ثلث طلاب الثانوية هذا العام قدموا تظلمات من النتيجة وهناك ثمانى محاولات للانتحار
ولو أصبح كل البشر أطباء أو مهندسين أو حتى نجوم رياضة أو تمثيل لاختفى الحلاق والترزى والسائق والعامل والزارع والمحامى والمدرس والاختلاف هى سنة الله فى أرضه، وبالتالى كل الكليات والوظائف مهمة.
يعتقد كثيرون أن الثانوية العامة هى بوابة المرور للمجد والرقى والثقافة، لكن واقع الحياة يقول غير ذلك فالكثير من النجوم والمشاهير والمخترعين لم يتلقوا تعليماجامعيا وهذا يؤكد أن الثانوية العامة ليست نهاية المطاف لكنها ربما تكون بداية جديدة بشكل مختلف يستطيع الإنسان من خلاله تحقيق ذاته وأبرز من صنعوا المجد لشعوبهم لم يدخلوا الجامعة.و أخفقوا فى الثانوية العامة، ولم يحصلوا على مجموع كبير يمكنهم من الالتحاق بكليات القمة ومع ذلك نجحوا فى مجال الفن وحققوا شهرة واسعة وثروة مالية ضخمة بالرغم من أنهم فشلوا، فالثانوية العامة هى فرصة واحدة من ضمن فرص كثير تعطيها لنا الحياة، ولو ضاعت فهناك فرص وقمم كثيرة لاتزال متاحة.
لو كان الالتحاق بكلية التجارة من ٩٨.٨٪ وآداب من ٩٧.٦٪ وحقوق من ٩٧٪ وطب وأسنان وصيدلة وهندسة من ٧٠٪ كانت كل رغبات الطلاب تجارة وآداب وحقوق ليس لحبهم أو اقتناعهم ولكن لأنها كليات القمة وهو المرض الأزلى للجميع متصورين أن القمة مدببة ومكان واحد، رغم أن كل مجال فيه قمة خاصة وكل شخص له قمة خاصة به وفى نفس الوقت تتسع القمة للجميع وقصص هؤلاء المشاهير الذين لم تصنعهم الثانوية العامة تبعث رسالة إلى طلاب الثانوية العامة أن النجاح لم يتوقف على مرحلة معينة أو حتى اجتياز امتحان بعينه بل يمكن صناعة النجاح من أى طريق يسلكه الشخص. ولعل أبرز هؤلاء النجوم الفنان أحمد حلمى والذى حصل على مجموع صغير لم يمكن من دخول كلية من كليات القمة ومحمد هنيدى الذى التحق بمعهد السينما بعد إخفاقه مرات فى الثانوية العامة وفصله من كلية الحقوق.
وعالم الكيمياء الدكتور مصطفى السيد، الحاصل على أعلى وسام أمريكى فى العلوم ومكتشف علاج السرطان بجزئيات الذهب، لم يلتحق بأى من كليات القمة، ودرس فى مدرسة المعلمين العليا، التى كانت «معهد عالى» وتوماس إديسون لم يلتحق بالمدرسة سوى ثلاثة أشهر فقط وتم فصله لأنه غبى، فقامت أمه بتعليمه بالمنزل، ليصبح أعظم علماء العالم. وسجل باسمه ١٠٠٣ براءة اختراع أهمها المصباح الكهربائى والبطارية الكهربائية. والكاتب العالمى وليم شكسبير ترك المدرسة بعد أن التحق بها فى عمر السابعة وارنست همنجواى قرر عدم استكمال تعليمه بعد حصوله على الشهادة الثانوية، وشق طريقه فى الكتابة الصحفية أولا، ثم بدأ فى الكتابة الأدبية. وهو الأمر الذى نجح فيه بالفعل وتوج نجاحه بحصوله على جائزة نوبل فى الأدب فى عام ١٩٥٤ عن رواية العجوز، وكذلك ترك جارسيا ماركيز دراسة المحاماة ليتفرغ للكتابة الصحيفة، وبالرغم من أن غارثيا ماركيز لم ينهٍ دراساته العليا، إلا أن بعض الجامعات مثل جامعة كولومبيا فى مدينة نيويورك قد منحته الدكتوراه الفخرية فى الآداب. بل إن بيل جيتس لم يكمل تعليمه الجامعى، وبالتالى لم يحصل على أى شهادات جامعية، وترك الرجل العبقرى جامعة هارفارد فى عام ١٩٧٥، خلال عامه الدراسى الثانى، ليبدأ إنشاء شركته الخاصة، تلك الشركة القديمة الصغيرة التى تسمى ميكروسوفت، وتبلغ قيمتها الآن ٦٠.٣ مليار جنيه إسترلينى لذا، إذا لم تحصل على النتائج التى كنت تأملها فى امتحانات شهادة الثانوية العامة الخاصة بك، فتذكر أن النجاح لا يتم تحديده بعدد من أحرف على قطعة من الورق، وللأسف يعتبر البعض النجاح غاية فى ذاته، لذلك تجدنا أحيانًا نقف لبرهة بعد تحقيقه لنسأل ماذا بعد؟ هذا لأننا لم ندرك أن النجاح فى أمر ما إنما هو خطوة للنجاح الأكبر الذى خلقنا لأجله ألا وهو عمارة الأرض. إذًا النجاح وسيلة والوسائل تعدل ويضاف عليها، تكبر، تتطور. شغفنا بالأشياء أحيانا يقتلنا «إما هذا أو لا شيء» النظر إلى الوراء يجعلك تتعثر مستلقيًا على وجهك وأنت بالتأكيد لا تريد ذلك عليك أن تبدأ من جديد الثانوية ليست نهاية المطاف إن كنت أنهيتها أو على وشك البدء بها، اعلم فقط أن لكل مجتهد نصيب وأن الله لا يضيع أجر المحسنين، فـالنجاح لا يصنع ذاته نحن من نصنعه، حيث يكمن فى الأشياء التى نحدثها لا تلك التى نسمح بحدوثها.
آراء حرة
الثانوية العامة مجرد فرصة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق