«المستريح»..لقب أصبح يطلق فى مصر على المتورطين فى جرائم توظيف الأموال، حيث دأب«المستريحون» على جمع الأموال من راغبى الثراء السريع، بزعم توظيفها فى العديد من المشروعات، التى تدر عليهم أموالا طائلة بصفة شهرية، يتم سدادها لهم فى بداية الأشهر الأولى، حتى يطمئن الضحية ويدفع مبالغ أكبر، وربما يقدم أقاربه للنصاب أملًا فى الحصول على فوائد كبيرة مثله.
ليصطدم الجميع فى النهاية بجريمة نصب، وهو الأمر الذى حدث مؤخرًا فى منطقة كرداسة، التابعة لمحافظة الجيزة، ضحايا بالمئات وقعوا فى شبكة مستريح جديد، تمكن من الاستيلاء على ما يقرب ٧٠ مليون جنيه، لينتهى الأمر ببعضهم فى المستشفى، نتيجة المرض الذى سكن الأجساد، بعدما عجزوا عن تحمل الصدمة، وتنهار منازل كانت آمنة قبل أن تنحدر فى هذا الأمر.
بدورها؛ انتقلت«البوابة» لمنطقة كرداسة، والتقت بعض الضحايا، ممن تبخرت أحلامهم فى السريع، وأصبحت كابوسًا فى صورة ألم وحسرة، يطاردهم فى ثوب العوز والاحتياج.
فى البداية؛ تقول «سعاد»، صاحبة الـ٥٧ عاما، إن حياتها كانت تسير بشكل طبيعى، فكان لا يشغل بالها سوى تربية أبنائها، عقب وفاة زوجها، ومن أجل ذلك تحملت الكثير من الصعاب، حيث اضطرت للنزول لسوق العمل، لكنها لم تجد ما يوفر لها احتياجات أسرتها، فقررت أن تبيع الخضار داخل السوق، بعدما وفر لها أحد الأشخاص مكانًا تمارس فيه عملها. وأضاف «سعاد»، باكية: » قبل نحو ١٠ شهور من الآن، عرفت من جيرانى أن «رمضان الصعيدي» بتاع القماش، بياخد منهم الفلوس ويشغلها مقابل مبالغ شهرية كبيرة، يحصلون عليها منه، وحينها قررت أن أخوض التجربة، وحصلت من شقيقى على حصتى فى الميراث، وتوجهت إلى منزل المستريح، الذى رسم الوهم ونصب علينا.
وتتابع: أعطيت له الأموال، وبعد مرور شهر أعطانى الربح: «كان كثيرًا لكن مكنتش أعرف إنه بيطمعنى، علشان أدفع أكتر، وهو ما حدث، حيث قمت بدفع مبالغ مالية على مرتين، ووصلت قيمة هذه المبالغ إلى ١٣٠ ألف جنيه.
وقالت «سعاد»: «فى مطلع شهر مارس الماضى، انتشرت بعض الأوقايل، بأن «رمضان الصعيدي» وقع، ولم يعد يدفع الأموال الشهرية للمودعين مثل السابق، فتوجهت إليه، وطلبت منه أموالى «رأس المال»، فقال لى أنه يمر بأزمة مالية، خلال هذه تلك الفترة، وطلب منى أن أنتظر حتى شهر يوليو، ومع تعدد البلاغات، نجحت الشرطة فى القبض عليه، بعد محاولة الهروب إلى ليبيا؛ مستطردة: «ضحك علينا وخد شقى عمرنا.. عايزة حقى وحق عيالى، وبناشد المسئولين فى الدولة بالوقوف إلى جوارنا، حتى نستعيد حقوقنا».
فى السياق ذاته؛ روت «انتصار»، إحدى ضحايا المستريح، المأساة التى تعيشها عقب عملية النصب التى تعرضوا لها، قائلة:» زوجى توفى، ولم يترك سوى أطفالى، وسمعته الطيبة، واستطعت من خلال العمل جمع مبلغ مالى قدر بـ٦٠ ألف جنيه، ولما عرفت أن الحاج «رمضان الصعيدي»، بيوظف الفلوس، ويدفع فلوس شهرية للناس، توجهت إليه وأعطيته المبلغ، فى الأول كنت تحس أنه ولى أو ملاك، لا يمكن يطلع نصاب أبدا، حتى انصدمت بالحقيقة، وبعد ما عرفت اللى عمله مع الناس، رحت له، وطلبت منه فلوسى، فقال لى ونظرة الشر فى عينيه تسبق لسانه: «لما تيجى لى فلوس هدفع لك فلوسك، دول «ستين ألف»، أنا بصرفهم فى الغدا».
وأوضحت: «حياتى ادمرت، ومش لاقيه العيش الحاف، أنا وولادى القصر، كنت عايزة «أجهز البيت» ونعيش مستورين، والنصاب جمع من الأهالى ما يزيد على ٧٠ مليون جنيه، وحاليا محبوس، وأبناؤه وشقيقه حاليا بيتمتعوا بالفلوس، واحنا بقينا بنشحت حرفيًا، وفيه ناس تعبت وأصيبت بجلطات ونقلوها المستشفى، متابعة: «عايزين حقنا من رمضان الصعيدي».
من جانب آخر؛ قال أحمد مصطفى، أحد الضحايا، إن المستريح استولى منه على ٧٠ ألف جنيه، ولما توجهت إليه فى شهر مارس قبل القبض عليه، طلب منى أن أمنحه مهلة حتى يستعيد الأموال، وحينها أخبرته أننى لن أنتظر، لأنى أقوم بتجهيز ابنتى، المقرر زفافها بعد أيام، لكنه لم يستجب لتلك الكلمات.
واستطرد قائلا: «خرب بيوتنا، وقعد لعيالنا الجوع، وشقيقه لسه مشترى بيت قيمته ٧ ملايين جنيه، وابنه كل شوية يغير عربية جديدة من فلوسنا، ونحن نناشد المسئولين فى مصر: رجعوا لنا حقوقنا من النصاب».