أكد خبراء فى الاقتصاد، أن اتجاه صندوق النقد الدولى لإتاحة توزيع مخصصات من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار، تأتي لمساعدة الدول على مواجهة آثار فيروس كورونا، وخاصة تلك الدول التى تضرر اقتصادها بشدة من الجائحة، حيث يمكن للدول استخدامها لدعم احتياطى النقد الأجنبى لديها أو استخدامها للإنفاق على بند معين فى الموازنة وفقا لأولويات الحكومة.
وقال الدكتور رمزى الجرم، خبير اقتصادي، إن صندوق النقد الدولى يسعى لحقن الاقتصاد العالمى بلقاح ضد مخاطر السقوط والانهيار من خلال توزيع مُخصصات السحب الخاصة بنحو 650 مليار دولار.
ويستهدف الصندوق مساعدة الدول الأعضاء على مواجهة آثار جائحة كورونا والتداعيات السلبية التى خلفتها، خلال الفترة الماضية، والاستعداد لفترة قادمة قد تكون أشد فتكًا من سابقتها.
وأضاف الجرم: من المعلوم أن حقوق السحب الخاصة، هى اصل احتياطى دولى استحدثه صندوق النقد الدولى عام 1969 ليصبح مكملًا للأصول الرسمية الخاصة بالدول الأعضاء بالصندوق.
وتابع: ويتم تحديد قيمة هذا الأصل؛ اعتمادًا على سلة من أربع عملات دولية أساسية، ويمكن مبادلته بأى من العملات القابلة للتداول الحر، وبما يعنى أنها آلية لتكملة احتياطيات النقد الأجنبى الخاصة بالدول الأعضاء، وبما يسمح لها، تقليص الاعتماد على الاقتراض الداخلى أو الخارجى مرتفع التكلفة.
وأكد الجرم، أن هذا يعتبر أكبر توزيع لحقوق السحب الخاصة "SDRs" فى تاريخ صندوق النقد الدولى، من أجل تعزيز صلابة الاقتصاد العالمى واستقراره فى مواجهة آثار جائحة كورونا، حيث تبلغ حصة مصر من توزيع مخصصات حقوق السحب الخاصة نحو 2.8 مليار دولار.
وأضاف: وبما يمكنها من توفير سيولة إضافية، يمكن استخدامها لسداد دون مستحقة أو فى الإنفاق العام، أو فى تدعيم رصيد الاحتياطيات الدولية طرف البنك المركزى، لكى يصل إلى نحو ٤٤ مليار دولار.
وشرح "الجرم"، ورغم وجاهة هذا التوجه من صندوق النقد الدولى، للعمل على إنقاذ الاقتصاد العالمى من الانهيار بسبب الأزمة المالية التى سبيتها كورونا، إلا أن توزيع حقوق السحب الخاصة على حسب مساهمة الدول الأعضاء، سيؤدى إلى عدم تخصيص وحدات سحب خاصة كافية للدول النامية أو للدول الضعيفة نسبيا، بسبب تدنى معدل مساهماتها فى تلك الحصص.
إذ إن حقوق السحب الخاصة بالدول النامية الأعضاء، بالصندوق لا تتجاوز 275 مليار دولار، منها 21 مليار للدول منخفضة الدخل، وهذا ما حدا بصندوق النقد الدولى، بالسعى نحو إنشاء صندوق استنمائى جديد، يحمل اسم "الصندوق الاستنمائى للاستدانة والصلابة" من أجل مساعدة الدول الفقيرة والضعيفة التى تجتاز تحولات هيكلية، أو لمواجهة تحديات المناخ، وبما يشكل أحد البدائل العملية لمعالجة القصور فى توزيع حصص السحب الخاصة، بحسب نسب مساهمة الدول الأعضاء بصندوق النقد الدولى.
واتفق الدكتور أيمن عبد المقصود، خبير اقتصادي، مع رأى "الجرم"؛ مؤكدًا أن مصر ستسفيد من القرار كسائر الدول الأعضاء من إتاحة سيولة إضافية لأصولها الاحتياطية، ووفقا لحصة مصر فى الصندوق ستبلغ قيمة ما تحصل عليه ما يوازى 2.8 مليار دولار تقريبا.
ويرى عبدالمقصود، أن استفادة مصر ستكون متوسطة نسبيًا من القرار، نظرا لأن مستوى الاحتياطى لديها مرتفع بالفعل.
وأضاف، أن الزيادة فى الاحتياطى ستنعكس إيجابًا على القدرة لمقابلة الاحتياجات الخارجية بسعة ومرونة أكبر، وأيضا القدرة على مواجهة أى صدمات أو متطلبات مفاجئة لها علاقة بالتعامل مع العالم الخارجى.
وتابع: أن التوزيعات الجديدة من صندوق النقد تأتى فى وقت أصبحت فيه زيادة السيولة المتاحة بالذات للدول النامية وذات الدخل المنخفض مهمة جدا خلال المرحلة الحالية لتسهيل التعافى ولو جزئيا من آثار جائحة كورونا، وخاصة أن الصندوق أشار بشكل خاص للتمكين من شراء اللقاحات اللازمة للإسراع فى التعافى.
وأشار إلى أن هناك دولا سترتفع احتياطاتها من النقد الأجنبى بأكثر من 50%، كما أن هناك دولا سيتضاعف الاحتياطى الخاص بها.
واقترح عبدالمقصود، أن يكون الصندوق أكثر مرونة مع الدول النامية وإتاحة المزيد من التمويل لها، وخاصة تلك التى تأثرت بشدة من جائحة كورونا وفى نفس الوقت مساهمتها ضعيفة فى الصندوق وبالتالى ستكون حصتها منخفضة.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن صندوق النقد يسمح للدول باستخدام هذه التوزيعات، أو احتسابها فقط ضمن احتياطياتها، وبالتالى يمكن لحكومات الدول الأعضاء، استخدام هذه الأموال فى سداد الديون أو استخدامها كمصدر للإنفاق على بند معين، وفقًا لأولويات كل حكومة.
ووفقًا للخبير الاقتصادي، سيصبح أمام مصر أن تختار بين استبدال حقوق السحب الخاصة بعملة صعبة أو زيادة حيازتها من تلك الحقوق واحتسابها ضمن الاحتياطى.