حين شاهدنا المسلسل الرائع«القاهرة كابول» ضمن مسلسلات شهر رمضان الماضى من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج حسام على وبطولة «طارق لطفى – خالد الصاوى – نبيل الحلفاوى – فتحى عبد الوهاب – حنان مطاوع وأحمد رزق» وباقى الفريق من الممثلين المحترمين.. كان المسلسل كاشفًا لما يدور فى جزء من كواليس طالبان وما يسمى المجاهدين.
وكانت دلالات المسلسل واضحة بل وكاشفة عن دور الأمريكان والذى استمر ما يزيد على ٢٠ عامًا من المؤمرات والخداع وصناعة الإرهاب والتطرف وتصديره باسم الدين فى إطار صراع دولى بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حيث صناعة هؤلاء الإرهابيين ومحاولة تصدير الإرهاب إلى العالم وحصار بعض الدول التى تعادى أمريكا كدولة عظمى للتحكم فى العالم.
وخلال السنوات الماضية وخلال تلك الحروب تم استخدام كافة التنظيمات الإرهابية والجهادية التى خرجت من عباءة الإخوان المسلمين وقد شاهدنا فى مصر المساجد والمتاجرين بالدين وهم يدعون الشباب للسفر والجهاد فى أفغانستان فضلا عن جمع التبرعات المالية والعينية التى لا يعرف أحد أين ذهبت وكانت تقدر بملايين الجنيهات يتم جمعها من البسطاء فى الريف والحضر بطول البلاد وعرضها.
وكان ميناء السويس نقطة انطلاق للسفر للمتطوعين للجهاد وتم استخدام الميناء للانطلاق فى التخفى للسفر إلى أفغانستان عبر «السعودية والاردن وسوريا» وغيرها من البلدان من أجل الوصول إلى أفغانستان فى رحلات منتظمة.
بل الأدهى أننا كنا نشاهد اللافتات وحملات التبرعات التى تقودها عناصر تدعى الدفاع عن الإسلام بجمع التبرعات جهارا نهارًا، ولعل الأخطر أنه كانت هناك أموال ضخمة يتم ضخها فى تمويل تلك الحركات الإرهابية..
كما قرأنا وسمعنا عن تمركز ما يسمى المجاهدين المصريين فى كابول وبيشاور وجبال تورا بورا حيث كانت هناك معسكرات للتدريب على السلاح وأخرى تشارك فى تعاون مع المخابرات الغربية وظهر الكثير من الأسماء التى كانت يدعمها اسامة بن لادن أو مساعده الدكتور المصرى أيمن الظوهرى وغيرهم.
وفى تلك الفترة ظهرت أدوات الإعلام التى تروج للإرهاب منها مجلة «المرابطون» و«الجهاد» وغيرها من المطبوعات الجهادية وسمعنا عن الكثير من التنظيمات منها «الجبهة الإعلامية لتحرير المقدسات» وعلاقتها بالتنظمات الاخرى التنظيم الرئيسى للقاعدة ولقد لعب الكثير من الشباب المصرى أدوارًا مهمة داعمين لحركة طالبان وغيرها من الفصائل.
وكانت أفغانستان وبالتحديد كابول والمعسكرات فى بيشاور وغيرها بؤرة ومغناطيس لكافة العناصر الإرهابية والهاربين من الأحكام والباحثين عن المال والشهرة ويعملون ضد أوطانهم تحت مظلات متعددة، كان بعضها مواليًا لبريطانية وأخرى إلى واشنطن وغيرها.
ولقد تعرض أمن بلادنا بالكثير من المخاطر بسبب هؤلاء الذين تدربوا على حمل السلاح والمتفجرات والذين ارتكبوا أعمالا إرهابية راح ضحيتها الأبرياء من المدنيين ورجال الشرطة والجيش وهنا لا بد أن نتذكر ونتمسك بالحس والذاكرة الوطنية.
وحتى لا ننسى ما شاهدته المحاكم المصرية من نظر قضية «العائدون من أفغانستان» وعلاقتها من العائدون من «البانيا» وحتى علاقتها بـ «العائدون من ليبيا» مؤخرًا وبكل ما ارتكبه من جرائم ضد مصر والمصريين.
والآن وبعد أن انسحب الأمريكان وعودة طالبان تحكم وتتحكم فى كل ما يدور على الأراضى الأفغانية وتوجس العالم كله من ممارسات طالبان المعادية للإنسانية والعلم والتحضر والمعادية للمرأة ومع التمييز وفرض الحرمان وغيرها من أعمال تنافى ميثاق الامم المتحدة وقد حذرت منها دول العالم أجمع.
فإن الأهم فى بلادنا هو كيفية الاستفادة من الدورس السابقة فى علاقة التنظيمات الإرهابية بطالبان وما كان يحدث أو حدث بالفعل من تخريب وتدمير وخصوصًا أن الظروف مواتية إلى عودة كابل منطقة جذب ومغناطيس جديد وبؤرة خطيرة مئوى للهاربين من الأحكام القضائية من التنظيمات الإرهابية والظلامية والتكفيرية.
حيث يجدون الملاذ الآمن والأخير لهم بديلًا عن «قطر وتركيا ولندن» أو حتى داخل «الولايات المتحدة الأمريكية» حيث سيجدون هناك الدعم الأمنى واللوجستى والمالى وحمايتهم من أجل تقوية شوكتهم متحالفين مع طالبان.
إن الأمر جاد وخطير ويحتاج دراسة متعمقة ونظرة مهمة من كافة المسئولين عن حماية بلادنا من أى دعم يساعد على عود الإرهاب إلى بلادنا.. وحمى الله مصر.