قال القس باسم بشرى، الأمين العام لمدارس سنودس النيل الإنجيلي، إن مدارس الكنيسة أخذت على عاتقها الاهتمام بالطفل منذ الصغر، وبنائه والاستثمار فيه، لكي يكون مبدعًا وبناءً في المجتمع الذي يعيش فيه، ويعمل على تغييره للأفضل، ليس ذلك فقط، ولكن نحن نهتم بكل الأطفال حتى ذوي الهمم "أصحاب القدرات الخاصة"، لكي نزرع فيهم الأمل، وبعد التعامل معهم اكتشفنا أن لديهم قدرات خاصة كامنة، ويمكن لهم أن يكونوا نقطة انطلاق في المجتمع.
وأضاف "بشرى": نحن نؤمن كمدارس سنودس النيل الإنجيلي، أنه من حق كل مواطن، أن يعيش الحياة الأفضل، وأن يعيش في مجتمع يقبله، ويتكيف معه، ويفيده ويستفيد منه، ويمارس فيه كافة حقوقه وواجباته. لذلك انطلقت رسالتنا من إيماننا، فرسالتنا ليست فقط هي الرسالة التعليمية للطلاب، الذين يطلق عليهم طلاب طبيعيين، ولكن رسالتنا لكل أطياف المجتمع.
وتابع قائلا: هذه هي الرسالة التي بدأت بها الكنيسة الإنجيلية المشيخية في مصرنا الحبيبة؛ فقد بدأت الكنيسة وتلازمها المدرسة والمستشفى إيمانًا منا بأن رسالتنا ليست هي الرسالة الروحية فقط، ولكن رسالتنا موجهة للإنسان بكل جوانبه الروحية والتعليمية والصحية والثقافية، لأن الإنسان العليل والجاهل لا يستطيعان أن يقيما علاقة صحية سوية مع الله، ومن هنا انطلقت رسالتنا ككنيسة إنجيلية وكمدارس تابعة للسنودس– المجتمع الأعلى للكنيسة المشيخية بمصر- لنخدم المجتمع بكافة أطيافه.
وكشف "بشرى"، عن أن مدارس سنودس النيل الإنجيلي، تعمل بمناهج وزارة التربية والتعليم، وتعمل على الابتكار في تقديمها للطلبة، من وسائل إيضاح تكنولوجية عالمية، بينما في المستوى الخاص يتم انتقاء مناهج عالمية، بعناية فائقة من إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وواصل "بشرى" حديثه بقوله: أما بالنسبة لهيئة التدريس داخل هذه المدارس يتم انتقاؤهم بعناية فائقة على أعلى المستويات ويتم تدريبهم أكاديميًا ومهاريا ونفسيًا، ونعمل على تطوير مواهبهم.
وأشار إلى أن المدرسة تهتم كثيرًا بمرحلة رياض الأطفال، فإيماننا بأن التعليم في مرحلة رياض الأطفال، الركيزة الأساسية لتأسيس طفل متفوق مستقبلًا، لذا فإن هناك عددًا من البرامج المتخصصة في تبادل الخبرات والثقافات بين مدرسي رياض الأطفال وكبرى المؤسسات التعليمية في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، لتطوير العملية التعليمية، والتعرف على الطرق الحديثة المستخدمة في التعليم، وإكسابهم المهارات في التعامل مع الأطفال.
وبشأن المدارس التابعة للكنيسة؛ قال "بشرى"، إنها تقدم حصة في الأسبوع تسمي "سلوكيات"، يستخدم فيها برامج سلوكية عالمية، الهدف منها تهذيب الطفل، وزرع المبادئ السامية التي تحث عليها الأديان السماوية، كما تحرص المؤسسات التعليمية على تعليم فنون الإتيكيت في التعامل، وفنون وآداب الطعام، من خلال تقديم وجبة ساخنة للبنات، من مرحلة رياض الأطفال، حتى الصف الرابع الابتدائي، بدخولهم المطعم الملحق بالمدرسة، وتعليمهم آداب المائدة.
وكشف "بشرى"، عن أن لدى إحدى مدارس السنودس، قسما خاصا لبنات أصحاب الهمم، يعلمهن ويؤهلهن على أعلى المستويات، فقد بدأ هذا القسم منذ عام 1973، ويعتبر أول الأماكن التي اهتمت بتقديم مثل هذه الخدمة في المجتمع المصري، وهدف هذا القسم مساعدة الطالبات للوصول إلى أفضل مستوى مرضي، من الاعتماد على النفس، من القيام بالأمور الحياتية، والعمل مع الأسرة، وتأهيلهن أكاديميًا لانخراطهن في المجتمع.
واستطرد "بشرى"؛ وعلى الجانب الآخر، لدينا مدارس بها قسم دمج لأطفال كانت عائلاتهم تعتبر وجودهم على قيد الحياة مشكلة كبيرة، ويصعب انخراطهم في المجتمع، وكانوا يخجلون من مجرد التواجد معهم في المجتمعات، لكن حينما خضعوا لبرنامج الدمج والتأهيل في مدارسنا، تغير الحال، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر؛ مدرستنا في طنطا، تم افتتاح قسم الدمج عام 2009/ 2010، وبه الآن 60 طفلًا.
واستطرد قائلا: وهذا القسم يقوم على رؤية واضحة، وهي توفير بيئة آمنة للأطفال، لأنهم جزء من المجتمع، ولهم الحق في التعليم، وعلى الجانب الآخر تعليم الأطفال الطبيعيين كيفية التعامل مع المختلفين عنهم، وقبولهم لأنهم مميزين بقدرات خاصة، وأيضًا دعم أولياء الأمور، وزرع أمل جديد لأبنائهم في المستقبل.
وأضاف "بشرى": وانطلاقًا من هذه الرؤية، أسسنا برامج واختبارات تشمل اللغة والحركة والمعرفة ورعاية الذات، وتعطى نسخة لولي الأمر للوقوف على حالة ابنه الحقيقية، ويتم تخصيص معلم مُدَرَّب جيدًا لرعاية هذا الطفل، ويتم عمل جلسات للطفل بشكل فردي لتنمية مهاراته وتعليمه كيفية تكوين صداقات داخل الفصل.
في السياق نفسه؛ قال الشيخ سمير جاب الله متي، عضو المجلس الإنجيلي العام، القائم على إدارة إحدي المؤسسات التعليمية التابعة للكنيسة الإنجيلية في قطاع بحري، إن سبب إقبال المصريين على هذه المدارس، أن لديها رسالة تؤمن بها، وتعمل على تأديتها في المجتمع، مبنية على الاحترام وقبول الآخر، والحقوق والصدق والأمانة.
وأضاف "جاب الله متى": نؤمن بأن الطفل أمانة لدينا، وله حقوق من أبرزها الاحترام والمكان المهئ للتعليم، بالإضافة إلى المعاملة الكريمة والتعليم الجيد، فنجد الفصل الدراسي حاليًا يسع 16 طالبًا فقط، بينهم مساحة جيدة للحركة والتباعد، وبالأخص بعد كورونا تعمل المدرسة بكل طاقتها، على الحفاظ على التلاميذ، وإيجاد البيئة الصالحة.
وكشف "جاب الله"، عن أنه أثناء طابور المدرسة الصباحي، يخصص 15 دقيقة لقراءة جزء من الكتاب المقدس، وتلاوة جزء من القرآن الكريم، لترسيخ قيم مشتركة، كالمواطنة وقبول الآخر والانتماء والسماحة وغيرها؛ بالإضافة إلى الاهتمام بوجود مسجد وقاعة صلاة، وتكون مسئولية مدرس الدين الأسلامي والمسيحي، ويقدم فيها حصة الدين.
وتابع "جاب الله": نعمل على معاملة الطفل من خلال ثلاثة جوانب، وهى جانب معرفي– مهاري- وجداني، تشكل شخصية الطالب، كما نعمل على تدريب المعلم التربوي أيضًا على هذه الجوانب الثلاثة، لبناء شخصية الطفل من الداخل، لكي يكتسب ثقته بنفسه، كما يكتسب مهارات الابتكار، وكيف يكون مؤثرا في بيئته، وكيف يتعامل مع مجتمعه ويؤثر فيه.
نماذج متفوقة دينيًا ووطنيًا ومجتمعيًا
وقالت سماح حلمي عودة، إخصائية اجتماعية، تعمل بإحدى مدارس الكنيسة منذ 28 عامًا، وهي درست بالمرحلة الابتدائية بهذه المدرسة، وهي شقيقة الفنان أحمد حلمي: اليوم سأتحدث عن خبرتين كطالبة وكإخصائية اجتماعية، فالمدرسة تهتم بالطالب ونفسيته وميوله، وتكشف عن مهاراته، وتوجهه من خلال أنشطتها التي تهتم بها، فالمدرسة تهتم بالأنشطة الرياضية والفنية بكل قطاعتها، والأدب وغيرها.
وكشفت "حلمي"، عن أن المدرسة سنويًا تعد عددا من المسابقات والحفلات، لتكريم المتفوقين، وبالأخص في حفظ القرآن الكريم، وكانت تحصل على المراكز الأولى، ويتم تكريمهم، فالمدرسة مسيحية، لكن لا يوجد فرق بين الطالب المسلم والمسيحي داخلها، وكذلك المدرس أو العامل، فالطالب يعامل على حسب مجهوده وتفوقه، ويجازى على حسب تقصيره، بعيدًا عن أي ميول دينية وكذلك المدرس.
وتابعت "حلمي": عملت المدرسة على أن الحصص الأولى، داخل الجدول التعليمي، هي حصة الريادة، ويدرس بها السلوكيات؛ كالأمانة، والإخلاص، حب الآخر، الترابط والتكامل، والعمل الجماعي وغيرها.
وقالت: أما بشأن تخصصي كإخصائية اجتماعية تعمل المدرسة على اتباع كل الطرق التربوية الحديثة والنفسية في التعامل مع الطلبة والمدرسين، ووضع جداول زمنية بها مساحات كافية للأنشطة والعمل المهارى، لإكساب الطلبة مهارات لبناء شخصياتهم، وترتيب عدد من الرحلات واللقاءات وعمل المعسكرات، وغيرها من الأنشطة لمد الجسور بين المؤسسة التعليمية، وأولياء الأمور والطلبة.
وأضافت: بالفعل نجد مساندة حقيقية من أولياء الأمور في دعم أنشطتنا وتأمينها من خلال مجلس الآباء من خلال تأمين الرحلات وتقديم المساندة والدعم من خلال أساتذة جامعيين، فمثلًا في إحدي المرات قام أحد المتطوعين، "وكيل كلية طب بإحدي الجامعات المصرية"، بتقديم عدد من الندوات، كما قام باستقبال عدد من التلاميذ والطلبة بالكلية، وتبني عدد من المتفوقين في الإبداع والاختراع، وساندهم من الجوانب التقنية والحقوقية.
وقال الفنان أحمد حلمي، إنه كان يدرس بمرحلة التعليم الأساسي، بإحدي المدارس التابعة للكنيسة الإنجيلية بمصر، وسمح لي الوقت بتسجيل برنامج، وقمت بزيارة مدرستي، وتذكرت ماما عفيفة "مدرسة"، مس وجيه من أكثر الشخصيات التي تعلقت بهم، وأتذكرهم حتى الآن.
وتابع: كان يوم سعيد جدًا، عندما قمت بعمل معايشة يومية، بدايةً من الطابور وتحية العلم، والدخول للفصل، والجلوس على مقعد، والحديث مع التلاميذ، والالتقاء بالمدرسين ومناقشة التلاميذ في قضايا وأمور تخصهم وتشغلهم، كما شهدت التطوير التي تقوم عليه العملية التعليمية بالمدرسة التي تمنيت أني أعود وأرجع طفل لكي احتك به مرة أخرى، المدرسة بالفعل بها روح محبة وقبول وتسامح.
بينما قالت الصحفية ديانا الضبع، مستشارة الاتصال الاستراتيجي، ورئيس تطوير محتوي شبكة قنوات cbc سابقًا، خريجة المدارس، إنها ممتنة وشاكرة لاثنين، وتسند لهما كل نجاحاتها وتطوير شخصيتها هي والداتها ومدرستها، فالمدرسة شكلت في وجداني، وفي بناء خبراتي واكتشاف مهاراتي والعمل على تطويرها، فمنذ الصغر تعلمت معني الحرية وفق ضوابط صارمة، وتعلمت معني وقيمة الوقت والثواب والعقاب، وغيرها من الأمور التي شكلت في تكويني.
وكشفت "الضبع" عن أن شخصيتها كان تتميز بالحركة والانطلاق، لكن في المدرسة تعلمت معني السيستم الصارم، والوقت وقيمته، وأيضًا حرية التعبير عن الرأي والإبداع، من خلال مؤسسي وقادة المدرسة من خلال المرسلين الأمريكان، بالإضافة إلى أن مدرسة كلية رمسيس للبنات خرجت شخصيات قوية وفريدة في أماكنهم وشخصياتهم القوية.
وتابعت "الضبع": المدرسة شجعت موهبتي من خلال تعلمي لأصول اللغة العربية، وفن الكتابة وغيرها من المواهب الأخري، وشاهدت اهتمامهم بي عندما دخلت لعدد من المسابقات ثم تكريمي، كما حصلت على عدد من شهادات التقدير وأخذت جوائز تقديره، فوجدت المدرسة وأمي وهما يعملان على بناء شخصيتي وثقتي في نفسي، واتجاهي من طفولتي أنني أدخل كلية إعلام قسم صحافة، وعملي بإحدي الصحف القومية العريقة ولها تاريخ.
كما تعمل المدرسة على خلق جو من التسامح الديني بعمق وصدق وقبول الآخر، نموذج متفوق دينيًا ووطنيًا ومجتمعيا لبناء نشأ سليم له أحلام ورؤي مستقبلية لبناء مجتمع صحي، وفي ختام شهادتي أتمني وأنأشد الدولة المصرية بأنها تتبني هذه المدارس والتوسع في إنشائها لأنها نموذج حقيقي معاش في تنمية الكوادر الحقيقية واستثمارها لبناء مستقبل أفضل، ووعي حقيقي.