خاضت المترجمة والناقدة الراحلة أمينة رشيد نضالا ضمن التيار اليساري الذى انتمت إليه، حيث انحازت إلى العدالة الاجتماعية بعدما تخلت عن امتيازات الطبقة المرفهة التي تنتمي إليها، وبعدما غادرت باريس تاركة مسارها الوظيفي المختلف لتقرر الحياة في مصر، ولتتجه إلى الأدب المقارن والعمل كأستاذة جامعية.
خلال عرضها وتعليقها على كتاب "الأدب المقارن والدراسات المعاصرة للدكتورة أمينة رشيد" شرحت أستاذة الأدب المقارن بجامعة القاهرة الدكتورة سلمى مبارك مفهوم الأدب المقارن في مؤلفات وأعمال "رشيد"، وقالت: المقارنة منهج نقدي له بعدين: بُعد أخلاقي مرتبط بطبيعة وشكل العلاقة مع الآخر، وبُعد معرفي يتنامى ضد انغلاق النظم المعرفية على ذاتها. وفي الحالتين يدور الأدب المقارن بين مفهومين: مفهوم الحدود، ومفهوم الانتقال. فكرة الحواجز وفكرة الاجتياز، بهدف ترسيم الحدود وخلق رؤى تُسهم في تحول التصورات الثابتة.
توضح "مبارك" أن المسار المعرفي لأمينة رشيد تمثل دائمًا في اجتياز مستمر ومتجدد للحدود، طبقية كانت أو لغوية أو ثقافية. كما لفتت أستاذة الأدب المقارن إلى أن "رشيد"خاضت في سبيل اجتياز الحدود عدة صراعات مع النفس والآخر، أولها تكوينها الثقافي الأول الذي همش اللغة العربية في الوسط الذي نشأت فيه فعلَّمت نفسها العربية وكانت قراءة الأدب العربي وسيلتها في ذلك فقرأت محفوظ وإدريس والشرقاوي وكتبت عنهم، كما خاضت معركة في وسطها الأكاديمي لتنتزع حقها في كتابة أبحاثها باللغة العربية.
من القصص الطريفة الموجودة في حياة "رشيد" قصة زواجها من الناقد الأدبي الراحل الدكتور سيد البحراوي، ففي العام 1981 زار الراحل الدكتور سيد البحراوي سجن النساء لمقابلة "رشيد"، المحبوسة ضمن عدد من المثقفين على خلفية الاحتجاجات ضد الرئيس السادات وأزمة اتفاقية كامب ديفيد، والمفاجأة أن "البحراوي" لم تكن زيارته للاطمئنان على "أمينة" بل لشيء آخر، ففي مكتب المأمور وبعد مجيئها طلب البحراوي منها الزواج فوافقت بدورها فأخرج من جيبه دبلتين وتبادلا لبسهما.
التقت "رشيد" الدكتور البحراوي في ستينات القرن الماضي، بعد عودتها من فرنسا وضيقها من الحياة في باريس، كانت تكبره بحوالي 15 عامًا، ظلا أصدقاء لمدة طويلة، يساعدها في قراءة الأدب العربي والتعرف عليه، بينما اكتنفت فكرة الزواج بعض الجوانب الغامضة لعدة أسباب أهمها تباين الخلفية الحياتية لكليهما، فهي حفيدة الباشا بينما هو دائما ما يردد لها أنه ابن فلاحين معتزًا بمصريته للغاية، لكن بعد تحذير عدد من الأصدقاء من هذا الزواج لأنه ربما لن يكتمل فإن موقف السجن أنهى كل هذه التحذيرات وتجاوزها بعدما أثبت عدم قدرته في الابتعاد عنها.
ولدت "رشيد" في العام 1938 لأسرة مثقفة تتحدث اللغة الفرنسية، وتمتلك تاريخًا سياسيًا كون جدها لأمها هو رئيس وزراء مصر إسماعيل باشا صدقي، تعلمت العربية وعملت كباحثة في المركز القومي للبحث العلمي الفرنسي، ثم أستاذا للأدب المقارن بجامعة القاهرة.
يشار إلى أن أمينة رشيد، مترجمة وناقدة أدبية، رحلت عن عالمنا مساء أمس الجمعة، بعد معاناة مع المرض عن عمر 83 عاما.
تزوجت الناقد الأدبي الراحل الدكتور سيد البحراوي، وعملت أستاذا للأدب المقارن بجامعة القاهرة، وصدر لها: قصة الأدب الفرنسي. تشظى الزمن في الرواية الحديثة. الأدب المقارن والدراسات المعاصرة لنظرية الأدب.. وغيرها..