- نواف خليل: دحرنا «داعش» وسوريا ليست أفغانستان
- تحالفنا مع أمريكا أراح ملايين السوريين بل كان فى صالح كل العالم
- قواتنا غلبت «داعش» دون مساعدة أحد.. والجيش الأفغانى لم يستطع أن يقاتل لمدة ثلاثين ساعة
- ما حدث فى أفغانستان سيجعلنا بالتأكيد نعيد قراءة الموقف من جديد
- إبراهيم كابان: واشنطن لن تكشف عن نواياها تجاه شمال سوريا إلا بعد انتهاء المشهد فى أفغانستان
- واشنطن حتى بعد انسحابها لن تسمح لتركيا بالتمدد
أثار الانسحاب الأمريكى المفاجئ من أفغانستان مخاوف عدة وتساؤلات حول ما هو الموقف فى شمال سوريا خصوصا، وكان ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسى إلى سوريا، قد أكد أن الأكراد فى سوريا يعولون حاليا على التعاون مع الولايات المتحدة التى تتواجد قواتها فى مناطقهم.
وأضاف «لافرنتييف» أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ قرارا بسحب قواتها من سوريا بصورة مفاجئة كما فعلوا فى أفغانستان، وهذا الأمر يعد إشارة واضحة للأكراد، الذين نبقى على تواصل وثيق معهم ونحملهم على تنظيم الحوار مع دمشق، إنها إشارة واضحة إلى أن هذا الحوار ليس ضروريا فحسب، وإنما يجب إنهاء هذا الحوار بالتوصل إلى حل وسط والخروج باتفاقات محددة مع الطرف السوري.
وقال «لافرينتييف»: «لكن هذه إشارة واضحة، لتلك القوات التى تحمى نفسها فى سوريا، ومنهم الأكراد، وبالتالى هذه إشارة بأن الأمريكيين قد يتخذون يوما ما قرارا مماثلا، وأعتقد أنهم سيتخذونه».
وأضاف «لافرنتييف» أن قرار الانسحاب اتُخذ من قبل الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، والذى تمت مراجعته وتأجيله ببساطة إلى أجل غير مسمى، مضيفًا: «أعتقد أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا يمكن أن يحدث فى أى وقت».
فى هذا الشأن يقول مدير المركز الكردى للدراسات، نواف الخليل إن ليس هناك أى شبه بين الوجود الأمريكى فى شمال شرق سوريا وأفغانستان، فمنذ دخول أمريكا إلى شمال سوريا عام 2014 إلى 2021 أى سبع سنوات تكاد تكون الخسائر الأمريكية البشرية فيها صفر، على عكس ما حدث فى أفغانستان والتى كبدت الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسى خسائر بشرية ومادية وصلت إلى مبالغ خيالية بلغت التريليون دولار منها ثلاثة وثمانين مليارا تم صرفها على الجيش الأفغانى الذى بلغ عدده ثلاثمائة ألف وفى النهاية شاهدنا الحياة الفارهة التى يتنعم بها قادة وأمراء الحرب فى افغانستان فيما كان يشكو الجنود انهم لم يحصل على رواتبهم منذ عدة أشهر.
وتابع «خليل» فى تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»: «نحن قوة قاومت جبهة النصرة وداعش لمدة عامين بدون أى دعم غربى على الإطلاق، وتم ذلك فى ظل وجود عداء من النظام وعداء مباشر من تركيا، ورغم ذلك استطاعت وحدات حماية الشعب أن تحقق العديد من الانتصارات على جبهة النصرة وداعش وحررت العديد من المناطق».
وأضاف: «بعد التحالف وخلال خمسة أعوام أو أقل تم تحرير كامل المناطق الشمالية الشرقية وهى مهمة جدا، فمنبج التى كان يتم فيها التخطيط بعمليات التى طالت أوروبا، كما قال اثنان من المسئولين الأمريكيين والطبقة التى فيها سد من أكبر سدود سوريا، والرقة عاصمة الخلافة الداعشية وأخيرا مناطق دير الزور والباغوز، يعنى خلال خمسة أعوام تم دحر وهزيمة هذا التنظيم الإجرامى بكل ما كانت يملكه من إمكانيات من آبار نفط وبيع النفط الذى كان يصل لتركيا، ورغم ذلك لم يستطع داعش أن يصمد أمام هذه القوى فى مقابل الجيش الأفغانى، والذى كان عددهم ثلاثمائة ألف لم يقاتل لثلاثين ساعة وليس شهرا».
وأكد «نواف»: «لا أعتقد أن هذا السيناريو سيتكرر لكن على الكرد والعرب وبقية المكونات فى المنطقة أن يستفيدوا من هذه التجربة من جميع الجوانب، فبالتأكيد سيكون هناك بحث وتمحيص وقراءات جديدة لاستخلاص المزيد من العبر».
وأضاف: «دعنا نؤكد أن الولايات المتحدة حينما تدخلت فى شمال سوريا وتحالفت معنا لم تتدخل من أجل الكرد وهى تشاهدهم تحت الحكم الأردوغان يتعرضون للقتل ولكن تدخلت لأن هناك ما يجمعها مع قوات سوريا الديمقراطية وهو محاربة الإرهاب الداعشي، فالكل يعرف أنه ليس من المصلحة الأمريكية أن يكون هناك مزيد من التمدد الايرانى ولا التركى ولا الروسى فى سوريا، لذلك قلت وأؤكد أن هذا السيناريو لا يمكن أن يتكرر لكن ذلك لا يعنى أن الجميع فى منطقة الإدارة الديمقراطية سيكتفى بالمشاهدة على ما يجرى بل سنراجع ونستخلص ونقارن كى نصل لأفضل طريقة للحفاظ بها على بلادنا».
وتابع: «الدول ليست جمعيات خيرية فالكرد والعرب والسريان والأرمن الذين يشكلون قوات سوريا الديمقراطية ونفس التركيبة السكانية أكثر من ملايين فى شمال وشرق سوريا هم الحاضنة الأقوى لقسد، وقسد قالها قبل إنسحاب ترامب من شمال وشرق سوريا وبعد ذلك وقبل الانسحاب من أفغانستان نحن نبحث عن إيجاد تسوية مستدامة للحالة السورية من خلال الحوار المباشر مع النظام ومع المعارضة، وإذا كنا متحالفين مع الولايات المتحدة فى التحالف حقق هدفا عظيما لراحة الملايين من السوريين الموالين للنظام والمتحالفين مع المعارضة الإسطنبولية، فهذا النصر كان للسوريين عموما أولا والمنطقة ثانيًا وللعالم بأسره ثالثا، لأن العمليات الداعشية وصلت إلى أوروبا الضرر الذى ألحق بالصورة الأمريكية فى السنوات الأخيرة بعد سينجون بعد فيتنام نتيجة اتفاق بين ترامب وأردوغان والانسحاب من شمال شرق سوريا التفرج على احتلال عفرين وبعد ذلك السماح بغزو رأس عين أبيض».
وعلى جانب آخر يقول الباحث الكردى ومدير شبكة الجيواستراتيجى للدراسات إبراهيم كابان، إن الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا أمر لن تكشف عنه إلا على أقل تقدير بعد عدة أشهر بعد أن تقرأ وترى الموقف فى أفغانستان، فأى تكرار للسيناريو فى سوريا سيشكل صدمة جديدة فى الأوساط السياسية الداخلية فى أمريكا.
وأضاف «كابان» فى تصريح خاص لـ«البوابة»: «قوات سوريا الديمقراطية تدرك تماما أن الوجود الأجنبى مؤقت لمكافحة الإرهاب- داعش- ومن ثم سينتهى هذا الوجود، ولكن هناك عددا من الأطراف الإقليمية الفاعلة التى تجمعها علاقات متينة بقوات سوريا الديمقراطية».
وتابع «كابان» أن قوات سوريا الديمقراطية أصبحت لا تعول كثيرا على الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا وأن الأخيرة قد تخلت عن مناطق حيوية لصالح تركيا مثل تل أبيض ورأس العين فى عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب.
وأكد «كابان» أنه إذا نوت واشنطن للإنسحاب سيكون هناك ضغط محتمل من فرنسا على الولايات المتحدة لضمان استمرار دعمها لصالح قسد.
فيما اتفق «كابان» مع ما قالة نواف خليل أن ما حدث فى أفغانستان اليوم وانسحاب واشنطن المفاجئ يختلف كليا عن حلفاء واشنطن فى سوريا، كما أن الولايات المتحدة وعلى حسب زعمة وقت ما تقرر الإنسحاب لن تأذن لتركيا بالتمدد أكثر فى المناطق التى تقع تحت سيطرة قسد فليس من المنطق أن تجهز واشنطن نحو مائة ألف عسكرى بسلاح أمريكى وتسلمه إلى الروس، على حسب قوله.
أعتقد الصورة فى أفغانستان تختلف كثيرا عن سوريا فالوضع لدينا جديدا من نحو 2015 على عكس أفغانستان فالوضع قديم وله أبعاد أخرى، وحتى الوجود العسكرى أيضا مختلف تماما.
وأكد «كابان» أنه فى الماضى كان هناك تحالف بين الولايات المتحدة وبين حركة طالبان لمحاربة السوفيتين، وأضاف: «ومن ثم تحولت الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاربة حركة طالبان بعد تفاعل القاعدة مع الأخيرة، ولذلك دعمت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة الافغانية وشكلتها ودعمت قواتها للوقوف فى وجه طالبان وتنظيم القاعدة، لذا أعتقد أنه من الخطأ أن نقارن بين الظروف فى افغانستان وسوريا فالأمر مختلف تماما سياسيًا ومنطقيًا فالوجود الأمريكى أساسًا فى سوريا هو لمحاربة الإرهاب فقط، ولم نشاهد الأمريكيين فى أى مواجهات مع الاتراك حينما احتلوا بعض المناطق الكردية فى سوريا وأيضًا نفس الشىء بالنسبة للتواجد الروسى فى سوريا وهناك تفاهم روسى أمريكى على تقاسم المناطق ودعم المناطق فى سوريا».
وتابع «كابان»: «بالإضافة إلى ذلك صدمة الخروج من أفغانستان كان له تأثير كبير على إدارة بايدن ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية قادرة على أن تدعم خروج أى قوات أمريكية من منطقة أخرى لأنه سيتسبب فى إحداث ضرر كبير جدا على السياسات الأمريكية الخارجية، ف‘ذا انسحبت من سوريا أو بالتالى هى قد قررت الانسحاب من العراق فستتعرض المصالح الأمريكية الاستراتيجية فى المنطقة لخطر كبير جدا لهذا أنا أعتقد أن السياسات الأمريكية كانت واضحة فى أمر خروجها من أفغانستان فهى خرجت لاتفاق مباشر مع حركة الطلبان وحصلت هناك اجتماعات مباشرة فى قطر القاعدة الأمريكية فى قطر والسفارة الأمريكية».
وأضاف بشأن تلك التفاهمات: «أعتقد أن حركة طالبان أيضا اليوم تتحرك وفق استراتيجية التقرب من أمريكا والتحالف الدولى بشكل عام وهى تحاول أن تغير من سلوكياتها».