لا تزال أصداء الأزمة الأفغانية تتردد حول العالم، فبينما تتسابق الدول في إجلاء الأجانب من أفغانستان وإنقاذ المواطنين الأفغان الراغبين في الفرار من براثن حكم حركة طالبان، أثيرت أزمة بسبب ضيق المهلة لإنجاز تلك المهمة الشاقة.
ونادت عدة دول بضرورة تمديد موعد ٣١ أغسطس الجاري، لإتمام العملية على أكمل وجه وتصدرت بريطانيا الدول التي طالبت بذلك، ودعت إلى اجتماع طارئ لمجموعة الدول السبع الكبرى، الذي انتهى بلا أي جديد، وجاء رد الفعل الأمريكي مخيبا للآمال. وانتقد الكاتب البريطاني أندرو جريس، موقف المملكة المتحدة الأخير من الأزمة الجارية في أفغانستان، حيث أوضح أن إستراتيجية "بريطانيا العالمية" التي وضعها رئيس الوزراء بوريس جونسون، قبل خمسة أشهر فقط، قد عفا عليها الزمن بالفعل.
وأشار "جريس" في مقاله المنشور بصحيفة "الإندبندنت" إلى أن بوريس جونسون أخبر أعضاء البرلمان البريطاني أنه "سيتم تضخيم تأثير المملكة المتحدة، من خلال تحالفات أقوى وشراكات أوسع- ولن يكون هناك ما هو أكثر قيمة للمواطنين البريطانيين من علاقتنا مع الولايات المتحدة، وحجر الأساس للمراجعة المتكاملة للأمن والسياسة الخارجية هو بقاء الولايات المتحدة أهم حليف وشريك استراتيجي للمملكة المتحدة".
وأضاف الكاتب البريطاني، أنه مع التزام الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالموعد النهائي الذي حدده في ٣١ أغسطس للانسحاب من أفغانستان، في الاجتماع الذي عقد لقادة مجموعة السبع، أثبتت أن العلاقة الخاصة ليست "ذات قيمة" بما يكفي بالنسبة للأفغان الذين تريد المملكة المتحدة إجلاءهم من بلادهم.
ولفت الكاتب البريطاني أندرو جريس، إلى أن التعليق الأكثر وضوحا في ذلك جاء من جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، الذي قال إن الإدارة تعتقد "أن لدينا وقتًا من الآن وحتى الحادي والثلاثين من أغسطس لإخراج أي أمريكي يريد الخروج".
وقال أندرو جريس، إن بيان بايدن لقادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" أكد أن الولايات المتحدة ستحتفظ بما يكفي من الوجود العسكري لهم لإبقاء سفاراتهم في كابول مفتوحة، مضيفًا: "لا عجب أنهم شعروا بالخيانة" في إشارة إلى قادة الناتو.
وينتقل الكاتب البريطاني للحديث عن مطالب حكومة بلاده بضرورة تمديد مهلة الإجلاء، قائلا: "بشكل غير عادي، أعلن الوزراء البريطانيون مرارًا وتكرارًا عن مطلبهم بتمديد الموعد النهائي للولايات المتحدة بطريقة علنية جدًا قبل اجتماع مجموعة السبع، بدلًا من استخدام القنوات الدبلوماسية الخاصة العادية، وهو ما يؤكد فقط على عجز المملكة المتحدة بمجرد رفض الطلب".
وأضاف الكاتب البريطاني: "كذلك الأمر بالنسبة لسباق الزمن على القوات البريطانية في مطار كابول، حيث تكون الساعة في قبضة نظرائهم الأمريكيين، ويتساءل بعض نواب حزب المحافظين البريطاني عما إذا كان الأمر يستحق دعوة بوريس جونسون لجلسة طارئة لمجموعة السبع".
وأكد، أنه إذا كان يعتقد أنها كانت نوعًا من بوليصة التأمين التي تسمح له بإلقاء اللوم على بايدن إذا كانت هناك أعمال انتقامية ضد أولئك الذين لم تستطع المملكة المتحدة إنقاذهم، فمن المحتمل أن يصاب رئيس الوزراء بخيبة أمل؛ فمن غير المرجح أن يتهرب من المسئولية.
وأشار إلى أن حتى المكاسب الواهية التي تحدث عنها رئيس الوزراء البريطاني بعد اجتماع مجموعة السبع "خارطة طريق للتعامل مع طالبان" هي موضع شك، حيث قال مسئولون في الاتحاد الأوروبي إنه لم يتم الاتفاق على مثل هذه الخطة.
وقال "إن جونسون في حالة إنكار، فهو يجادل بأنه لا توجد حاجة لإجراء تحقيق في العملية البريطانية التي استمرت ٢٠ عامًا في أفغانستان لأن مراجعة الأمن والسياسة الخارجية أخذت ذلك في الاعتبار، لكن استراتيجيته "الجديدة" قد تجاوزتها الأحداث بالفعل".
وأوضح أنه "في عالم متقلب رأسًا على عقب، تحاول المملكة المتحدة الآن استمالة الصين وروسيا، وهما أكبر تهديدين لها، في محاولة لإقناعهما بممارسة تأثير معتدل على طالبان".
وأكدت حركة طالبان، الثلاثاء الماضي، أن الحركة لن تسمح بأي عمليات إجلاء بعد ٣١ من أغسطس الجاري؛ لافتةً إلى أن الأجانب فقط هم من سيغادرون أفغانستان.
وكان مدير المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، عقد اجتماعا الأسبوع الماضي مع زعيم حركة طالبان عبدالغني بارادار، في العاصمة الأفغانية كابول وصفته صحيفة "واشنطن بوست" بـ"الفضيحة"، وأشارت الصحيفة إلى أن الطرفين ناقشا اقتراب تاريخ ٣١ أغسطس.