ما أشبه الليلة بالبارحة، حينما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ٧ سنوات من الآن للشعب المصري "حافظوا على بلدكم"، واليوم يقولها السيسي في مؤتمر بغداد الذي عُقد في العاصمة العراقية بغداد بحضور عدد كبير من رؤساء الدول العربية والإسلامية فضلا عن حضور الرئيس الفرنسي ماكرون وممثلين عن تركيا وإيران.
وناقش مؤتمر بغداد السبل الكفيلة لتعزيز مسار الحوار البناء بهدف إقامة شراكة وتعاون وتكامل اقتصادي بين العراق ودول الجوار والدول الصديقة. وقد أعطى المؤتمر رسائل واضحة ومباشر وإجماع من قبل الدول العربية والأوروبية على ضرورة تحقيق التنمية والاستقرار في دولة العراق الشقيقة الحبيبة التي يطلق عليها بلد الرافدين وصاحبة اقدم الحضارات القديمة والتي كانت أهم الدول العربية في الثقافة والعلوم والعلماء، وبها جميع عوامل التقدم والتطوير والنهضة، لولا ما حدث لها خلال العقدين الأخيرين من احتلال امريكا ومن قبلها حروب مع إيران وعمليات إرهابية لا تنتهي فضلا عن محاولات تقسيم العراق إلى العراق ومذاهب اسوة بدول عربية أخرى مثل السودان بهدف إضعافها وتمزيق روابط قوتها وايقاف نموها الاقتصادي الذي كانت تشهده من قبل.
ومن المتعارف عليه أن العراق واجه تأثيرات سلبية بالغة للإرهاب والحروب خلال السنوات العشرين الماضية، وهذا ما أسهم في تدمير البنية التحتية والاقتصادية هناك في البلد العظيم العراق. وهو ما جعل الرئيس السيسي
يطالب الشعب العراقي في كلمته في المؤتمر، بأن يحافظوا على بلدهم الغالي ويشاركوا في الاستحقاق الانتخابي المقبل ليختاروا من يمثلهم ويعملون من أجل استقرار بلدهم، بجانب استعداد مصر لدعم العراق في اي وقت لتحقيق استقراره واستعادة دوره العربي والإقليمي الفاعل والمؤثر بالتأكيد.
وتعددت خلال الآونة الأخيرة زيارات المسؤولين العراقيين إلى مصر حيث تم الاتفاق على التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع ضرورة تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق ومساعدته في مكافحة الإرهاب.
وتأتي مشاركة الرئيس في المؤتمر في إطار حرص مصر على دعم عودة العراق الشقيق لدوره الفاعل والمتوازن على المستوى الإقليمي ولضمان أمنه واستقراره وتقدمه والحفاظ على أمن شعبه الشقيق. وهذا أيضًا مطلب دول جوار العراق التي أعلنت التزامها بدعم الحكومة العراقية الوطنية والشعب العراقي في مواصلة البناء والتنمية وتحقيق الاستقرار وإعادة دور العراق الريادي في المحافل الدولية المختلفة والقضاء على الإرهاب والفكر المتطرف هناك.
وناقش مؤتمر بغداد السبل الكفيلة لتعزيز مسار الحوار البناء بهدف إقامة شراكة وتعاون وتكامل اقتصادي بين العراق ودول الجوار مثل إيران وتركيا والدول الصديقة الأخرى، وهي رسالة مهمة بلا شك تؤكد على النية الصادقة في تنمية العراق وتقدمه في المسار الاقتصادي والسياسي السليم والقضاء على الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في كافة البلاد في العراق.
كما أن تكرار زيارة الرئيس السيسي للعراق في أقل من شهرين تقريبا لها دلالات مهمة، عندما زار السيسي العراق في يونيو الماضي للمشاركة في فعاليات القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن وذلك في أول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ 30 عاما وهذا بالطبع له دلالات هامة بضرورة تنمية العراق وتحقيق استقراره وامنه لان هذا يعد جزء مهم من الأمن القومي العربي الذي تحرص مصر على الحفاظ عليه بشتى الطرق من أجل الشعب العراقي العظيم الذي صبر كثيرًا على المحن والأزمات التي مر بها طوال السنوات الماضية.
نحن مع استقرار العراق ووحدته وتقدمه الاقتصادي والسياسي وعودة دوره الثقافي المعهود مجددا، ومن أجمل ما حدث في المؤتمر أمس هو الإصرار على العمل الجماعي العربي من أجل النهوض بالعراق وتحقيق استقرارها؛ لأنها بلد عربي مهم واستقراره يعني استقرار الوطن العربي كله، وما حدث ويحدث الآن من اهتمام عربي بالعراق، ربما يكون نواة لتجمع عربي موحدا، نتمناه، بدأ مؤخرا باجتماع ثلاثي بين مصر والأردن والعراق لتفعيل التعاون العربي في كافة المجالات لتحقيق التنمية والاستقرار والقضاء على الإرهاب في العالم العربي وربما العالم كله، وسيمتد إلى باقي الدول العربي على أرض الواقع بإذن الله.
لذا فإن خطوة مؤتمر بغداد هامة للغاية في طريق عودة العمل العربي المشترك وربما إعادة إحياء فكرة السوق العربية المشتركة والدفاع العربي المشترك وإقامة تكتل العربي موحد يجابه التكتلات الغربية الأخرى في عصر لا يعترف إلا بالقوة والتكتلات!
آراء حرة
مؤتمر بغداد وبناء العراق الجديد
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق