كما لو كان يحتكر الدعابة، تذكرك صوره بصور أينشتاين غير التقليدية، الصور التي تكسر الصورة الذهنية لدينا عن العلماء، من صرامة وانتقاء لكلماتهم، ربما عدها وكأنها الدر الذي سينثرونه وسيخسرونه إن تحدثوا وسط جهلاء. تراه نائما على الرمال ممسكا بأدة التنقيب ويبتسم للكاميرا، أو يدعوك إلى غدائه على فيس بوك، وهو يقطع البطاطس والخضار أو وهو يعد المكرونة والبيض المسلوق على البوتاجاز الصغير المتواضع" البومبة"، وربما تراه طائرا في إحدى صوره بوجهه الساخر الذي لا يتوانى عن سرقة ابتسامتك حين تراها. أما عن تعليقاته على صوره على فيس بوك فحدث ولا حرج. يكتب كما لو كان القراء جميعهم إخوته أو أبناء خالته أو جيرانه. قمة البساطة هي قمة التواضع والردود المضحكة. ناهيك عن التعليقات المتبادلة حول الاكتشافات العلمية الصادمة للكثيرين لا للبعض. معركة لا تنتهي بين فريقين متضادين في تعليقات تشبه العصف الذهني والدوجماطيقا أو معركة بالنبابيت في أمر التطور. المضحك فيها هو آليات النقد الموزعة بين العلم والمنهجية -والفتي بتسكين التاء – ممن لم يقرأوا أن قمة جبل المقطم كانت قاعًا وبه مياه وحياه كاملة لكائنات بحرية. وأن وادي حيتان في الفيوم -اسم- لم يأت من حكايات ألف ليلة وليلة كطائر الرخ والعنقاء مثلا. هؤلاء الذين يتحسسون أسلحتهم العقلية كلما ذُكِرَ اسم دارون والقرد الذي أتعبناه معنا لسنوات وعقود لم أعدها ولم أهتم بعدها ولن. ببساطة لأنني لم أقرأ أصل الأنواع لكن قرأت في أكثر من موقع أنه لم يرد بالكتاب على لسان داروين أن الانسان أصله قرد بشكل صريح ومؤكد. وأن الرجل أشار إلى التطور فقط. وهو ما لن أتعرض له في مقالي فلكل مقام مقال وحاشاي أن أجلس في مقاعد العلماء.
مقالي اليوم احتفاء بالدكتور هشام سلام. القدوة والنموذج للعالم وأستاذ الجامعة الذي جاء ليجمع بين العلم والحياة ومعناها وأصلها. الحياة التي يعيشها أيضا كشخص عادي يأكل ويشرب ويحزن ويجتهد في عمله ويتحدث عن نفسه وأسرته ببساطه والده وإخوته. ويحتفي بالسيدة والدته، وليعبر عن رؤية الأم المصرية لأولادها، وتشجيعها لهم وصلابتها، ومشاركتها في توجيه مستقبل أولادها، ومشاركة الزوجة أيضا التي تستكمل طريق التميز معه على طريق العلم والحياة. يحتفي أيضا بفريق العمل من سيدات ورجال وأطفال يجمعهم حب العلم والعمل وروح الفريق.
مواقع كثيرة عربية وأجنبية. علمية وصحفية. برامج وصحف ورقية عالمية وقومية ومحلية احتفت باكتشافه هو وفريقه للديناصور المصري والأول من نوعه في إفريقيا – منصوراصورس- في الواحات الداخلة بالصحراء الغربية. الديناصور النباتي الذي يوثق لآخر ثلاثين مليون سنة من العصر الطباشيري، وهو سر تميزه. وتحتفي الآن باكتشاف الفريق وخاصة – عبد الله جوهر- المعروف بالحفرجي- فيويسيتس أنوبيس الحوت البرمائي المصري المكتشف حديثا في صحراء الفيوم، واسمه الذي يجمع بين العلم والحضارة الفرعونية في إشارة إلى مصر الماضي والحاضر الذي يزدهر على أيدي أبنائها في هذا المجال وسيزدهر أكثر بجهده وجهد تلاميذه.
الممتلىء يفيض.. هكذا تقفز العبارة إلى ذهني كلما رأيته وسط تلاميذه يعمل ويشجعهم، بل ويشارك التلاميذ الصغار أيضا متعة الحفر وقراءة صفحات الصخور التي لا تعطي أسرارها إلا لمن يلمسها بقلبه فتتحول ببساطة إلى كتاب سحري، مفتوح شرطه الوحيد هو أن ينشر حكاياته. تحية كبيرة- بحجم الديناصورات- لعالمنا الجليل وصديقنا القريب وجارنا الطيب، وابن مصر البار الأستاذ الدكتور هشام سلام وفريق سلام لاب وكلية العلوم وجامعة المنصورة حاضنة العلم في مصر.