قال أحمد أبو علي، باحث اقتصادي، إنه سادت حالة من الترقب والتساؤل لدي قطاع كبير من العملاء فى السوق العقاري بشكل عام وممن يرغبوا من العملاء في الشراء في مشروع العاصمة الادارية الجديدة علي وجه التحديد، وذلك عقب توجيهات الرئيس السيسي الأخيرة بعدم الإعلان عن طرح أي مشروعات عقارية علي اختلاف نوعيتها للبيع إلا بعد أن يتم تنفيذ ما لا يقل عن نسبة 30% منها.
وأضاف أن هذا الترقب يأتي علي اعتبار أنها تحظي بالنصيب الأكبر من عمليات الشراء والبيع من قبل العملاء والمطورين علي مدار الـ4 سنوات الماضية، نظراً لما قدمه مشروع العاصمة الادارية الجديدة من فرص استثمارية قوية ومتنوعة وذات معدلات ربحية عالية لكلا أطراف المعادلة البيعية (العميل والمطور)، ولعل ذلك ما أعلنته شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية من نيتها حول دراسة تعديل اشتراطات طرح الأراضى بمشروع العاصمة الادارية الجديدة، وذلك توافقه مع التوجيهات الرئاسية الأخيرة، حيث إن شركة العاصمة الادارية تقوم حاليًا بتعديل الاشتراطات الجديدة لطرح الأراضى وفقاً للتوجيهات الأخيرة بحيث تنص على إلزام المطورين بنسب تنفيذ 30% قبل طرح المشروع للبيع، إلا أنه من المتوقع أن يتم تطبيق هذا الشرط مع بداية الطرح للأراضي من المرحلة الثانية لمشروع العاصمة الادارية على المستثمرين.
وأضاف، لا أعتقد أنه سيطبق القرار بأثر رجعي علي المطورين الحاليين بالمرحلة الأولي في مشروع العاصمة الادارية أي كان توقيت حصولهم علي الأراضي التي سيقيموا مشروعاتهم عليها، وذلك في حالة اكتمال القرار علي المستوي التشريعي وصدوره من مجلس النواب ليكتسب الصيغة القانونية الإلزامية.
وأوضح، أن التوجيهات الرئاسية الأخيرة تعتبر نقلة مهمة وإيجابية فى السوق، شريطة أن تعمل الحكومة علي إدراجها من خلال منظومة أكثر كفاءة ومرونة وتراعى نظام عمل الشركات العقارية فى السوق المصرية، وأن العمل بنظام التسويق والبيع عقب تنفيذ نسبة من الإنشاءات، ينطوى على كثير من الإيجابيات، يأتى فى مقدمتها ضبط السوق وحماية العملاء من الشركات غير الملتزمة، وفى الوقت نفسه يوفر للمطور قدراً أعلى من الحماية ضد التقلبات العنيفة فى عناصر التكلفة، نظراً لأن الخطط السعرية مرتبطة بالتكاليف الحقيقية للإنشاءات.
وأكد أبو علي، لعل القرار المتعلق بإلزام المطورين العقاريين بتنفيذ نسبة الـ30% قبل طرح مشروعاتهم للبيع ليس لإعاقة المطورين العقاريين، وليس قرار جديد علي صعيد الساحة العالمية، وإنما معمول به في كثير من الدول، فعلي سبيل المثال السوق الإنجليزي تعد من أكثر الأسواق تنظيماً، وتتبنى فكرة التسويق والبيع بعد تنفيذ 30% من الإنشاءات، ولكن من أهم عوامل نجاح تلك المنظومة هو تواجد دور قوى ومهم للجهاز المصرفى الذى يساند شركات التطوير العقاري منذ اللحظة الأولى وحتى تسليم الوحدات، ولعل ذلك ما يعد متوافراً في مصر الآن، حيث يمتلك الاقتصاد المصري الآن جهازاً مصرفياً قوياً واحترافياً أيضاً تستطيع شركات التطوير العقارى من خلاله تنفيذ ذلك.
