الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ديفيد فيرجسون ودون مكمين .. احتياجاتنا النفسية الأساسية

صورة أرشفية
صورة أرشفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما كنا أطفالًا كنا نشعر باحتياجاتنا النفسية ونعبر عنها ببساطة وسهولة، فنبكى عندما نحتاج للتعزية ونطلب من الكبار أن يحملونا أو يحتضنونا عندما نحتاج للدفء. عندما كنا نحتاج للاهتمام كنا نطلب من الكبار أن يشاهدوا ما نفعله ويشجعوننا عليه.
لكننا عندما كبرنا، وخصوصًا إن كنا كبرنا فى بيئة لا تعترف بمثل هذه الاحتياجات، فإننا تعلمنا ألا نعبر عن هذه الاحتياجات، بل نبتلعها داخلنا. وأقنعنا أنفسنا بأننا لا نحتاج لمثل هذه الأمور، بل وأكثر من ذلك ربما نكون قد أقنعنا أنفسنا أن هذه الاحتياجات رفاهية وترف لكى لا نتجرأ ونطالب بها بعضنا إمعانًا فى إنكار هذه الاحتياجات، راح يهاجم من يطالبون بها أو يهتمون بها، متهمًا إياهم بالأنانية والانحصار فى النفس.
هناك عشرة احتياجات نفسية أساسية للإنسان وهي:
القبول، الإعجاب، التشجيع، المساندة، دفء المشاعر، الشعور بالأمان، الاحترام، الاهتمام، التعزية، التقدير.
ربما أدركنا هذه الاحتياجات، لكننا وصلنا لمرحلة اليأس من إمكانية تسديدها، والخوف من أننا إذا أظهرناها أو اعترفنا بها قد يعرضنا هذا للإحباط والانهيار أو ربما الاستغلال من الناس. لذلك دفناها فى أعماقنا وبنينا حولها جدارًا لنمعن فى إخفائها.
قد يرى الناس من حولنا أننا على ما يرام من الخارج، ربما نستطيع أن نرسم ابتسامة مصطنعة أو نتعلم كلمات منمقة جميلة تعطى انطباعًا أننا فى أحسن حال، بينما نحن من الداخل نعيش ألمًا وصراعًا شديدًا. بل ربما نكون قد عبرنا حتى مرحلة الصراع إلى الخواء والموت النفسى.
تكمن الخطورة فى أن ذلك الجدار الذى أخفينا وراءه احتياجاتنا قد ينهار فجأة دون أن نكون مستعدين لذلك، فتخرج هذه الاحتياجات وتعبر عن نفسها بفجاجة وبطرق خاطئة.
كيف أسددها؟
الأطفال يعبرون عن احتياجاتهم بسهولة لكن من الصعب عليهم التحكم فيها، والأصعب هو تقدير احتياجات الآخرين.
بعضنا كبر أكثر من اللازم وخنق الطفل الذى بداخله فأصبح لا يعترف باحتياجاته، ولكن البعض الآخر ظل يتعامل مع احتياجاته كطفل لا يدرك ولا يميز الطريقة الصحية التى يسدد بها احتياجاته دون أن يتسبب لنفسه أو لغيره فى ضرر على المدى البعيد.
قالت إحداهن بعد أن انزلقت فى علاقة محرمة: «إننى لا أشعر بأى إدانة داخلى لهذه العلاقة، وهذا يرعبنى. هى لا تشعر بالإدانة لهذه العلاقة لأن الدافع الأساسى لها مشروع، وهو الاحتياج للحنان والاحتواء».
لهذا السبب، جزء منها لا يشعر بالإدانة لهذه العلاقة لأنها مدفوعة برغبة مكبوتة، وجزء آخر يدرك أنها علاقة استهلاكية مضرة نفسيًا وروحيًا مما يشعرها بالرعب من عدم إدانتها لهذه العلاقة.
من الواضح أنه لا يمكن تسديد الاحتياجات النفسية إلا فى إطار علاقات إنسانية حميمة، فلا يمكن شراء قبول أو تشجيع من السوبر ماركت، أو زراعة الحديقة بثمار الاحترام أو الاهتمام، فنحن نحتاج للعلاقات الصحية الحميمة لكى نعثر على ما فُقِد منا. لأنه كما فقدنا احتياجاتنا النفسية فى إطار العلاقات، لن نعثر عليها ثانية إلا من خلال الإطار ذاته العلاقات.