الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

اجتماع الجزائر.. سيناريوهات حل الأزمة الليبية بين انقسام البرلمان ومناوشات الإخوان

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بدر الدين: خلافات النواب ستؤدي إلى ضياع فرصة إحلال السلام 
العفيفي: المليشيات خطر أمني داهم يهدد العملية السياسية بالانهيار


بين انقسامات أضعفت البرلمان، ومنعته من أداء دوره، على مدار السنوات العشر الماضية، ومناوشات تطلقها جماعة الإخوان مدعومة من الخارج، تتأرجح فرص حل الأزمة الليبية، بحثا عن سيناريو واقعي قابل للتنفيذ.
الأزمة الليبية التي لم تراوح مكانها منذ عشر سنوات، حققت تقدما ملحوظا في الأشهر الأخيرة، تركز في وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع، وبدء مسار سياسي لوضع حل سلمي للنزاع، بناء على مخرجات مؤتمري برلين الأول والثاني، اللذين تجسدا في القرار رقم 2570 لمجلس الأمن الدولي. 
وعلى الرغم من هذا التقدم الذي كان حلما يوما ما، في ظل التدخلات الأجنبية الهائلة في الشأن الليبي، لا سيما من تركيا، فإن الأمور عادت للتعقيد والانسداد السياسي مرة أخرى، بسبب ضعف مؤسسات الدولة الداخلية، وعدم وفائها بالالتزامات المنوطة بها. 
ويأتي البرلمان الليبي على رأس هذه المؤسسات التي فشلت في أداء دورها، حتى أن البعثة الأممية للدعم في ليبيا، اضطرت إلى إنشاء كيان مواز يضم 75 شخصية، تمثل جميع طوائف الشعب الليبي، وأطلقت عليه "ملتقى الحوار السياسي"، وكلفته باتخاذ القرارات التي كان يتعين على مجلس النواب اتخاذها.
مجلس النواب
ويرى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن ملتقى الحوار السياسي، استطاع إنجاز عدد من المهام، لكنه في الوقت ذاته لا يصلح أن يكون بديلا للبرلمان، لأنه مجرد سلطة استثنائية، أجرت مناقشات وتوصلت لتوافقات بشأن قضايا معينة، بغرض عرض اقتراحات محددة على البرلمان، المنوط به وضعها في الإطار القانوني اللازم، وإجازتها.
وأشار بدر الدين إلى أن مجلس النواب الليبي، لم ينجح في الاضطلاع بالدور الذي كان يجب أن يطلع به، فغاص في خلافات تتعلق بإقرار ميزانية الدولة، وسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الموجودة حاليا، وترك المهام الأساسية له، وأبرزها إقرار القاعدة الدستورية، والقوانين التي ستجرى بناء عليها الانتخابات المقبلة. 
ووسط أجواء متوترة سادتها المناوشات والخلافات بين الأعضاء، عقد مجلس النواب الليبي عددا من الجلسات، كان أحدثها اليوم الإثنين، وحضرها 160 نائبا، من أصل 200 نائب هم كل أعضاء البرلمان ذي الغرفة الواحدة. 
المجلس بحث خلال جلسته، برئاسة المستشار عقيلة صالح، الطلب المقدم من الحكومة بتحديد نقاط الاستجواب الموجه لها بشكل دقيق ومحدد، وتم اتخاذ قرار بتشكيل لجنة من النواب، تضم ممثلين لجميع لجان المجلس، من أجل إعداد نقاط الاستجواب بشكل دقيق، وإحالتها للحكومة لدراستها والاستعداد للرد عليها، في جلسة تعقد الأسبوع المقبل.
أما فيما يتعلق بإنجاز قانون الانتخابات فإن المجلس قرر تشكيل لجنة من أعضائه لإعداد مقترح بالدوائر الانتخابية، وتوزيع المقاعد، لعرضها في جلسته الأسبوع المقبل، وانتهى الأمر إلى تعليق جلسة اليوم إلى غد الثلاثاء لاستكمال مناقشة جدول الأعمال.
ونعود إلى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي علق على هذه المعلومات قائلا: "مجلس النواب الليبي يعاني خلافات خطيرة، تؤدي إلى إصابته بالشلل عند مناقشة الموضوعات المهمة، مما يدفعه إلى الاتجاه لصناعة معارك جانبية، تهدر المزيد من الوقت الذي لم يتبق منه على موعد الانتخابات سوى أيام". 
وأضاف: "أحذر من أن استمرار هذا الأسلوب في التعامل مع القضايا المهمة، ولا سيما الخاصة بالانتخابات، سيؤدي إلى فوات فرصة إحلال السلام في ليبيا، مما يشعل الصراع العسكري مجددا، الأمر الذي سيكون تأثيره كارثيا هذه المرة".
اجتماع الجزائر
الشعور بخطورة الموقف، وصل سريعا إلى الدول المعنية بالأزمة الليبية، التي استجابت فورا لدعوة الجزائر من أجل عقد اجتماع تشاوري لدول الجوار الليبي، والدول المعنية بإنهاء النزاع، على مستوى وزراء الخارجية.
الاجتماع الذي بدأ أمس الإثنين، وينتهي اليوم الثلاثاء، تشارك فيه بجانب الجزائر وليبيا، كل منه: مصر، وتونس، والسودان، والنيجر، وتشاد، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير خارجية الكونغو الديمقراطية، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، ومفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية وقضايا السلم والأمن، والمبعوث الأممي إلى ليبيا. 
الاجتماع حظي بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعربت وزارة خارجيتها عن أملها في أن يسفر عن تقدم في سيناريوهات حل الأزمة، بما يسمح بحلحلة الخلافات والتوصل إلى حلول عملية تنهي حالة الانسداد الحالية.
وزير الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، قالت في كلمتها الاجتماع إن بلادها تتطلع إلى بناء شراكة استراتيجية مع دول الجوار، بعد أن تجاوز مرحلة توحيد مؤسسات الدولة، حتى يمكن توحيد المؤسسة العسكرية، العصية على تحقيق هذا الهدف حتى الآن.
المنقوش دعت إلى بلورة رؤية موحدة لدول الجوار، والتنسيق لمراقبة الحدود، ومعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتبادل الخبرات دعما لمبادرة الحكومة الليبية لاستعادة الاستقرار.
بدوره قال رمطان لعمامرة، وزير خارجية الجزائر ـ البلد المستضيف ـ إن أمن واستقرار ليبيا، جزء من أمن واستقرار دول المنطقة، مطالبا بوضع حد للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي، والعمل على تعزيز الجهود لتحقيق تسوية نهائية للأزمة التي طال أمدها.
المبعوث الأممي يان كوبيش، شدد هو الآخر على حاجة ليبيا إلى إطار قانوني، وقاعدة دستورية، تصدر قريبا، من أجل إجراء الانتخابات في موعدها نهاية العام الجاري، داعيا في الوقت نفسه دول الجوار، إلى الانخراط في جهود سحب القوات الأجنبية والمرتزقة ودعم مسار تسريح المجموعات المسلحة وإعادة إدماجها.
أزمة المليشيات
ويعلق الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي، على تلك التطورات، مؤكدا أن اجتماع الجزائر، يستهدف تحريك المياه الراكدة، لكنه لن يقدم جديدا بحسب توقعه.
وأوضح أن الاجتماع لا يملك آلية لإصدار قرارات، أو ضمانة للالتزام بما سيتم الاتفاق عليه، مشيرا إلى أن غياب أطراف فاعلة عنه مثل: الولايات المتحدة، على الرغم من دعمها له، وروسيا الموجودة في الأزمة منذ بدايتها.
وقال: "اجتماع الجزائر لم يناقش أزمة وجود المرتزقة والقوات الأجنبية، ولا الآلية الواجب اتباعها لطردهم من البلاد، ولا حتى كيفية إنجاز الانتخابات في وجودهم، الذي يبدو أمرا واقعا لن يمكن تغييره خلال المدة الباقية على هذا الاستحقاق المصيري".
وحذر العفيفي من أن بقاء المليشيات في ليبيا، يمثل خطرا أمنيا داهما يهدد بانهيار العملية السياسية بالكامل، في ظل استخدام الإخوان لهذه المليشيات، في مناوشات تستهدف إشعال الأوضاع وضرب وقف إطلاق النار، لإدارة رحى المعارك مرة أخرى.
وأتم بالقول: "مناوشات الإخوان لعرقلة المسار السياسي، تعتمد كليا على وجود المليشيات، ما يعني أنه قد لا يمكن الوصول إلى إجراء الانتخابات في وجود هذه المليشيات، ما يستلزم وقفة حازمة من المجتمع الدولي لتصفية هذه العقبة قبل أن تؤدي إلى ضياع كل شيء".