على نحو مثير للقلق تعددت خلال الفترة الماضية وقائع اختطاف الأطفال، على الرغم من الجهود الأمنية الملحوظة للقضاء على هذه الظاهرة التى باتت تقلق الأهالى على أبنائهم، ولعل آخرها خطف طفل المحلة قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من تحريره من يد خاطفيه.
فى المحلة أثار اختطاف طفل يدعى «زياد» على أيدى ملثمين من محل والده بطريق المحلة الكبرى المنصورة، حالة من الجدل الواسع، وذلك لطلب فدية مالية من والده، وتمكن رجال الشرطة من تحريره وعودته لأحضان أسرته.
وشهدت محافظتا الدقهلية والشرقية مؤخرا وقائع مماثلة، لخطف الأطفال تحت تهديد السلاح وطلب فدية مالية من ذويهم.
فى ذلك السياق تقول الدكتورة ندى الجميعى خبيرة العلاقات الأسرية إن جرائم خطف الأطفال من أكثر الجرائم شناعة وقبحا التى تنتهك حقوق الطفل واستغلاله فى الضغط على أهله مقابل الحصول على فدية مالية، ما يعد خرقا صارخا لحقوق الطفل المتعارف عليها، وقهر طفل لا حول له ولا قوة لا يستطيع الدفاع عن نفسه وقتل براءته بدم بارد وقسوة قلب، وإهدار حقه فى الحصول على حياة كريمة ومأمن.
وأضافت أن الخطف لدى البعض بغية الاتجار ببيع أعضاء الصغار بعد خطفهم وقتلهم، وهناك من يسعى لتشغيلهم تحت السن القانونية، حيث تتنوع حالات الخطف بين الخطف والتشغيل وبيع الأعضاء مما أصبح أمرًا مقلقًا وحلما تعيسا يعيشونه الآباء والأمهات خوفا على أطفالهم وظنا منهم أن طفلهم معرض للخطر بمجرد خروجه من المنزل فأصبح هوس الخوف يسيطر على الكثير من الأسر المصرية بشكل يدفعهم إلى تضييق الحرية على أبنائهم، وأصبحت خطواتهم محسوبة.
وشددت «الجميعى» على أهمية تغليظ العقوبة وسن القوانين الرادعة التى تعاقب كل من حاول استغلال الطفل فى أعمال غير مشروعة والبحث من قبل الشرطة عن المتسولين وإثبات شهادات ميلاد الأطفال وهل هم مختطفون أم لا؟.
وتابعت «الجميعى» أننا لا نستطيع تحديد التأثير النفسى على الطفل إثر تعرضه لمثل هذه الحوادث حيث يختلف من طفل لآخر على حسب العمر، الذى يستطيع أن يدرك خطورة الموقف الذى يمر به والتأثير النفسى العام على الطفل يظهر فى القلق والعزلة والكوابيس وأحيانا الصراخ أثناء النوم بل يميل إلى حضن والدته لشعوره بالخوف دوما، وأسلوب الخطف يلعب دورا مهما فى التأثير عليه نفسيًا، وبعض عمليات الخطف تتم بأسلوب عدوانى كأن يضرب الطفل أو يرى والدته تبكى وتصرخ لحظة اختطافه ومحاولة الخاطفين الهروب به، وطريقة التعامل بعد ذلك كتعرضه للاعتداء الجسدى أو ربطه وتغميم عينيه وحبسه وكتم أنفاسه عن الصراخ.
وواصلت «الجميعى» حديثها قائلة: «هناك عوامل تؤثر سلبا على الطفل عقب عودته إلى أهله، حيث تبدأ الأعراض فى الظهور عليه من بينها شعوره بالخوف الدائم والرعشة بجسده والخوف من الصوت العالى والرعب لحظة الخروج من المنزل، أو عندما يسمع جرس الباب وعدم رغبته فى ترك والدته، ويتعلق بها أكثر، ويرفض النوم بمفرده، وعند الحديث عن الحدث يتذكر لأى مشاهد عنف ويستعيد كل المشاعر السلبية والذكريات السيئة التى مر بها عند اختطافه، وفى حال ظهور تلك الأعراض يجب على الأهل تهدئته نفسيا وعدم الحديث أمامه عن أى شيء أو البكاء حتى لا تزيد حالته النفسية سوءا ويجب عرضه على طبيب نفسى ليتم تأهيله نفسيا وذلك يحتاج وقتا حتى يتخلص من القلق والتوتر، ويمارس حياته بشكل طبيعي».
ونوهت بأنه يجب الاهتمام بالأطفال منذ بداية الحمل ومع بدء الوعى لديهم ووضع برامج هادفة فى المنزل ليتعلم منها وحضور ورش تثقيفية الآباء والأمهات وتدريبهم على التعامل مع الطفل، لنشر طريقة موحدة فى تربية الأطفال حتى يصبح الأجيال المقبلة متشابهة بشكل كبير فى الأخلاق والتربية وبث روح الثقة بين الأسرة والطفل حتى يتحدث عن أى موقف يتعرض له.
وأشادت «الجميعى» بجهود الدولة والشرطة المصرية على مجهوداتها فى إرجاع الأطفال المخطوفة وإدراك مسئوليتها فى تطبيق القوانين.
من ناحيته يقول اللواء علاء عبدالمجيد مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن وزارة الداخلية تعتمد فى مثل هذه الحالات على السرعة، حيث إنها لا تمتلك رفاهية الوقت، ومن الضرورى هنا سرعة ضبط المتهمين وإعادة المخطوف لأهله وتحديد هوية المتهمين، وتداول فيديوهات الخطف على مواقع التواصل الاجتماعى يعد عاملا مهما فى تحديد هوية الجناة، بجانب استخدام أجهزة الشرطة للتقنيات الحديثة التى تساعدها فى تتبع خط سير الجناة وفحص كل الملابسات المحيطة بالواقعة التى تناولتها مواقع التواصل الاجتماعي، مما يبرهن على قدرة أجهزة وزارة الداخلية على تحقيق الأمن للمواطن وفرض هيبة القانون وبث الطمأنينة بين المواطنين، وتعد سرعه كشف ملابسات الحادث وضبط الجناة رسالة حاسمة أن الشرطة قادرة على ردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن وأمان المواطنين.
وقال الخبير القانونى جمال جبريل إن الخطف ليس بظاهرة جديدة مشددا على استحالة منع هذه الجريمة بصورة نهائية، ولكن دور أجهزة الأمن أن تحد منها خصوصا أنها تعتبر نادرة وليست واسعة الانتشار مثل جرائم القتل والسرقة، كما أن كاميرات المراقبة مهمة فى كشف هذا النوع من الجرائم، وفى لندن مثلا تتم الاستعانة بكاميرات المراقبة فى كل شىء بغرض توثيق جميع الحوادث بل والمساهمة فى منع الجريمة قبل وقوعها.