ما هو تنظيم "داعش خراسان" الذي تبنى هجوما مزدوجا في مطار كابول مسفرا عن مذبحة قتل خلالها 85 شخصًا، من بينهم ما لا يقل عن 12 من مشاة البحرية الأمريكية...ما هي هويته وأهدافه، وما هو حجمه وعلاقته مع طالبان، وما حجم التهديد الذي يمثله على أفغانستان وبقية دول العالم؟
يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن "داعش خراسان" هو الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية. وبالبحث عن المعلومات بشأن هذا التنظيم، نجد أنه تأسس على يد عناصر من حركة طالبان الباكستانية والأوزبكية عام 2014، واستقر في البداية بمقاطعة ننجرهار على الحدود الشمالية الشرقية لأفغانستان مع باكستان واتخذ معقل القاعدة السابق في منطقة تورا بورا مركزا له مستفيدا من حشد بعض مسلحي القاعدة السابقين. ثم تمكن من تعزيز سيطرته على العديد من المناطق الريفية في شمال وشمال شرق أفغانستان، وشن هجمات على الأقليات مثل الهزارة والسيخ، فضلًا عن الصحفيين وعمال الإغاثة وموظفي الأمن والبنية التحتية الحكومية، والمؤسسات العامة، والأهداف الحكومية في المدن الكبرى بجميع أنحاء أفغانستان وباكستان، بل وحاول اغتيال كبير مبعوثي الولايات المتحدة إلى كابول في يناير 2021.
واعتبارًا من عام 2018، أصبح واحدا من أكبر 4 تنظيمات إرهابية دموية في العالم وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي التابع لمعهد الاقتصاد والسلام. وقد تلقى التنظيم أموالًا وتدريبًا من القاعدة في العراق وسوريا. وتجاوز التمويل 100 مليون دولار وفقا لخبيرة الإرهاب في أكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية أميرة جادون والباحث أندرو ماينز بجامعة جورج واشنطن.
ولكن، ما علاقة "داعش خراسان" بحركة طالبان الأفغانية، ولماذا توحي أمريكا بأنها فوجئت بهجومي مطار كابول؟
منذ البداية، حارب تنظيم داعش خراسان كلًا من الحكومة الأفغانية وطالبان. وشكّل التحدي الأبرز ضد طالبان عندما ظهر الصراع بينهما للسيطرة على مناطق رئيسية مرتبطة بتهريب المخدرات والسلع على الحدود مع باكستان عادها بالمليارات. ونفذ داعش خراسان في نفس الوقت سلسلة من التفجيرات الانتحارية في كابول ومدن أخرى ضد أهداف عسكرية حكومية وأجنبية في محاولة لترسيخ أوراق اعتماده كحركة متشددة هي الأخطر والأكثر تطرفًا ودموية. وتراوحت هجماته بين عمليات إعدام وحشية لكبار قيادات القرى وقتل عمال الصليب الأحمر وتجمعات سكنية، بجانب سلسلة من العمليات الانتحارية ضد أهداف مرتبطة بالأقلية الشيعية.
كان التنظيم محصورا في البداية بمناطق صغيرة على الحدود مع باكستان، ثم أنشأ جبهة رئيسية ثانية في المقاطعات الشمالية، بما في ذلك جوزجان وفرياب. وسرعان ما ضم التنظيم إليه باكستانيين وأوزبكيين من جماعات مسلحة أخرى شديدة الخطورة، بالإضافة إلى أفغان وعرب يرجح أنهم من فلول القاعدة. ولعل خطورة هذا التنظيم تكمن في "دمويته" وفي خطته للانتشار لتشمل شرق آسيا. لذلك، ينظر إلى طالبان الأفغانية على أنهم"قوميون قذرون" يطمحون فقط إلى تشكيل حكومة محصورة في حدود أفغانستان، وهو ما يتعارض مع هدفهم المتمثل في إقامة خلافة عالمية!
ورغم أن الجهات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية ومراكز أبحاثها متابعة للتنظيم وملمة بتفاصيل تطوراته بعيدا عن الأروقة الرسمية وشاشات التلفزيون، إلا أنها انقسمت على ما يبدو حول مدى قدرته على توجيه الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، لذلك فوجئ بعض القادة داخل هذه الجهات بهجومي المطار. ويعتقد مسؤولون بالمخابرات الأمريكية أن التنظيم استغل حالة عدم الاستقرار التي أدت إلى انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب هذا الشهر لتعزيز موقفه وتكثيف تجنيد أعضاء طالبان الغاضبين أو المحرومين من الزعامة. وينتقد بعض الباحثين الأمريكيين في مجال الإرهاب تقديرات عدد من الجهات الأمنية التي قللت من شأن داعش خراسان، حيث لم تتوقع أن يذهب التنظيم أبعد من الأهداف المحلية مثل ضرب مسجد صوفي وأبراج كهرباء وناقلات وقود وحافلات تنقل ركابا شيعة ومدرسة بنات للأقلية الشيعية من الهزارة. لكن الهجوم المزدوج على مطار كابول أظهر "سذاجة" تلك التقديرات في ضوء التهديد المتزايد لهذا التنظيم الذي نال بالفعل من قوات المارينز وأسقط عددا منهم.
وأصبح الآن من الواضح أن التنظيم يبث الذعر والفوضى ويعطّل عمليّة انسحاب القوات الأمريكية والناتو وقادرعلى تجنيد المزيد من المقاتلين ليكون لاعبًا هو الأخطر بين التنظيمات الإرهابية التي تبسط نفوذها إقليميا. وحتى بعد الضربة الجوية التي وجهتها واشنطن ضد قيادي في التنظيم، من غير المستبعد أن تصل تهديدات داعش خراسان مستقبلا إلى المستوى الدولي، مما يستوجب الحذر فنحن أكثر من اكتوى بنار الإرهاب!