الدكتورة أمينة رشيد واحدة من الأساتذة الكبار لقسم اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة والتي رسخت فينا المباديء والقيم التي خلقت بداخلنا واجب العطاء.
ليس هدفنا التعليم أو بناء الطالب ولكن مهمتنا تتعدى أسوار الكلية والجامعة للمشاركة في تنمية مجتمعنا.. وفي هذا المجال وبمساعدة أستاذ التاريخ الدكتورة أمينة رشيد ابنة محافظة رشيد والتي كانت تحظى دائما باهتمام كل المحافظين خلال الحكم العثماني.
ولكن هذه الأيام باتت تلك المحافظة في بحر النسيان.. في عام ١٩٩٢ وبمساعدة القنصيلة الفرنسية بالإسكندرية قام قسم اللغة الفرنسية والأدب الفرنسي بكلية التربية بجامعة دمنهور بإعادة تلك المحافظة إلى الأضواء مجددا بعدما قبعت في بحر النسيان وذلك بمساعدة أستاذتنا الفاضلة أمينة رشيد.. ولا تزال شوارع رشيد تحتفظ بكل الأحداث والذكريات الخاصة بتاريخها العريق خاصة الأحداث المتعلقة بكفاح شعبها لكي يأخذوا مكانهم اللائق والمستحق في تاريخ مصر.
ولعل في وفاة الراحلة الكبيرة فرصة للعودة إلى تراث مصر الكبير في درس وتعلم آداب اللغة الفرنسية وربما كانت مصر دوما وفية لهذا التراث الذي تفردت به في المنطقة العربية وذلك لأسباب معروفة كانت الراحلة الكبيرة تعود لها باستمرار وهي أن الفرنسية كانت اللغة الجسر الذي عبرت عليه الحداثة والتحديث في مصر ومنها إلى مجمل المنطقة العربية ورجالات مصر في هذا كانوا روادا من رفاعة الطهطاوي إلى طه حسين مرورا بـ على مبارك والشيخ محمد عبده وأحمد لطفي السيد.
لاحظت الراحلة الكبيرة أن هؤلاء الآباء المؤسيين لعلوم اللغة الفرنسية في مصر كانوا هم رموز الوطنية والتفاح من أجل التحرر السياسي من ناحية والعقلي من ناحية أخري. لاحظت أيضا ضرورة النهوض باللغة الأم لأن الهدف من إرساء آداب وعلوم الفرنسية في مصر لم يكن اللغة في حد ذاتها وإنما النهوض المجتمعي لكافة أبناء الشعب المصري.
ولعل في وجود قسم كبير للغة الفرنسية في جامعة دمنهور كان أحد أحلام جيلنا وهو قسم معني بالدرجة الأولي بالتطوير المجتمعي التربوي وهو ما كانت تصبو إليه دوما أمينة رشيد.
في مداخلات أمينة رشيد في المحافل الدولية كان هناك تركيز على ذلك الجانب التربوي ولعل في غزارة إنتاجها في الترجمة إلى العربية والتأليف باللغة العربية دليل كبير على ذلك. اللغة الفرنسية بالنسبة لأمينة رشيد ليست صالونا وهي سليلة الباشوات وإنما وسيلة معرفية وأداة لخدمة الناس - كل الناس- من أجل حياة كريمة.
ستظل ذكري د.أمينة رشيد حية في نفوس تلاميذها وفي ذاكرة الوطن.