ونوه إلي أن فكرة القرارت الأخيرة المتعلقة بإلزام المطورين العقاريين من القيام بتنفيذ نسبة 30% من مشروعاتهم الجديدة قبل طرحها للبيع تقوم علي أن المطور يقوم فى البداية باختيار الأرض والتعاقد عليها، ثم يتوجه بدراسة مالية وفنية إلى إدارة الائتمان بأحد البنوك للحصول على قرض تمويلى، وبالتالى يكون البنك شريكاً فى التمويل منذ اليوم الأول، وعند استكمال 30% من الإنشاءات يتمكن المطور من طرح المشروع للبيع، ويلتزم العميل بسداد ما بين 20 و30% من ثمن الوحدة لشركة التطوير قبل الاستلام، وهنا يأتى دور منظومة التمويل العقارى التى تسدد لشركة التطوير العقارى باقى قيمة الوحدة عقب الاستلام، ثم تتولى استكمال عملية التقسيط مع العميل على فترات زمنية طويلة.
وأوضح: سيكون ذلك سببًا قويًا في القضاء علي السيناريو المصري في التطوير العقاري والذي تعتمد عليه معظم شركات التطوير العقارى المصرية وهو أن منظومة التطوير العقاري في مصر تعتمد على علاقة شراكة بين العميل والمطور فى تمويل المشروع، حيث تتولى شركة التطوير العقارى تدبير الاستثمارات المطلوبة لشراء الأرض وسداد المقدمات، كما تتحمل تكلفة وضع المخطط التفصيلى والتصميمات الهندسية واستخراج التراخيص والموافقات والحملة الترويجية، ويمكن تقدير حجم التكلفة المطلوبة وخاصة تكلفة الأرض، حيث أن الأرض بسعرها الحالى الآن قد تتجاوز 50ً% من التكلفة الإجمالية للمشروعات العقارية، ثم تستخدم مقدمات حجز الوحدات والأقساط الربع سنوية فى تدبير التمويلات المطلوبة لأعمال الإنشاءات والتشطيبات، وهو ما قد يمنح العميل مزايا فى سداد ثمن الوحدة على فترات زمنية أطول تمتد لأكثر من 10 سنوات فى الوقت الحالى.
وفيما يتعلق بمشروع العاصمة الادارية الجديدة ومدي تطبيق القرارات الأخيرة عليها أوضح الباحث الاقتصادي، هناك سيناريو آخر يري بأن السبب الرئيسي في صدور تلك القررات، هو تأخر العديد من شركات التطوير العقاري في تسليم مشروعاتها للعملاء، ولعل تلك القررات ستساهم في ضبط وتصحيح هذا الأمر، ولعل ذلك التخوف لا يتواجد بمشروع العاصمة الادارية، وذلك لأنه حتي الآن لم تأتي أي مواعيد للاستلام وخاصة المشروعات المطروحة من قبل المستثمرين في المناطق المخصصة لهم من قبل الدولة بالعاصمة الادارية الجديدة، وذلك علي الرغم أن نسبة تتجاوز الـ98% من المشروعات المتواجدة في العاصمة الادارية الجديدة الآن قد اقتربت من الأعمال الإنشائية النهائية، وإن لم تكن قد انتهت بالفعل علي الرغم من أن مواعيد تسليمها لم يأتي بعد وخاصة المشروعات التي طرحت مع بداية إطلاق مشروع العاصمة الادارية منذ 4 سنوات ومن المفترض أن يتم تسليمها خلال نهاية العام الحالي، كل هذا إن دل فإنما يدل علي احترافية مطلقة في الادارة لتلك المشروع الذي اكتسب صبغة قومية، وأحدث نقلة نوعية في شكل ونمط الاستثمار العقاري في مصر، وجعل السوق العقاري المصري الآن يحظي برغبة قوية من العديد من المستثمرين المحليين والأجانب للتواجد فيه.
وأكد أبو علي، بات من الضروري أن تصبح لدينا في مصر الآن هيئة مستقلة لإدارة السوق العقاري وتنظم إليه الاستثمار فيه بما يعظم من جدوي وربحية اقتصادية للمطور والعميل تكون مهمتها مراقبة السوق العقاري، وتوجيه كافة أشكال الدعم والمساندة علي الصعيد الاستثماري والمالي تحديداً، وخاصة للمطور الذي لا تتوافر لديه الملاءة المالية القومية التي تمكنه من تنفيذ مشروعاته بشكل منفرد دون الاعتماد علي سياسه البيع أولاً، وذلك من خلال لعب دور الوسيط بين المطورين والجهاز المصرفي في تلك النقطه تحديداً، أما فيما يتعلق بمن يرغب من المستثمرين الدخول إلي السوق العقاري دون امتلاك سابق معرفة أو خبرة استثمارية في المجال تؤهله لذلك، فيصبح دور تلك الهيئة هو تقديم كافة أشكال الدعم المعلوماتي والتوعية بمتطلبات الاستثمار العقاري داخل السوق المصري.