تسببت الحرب الأهلية في إثيوبيا في أزمة اقتصادية كبيرة إلى جانب الأزمة الانسانية حيث قتل الآلاف وتشرد الملايين والعديد منهم في أمس الحاجة إلى المساعدة، ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا كشفت فيه عن معاناة الإثيوبيين من الكلفة الاقتصادية الضخمة للحرب، والتي قد تستغرق سنوات لإصلاحها.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن تكلفة السلع الاستهلاكية الأساسية قد ارتفعت بالفعل في إثيوبيا - فقد كانت في المتوسط أعلى بنحو الربع في يوليو مقارنة بالعام السابق.
ويقول فيصل روبل، المحلل المقيم في الولايات المتحدة والمتخصص في شؤون القرن الأفريقي، إن الإنفاق على المجهود الحربي "أثر سلبًا حقًا على قدرة إثيوبيا على الوصول إلى الدولارات"، وتسبب في تدهور سعر الصرف، مضيفا "ليس من الواضح كم كلفت الحرب، لكن التوقعات تشير إلى أن الإنفاق العسكري يصل إلى 502 مليون دولار (365 مليون جنيه إسترليني) بحلول نهاية العام، ارتفاعًا من 460 مليون دولار العام الماضي.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن الصراع في حرب التيجراي "استنزف أكثر من مليار دولار من خزائن البلاد"، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة في إثيوبيا.
ويقول البنك الدولي إن الاقتصاد الإثيوبي قبل وباء كورونا وحرب تيجراي، كان من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة، حيث توسع بمعدل 10٪ سنويًا في العقد حتى عام 2019.
وتقول الخبيرة الاقتصادية إيرمجارد إيراسموس من مجموعة NKC African Economics الاستشارية، إن الحرب في إثيوبيا كان لها تأثيرا كبيرا على سمعة البلاد كمكان للاستثمار حيث أكدت: "إذا كان عملاؤك يتعرضون لضغوط شديدة من ارتفاع معدلات التضخم، فلن ترى نموًا يحركه المستهلك كما نراه في الولايات المتحدة أو منطقة اليورو".
وأضافت إيراسموس: الإنفاق العسكري لإثيوبيا قد يكون أعلى من المتوقع، وقد تحملت إثيوبيا ديونًا لم يتم الإبلاغ عنها في الماضي.
كما يثير قلق المراقبين الاقتصاديين الدين الوطني الإثيوبي، الذي يتوقع البعض أن يصل إلى 60 مليار دولار هذا العام، أو ما يقرب من 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد صندوق النقد الدولي أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي الإجمالي لإثيوبيا، لهذا العام بشكل كبير من 6٪ في عام 2020 إلى 2٪ فقط في عام 2021 - وهو أدنى مستوى منذ ما يقرب من عقدين، وتستورد البلاد حوالي 14 مليار دولار من البضائع سنويا، بينما تصدر 3.4 مليار دولار فقط.
وكانت الولايات المتحدة فرضت بعض قيود التأشيرات على الإثيوبيين المتورطين في الحرب، إلا أن المجتمع الدولي كان مترددا حتى الآن في ممارسة أقصى قدر من الضغط الاقتصادي على الحكومة الإثيوبية، أو قطع برامج المساعدات السخية، ويعيش حوالي ربع السكان تحت خط الفقر، ويبلغ متوسط الدخل السنوي 850 دولارًا فقط للفرد.
وفي نفس السياق يقول ويتني شنايدمان، الزميل غير المقيم في معهد بروكينجز للأبحاث بواشنطن: "من الواضح أن هناك مجالًا لتشديد العقوبات إذا لم يقم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام في عام 2019، بتخفيف حدة الصراع".
وأضاف شنايدمان أن معضلة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تتمثل في ممارسة ضغط كافٍ على رئيس الوزراء الإثيوبي، لإنهاء الحرب دون عزل إثيوبيا تمامًا.
وأوضح أن "كل الأدوات مطروحة على الطاولة، لكن لديك 110 ملايين شخص، ولا يمكنك جعل الأمة منبوذة، إنها مهمة للغاية واستراتيجية للغاية".
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أصدر قرارا في مستهل نوفمبر من العام الماضي بشن حرب ضد الجبهة الشعبية لتحرير شعب التيجراي، زاعما تعرض القطاع الشمالي من الجيش الإثيوبي لهجوم من جبهة تيجراي، وتسببت تلك الحرب في أزمة انسانية مروعة إلى جانب ارتكاب الجيش الإثيوبي لجرائم حرب ترتقي لتكون جرائم ضد الإنسانية وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية، التي اتهمت أيضا الجيش الإريتري وميليشيات الأمهرة بالمشاركة في جرائم القتل والاغتصاب والاستعباد الجنسي ضد نساء تيجراي.