغوب فيه أو بمعنى آخر فإن علم المستقبل يدرس خمسة سيناريوهات القريب لمدة عام والقصير المدى من سنة لخمس سنوات ومتوسط المدى من خمس سنوات الى عشرين سنة أما المستقبل البعيد فيضع سيناريو لما بعد الخمسين عاما. وهناك ثلاثة مجالات لمصر ستحدد مستقبلها هى صناعة الطاقة وخاصة الشمسية باقتصاديات معقولة والثانى مجال تحلية المياه والثالث صناعة الخدمات والموانئ وهى المجالات التى لدى مصر فائض هائل يحقق الاكتفاء الذاتى والتصدير الآمن والمضمون وهى عناوين عريضة وعامة وبدون الدخول فى تفصيلات كل منها لانها من صناعة المتخصصين فى هيئات ومراكز فاخرة كهيئة المساحة الجيولوجية ومعهد الأحياء المائية ومعهد بحوث الصحراء والمركز القومى للبحوث وهيئة الطاقة الذرية والهيئة العربية للتصنيع ومركز بحوث الفلزات وكليات الهندسة وكليات العلوم وكلها تحتاج مايسترو ينسق بينها ويضبط النغمات لإنتاج سيمفونية المستقبل، لأن تلك المراكز والمعاهد هى كنوز وخبرات نادرة كالجداول المتفرقة فى أمس الحاجة لمن يجمعها فى نهر واحد، ولكن قبل أن يحدث ذلك علينا أن نتفق على الاولويات والميزات النسبية للبدء بها وبشرط الاستمرارية وتحصينها من البيروقراطية والروتين والدرجات الوظيفية ذلك إذا أردنا ان تقفز مصر خطوات للحاق بركب الدول الكبري
آراء حرة
علوم المستقبل فريضة مصر الغائبة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق