باتت الأزمة الإثيوبية ضيفا دائما على المائدة الأممية بعد التقارير المتلاحقة التى تتعلق بارتكاب الجيش جرائم ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وهو ما كشفه تقرير منظمة العفو الدولية بجانب تقرير هيومان رايتس ووتش.
وقالت العفو الدولية فى تقريرها المنشور أغسطس الجارى، «ارتكبت القوات التى تقاتل لدعم الحكومة الفيدرالية عمليات اغتصاب واسعة النطاق ضد النساء والفتيات من عرقية تيجراى، موضحة من بين الجناة أعضاء من قوات الدفاع الإريترية وقوات الدفاع الوطنى الإثيوبية، والقوات الخاصة لشرطة أمهرة الإقليمية، وهى ميليشيا أمهرة غير رسمية.
وعقدت جلسة فى مجلس الأمن الدولى، نهاية الأسبوع الماضى حول الصراع فى إثيوبيا، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن «مستقبل إثيوبيا بكل معنى الكلمة على المحك» معربا عن «أسفه العميق للأحداث المأساوية التى تتكشف فى البلاد».
وأشار إلى «أنه لأمر مفجع أن نرى العديد من الشباب الإثيوبيين يتم استغلالهم وتعبئتهم فى المجهود الحربى، يتم توجيه طاقاتهم إلى طريق الانقسام والدمار بدلًا من طريق بناء مستقبل أفضل لجميع الإثيوبيين، سيكونون الضحايا فى نهاية المطاف فى هذا الصراع الذى لا داعى له».
وأوضح أن «القتال استنزف بالفعل أكثر من مليار دولار من خزائن البلاد وأن الديون تتزايد، كما أدى النزاع إلى نزوح ما يزيد على ٣٠٠٠٠٠ شخص».
وتعتبر تلك التصريحات هى الأبرز من الأمين العام للأمم المتحدة منذ اندلاع الحرب فى تيجراى قبل عشرة أشهر، وعلى نفس النهج كانت إحاطة الولايات المتحدة، حيث أكد السفير ريتشارد ميلز نائب المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أن الحكومة الإثيوبية لم تستجب لأى نداءات بشأن وقف الصراع وتقديم المساعدات والدخول فى مفاوضات، وإنما دعت علنًا إلى تعبئة الميليشيات.
وأوضح «ميلز»، أنه فى نفس الوقت استمرت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى فى حملتها العسكرية فى منطقتى عفار والأمهرة، وتؤدى العمليات العسكرية المستمرة لجبهة تحرير تيجراى فى هذه المناطق إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، وتشير التقارير إلى أن التحالفات العسكرية بين الجماعات المسلحة فى مناطق أخرى تخاطر بإشعال حرب أوسع فى إثيوبيا.
وأكد السفير الأمريكى، أن الحكومة الإثيوبية والسلطات الإقليمية تواصل عزل تيجراى، وتتسبب فى منع وصول المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء، ما يؤدى إلى معاناة إنسانية لا توصف، ويتعرض الملايين لخطر كبير من انعدام الأمن الغذائى فى شمال إثيوبيا، ويقدر أن مئات الآلاف من هؤلاء معرضون لخطر المجاعة فى تيجراى.
وأشار نائب المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى «نحن منزعجون من التقارير المزعجة التى تفيد بأن الحكومة الإثيوبية تتعمد منع المساعدات الإنسانية عن الإثيوبيين الجائعين، ويجب إزالة هذه العوائق أمام حركة الإمدادات الإنسانية على الفور.
وانتقل الصراع فى إثيوبيا من مجرد حرب محدودة فى إقليم تيجراى الواقع شمال البلاد إلى حرب شاملة حيث اتحد عدد من الجبهات المسلحة مع جبهة تحرير شعب تيجراى، ضد قوات آبى أحمد، فى محاولة لإسقاطه لتسببه فى أزمات إثيوبيا.
وبعد انضمام الأورومو للتيجراى، أعلن الحزب القومى الديمقراطى العفرى فى منتصف أغسطس الانضمام إلى التحالف ضد آبى أحمد مطالبا الموالين لرئيس الوزراء بمغادرة إقليم عفر وإسقاط حزب الازدهار.
فى هذا السياق؛ قال الدكتور ناصر مأمون عيسى، مستشار الشئون الأفريقية فى مركز رع للدراسات الإستراتيجية، إن استمرار رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، فى الحكم سيتسبب فى تفتيت إثيوبيا إلى مجموعة من الدويلات، وتتحول إثيوبيا إلى «يوغوسلافيا أفريقيا»، ويأتى تحالف عدد من الجبهات ضد آبى أحمد ليؤكد على أن رفض النظام لم يكن من جبهة تيجراى فقط.
وأضاف «مأمون» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»: على أن الجبهة الداخلية الإثيوبية مهترئة تماما ومن المتوقع أن تكون هناك أصوات عالية وبعض الأحزاب السياسية تطالب بإسقاط نظام آبى أحمد.