ربما يكون عنوان المقال فيه الكثير من التساؤلات لمحاولة فهم ذلك العنوان.
ومن ضمن تلك التساؤلات ما هى الصهيونية العالمية؟ وأين مقرها؟ وما أهدافها؟ ولماذا تحارب الكنيسة المصرية؟
كلمة «صهيوني» مشتقة من الكلمة صهيون، وهى أحد ألقاب جبل صهيون فى القدس كما هو وترد فى سفر إشعياء، فيما وردت لفظة صهيون لأول مرة فى العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذى أسس مملكته 1000–960 ق.م فيما صاغ هذا المصطلح الفيلسوف ناتان بيرنباوم فى عام 1890، لوصف حركة أحباء صهيون، وأقر التسمية المؤتمر الصهيونى الأول فى عام 1897.
فالصِّهْيَوْنِيَّة، هى حركة سياسية يهودية، ظهرت فى وسط وشرق قارة أوروبا فى أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد ورفض اندماج اليهود فى المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذى وقع عليهم فى الشتات، وبعد فترة طالب قادة الحركة الصهيونية بإنشاء دولة منشودة فى فلسطين والتى كانت ضمن أراضى الدولة العثمانية، وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودى النمساوى هرتزل الذى يعد الداعية الأول للفكر الصهيونى الحديث والذى تقوم على آرائه الحركة الصهيونية فى العالم، وبعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها توفير الدعمين المالى والمعنوى لدولة إسرائيل، وقد عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية فى بازل بسويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملى على فلسطين فعملت على تسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية.
يرى أنصار الصهيونية أنها حركة تحرير وطنية لإعادة شعب مضطهد مقيم كأقليات فى مجموعة متنوعة من الدول إلى وطن أجداده. بينما يرى منتقدو الصهيونية أنها أيديولوجية استعمارية عنصرية واستثنائية قادت أتباعها إلى استخدام العنف خلال الانتداب البريطانى على فلسطين، وتسببت فى نزوح العديد من الفلسطينيين، ثم إنكار حقهم فى العودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم المفقودة خلال حربى 1948 و1967.
ورجوعا إلى السؤال المطروح، لماذا تحارب الصهيونية العالمية الكنيسة المصرية؟ وللإجابة على السؤال لا بد أن نتطرق إلى الهدف الأسمى لتلك المنظمة العالمية، وهو الحلم المزعوم (مملكة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات) تلك المملكة المزعومة هى التى تعمل من أجلها الصهيونية العالمية التى وصلت إلى التملك الكبير للاقتصاد العالمى عن طريق عائلتها الكبرى المنتشرة فى دول كثيرة وتتمركز إدارتها من الأراضى الأمريكية، وبجانب ذلك تأثيرها السياسى غير المحدود فى الأحداث العالمية، ووصولها إلى القدرة على من يأتى إلى الحكم حسب متطلبات المرحلة فى أمريكا وبعض الدول الكبرى الأوروبية.
تلك المملكة الإسرائيلية الكبرى تعمل على استقبال المسيح المنتظر حسب اعتقادهم الدينى ليعيد لهم مملكتهم التى من خلالها يتسيدون العالم.
ولتهيئة العالم لذلك تم اختراق الكثير من كنائس الغرب لتقنين المعصية والخطة بها عن طريق الدساتير الحاكمة مثل زواج المثليين والشواذ وعبدة الشيطان... الخ، حتى يخرجوا تلك الكنائس عن ثوابت إيمانها المتمثل فى المسيح المخلص والفادى والقائم من الأموات.
ولم تبق إلا الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية التى كانت حصنا صعب اختراقه بكل الطرق والوسائل لأسباب كثيرة أهمها فكر وثقافة الرهبنة الذى يمثل عمق الإيمان والصلابة أمام أى عوامل تعرية خارجية.
وكان لوجود الراحل قداسة البابا شنودة دور كبير فى صلابة موقف كنيستنا أمام أى اختراق لما يمتلكه من عمق ثقافة ورؤية متسعة لما هو قائم وقادم، حيث كانت تمثل شخصيته عالم وباحث ومورخ كبير فى الكثير من الثقافات والعلوم، وخصوصا الجانب السياسي،، وكان لموقفه التاريخى بعدم التطبيع مع الكيان الصهيونى وخلافه التاريخى مع الرئيس السادات على ذلك التطبيع، علامة قوية لرؤية الرجل للمخطط الصهيونى الذى يستهدف تفكيك الكيانات الحضارية فى المنطقة، فالكنيسة المصرية واضحة فى إيمانها وراسخة فى ثوابتها وفاضحة للمخطط الصهيونى، عن طريق الإيمان الأرثوذوكس المسيحى الذى يقول إن المسيح قد جاء وصلب وقبر وقام، وأن أى مسيح آخر فهو نبى كذاب، كما قال السيد المسيح سيأتى بعدى أنبياء كذبة كثيرون فإن قالوا لكم المسيح هنا أو هناك فلا تذهبوا لأنى جئت وأخبرتكم بكل شيء.
هنا النقطة الفارقة بين الصهيونية العالمية وحلمها المزعوم بمملكة إسرائيل الكبرى ومسيحها الدجال الكاذب، وبين الإيمان الأرثوزوكسى للكنيسة المصرى بأن ليس هناك ممالك أخرى ولا مسيح آخر... لأن المسيح قد جاء وقال مملكتى ليست من هذا العالم... والحدث بقية فى مقال آخر
البوابة القبطية
جمال رشدي يكتب: الصهيونية العالمية وحربها ضد الكنيسة المصرية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق