على قدم وساق تسعى مصر للمسارعة في إنتاج أكبر كمية من لقاحات كورونا بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات في ظل التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الحالي نتيجة انتشار العديد من السلالات والتحورات لفيروس كورونا المستجد خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي للتوجيه بمضاعفة الإنتاج من لقاحات كورونا خلال الفترة المقبلة.
ولعل هذا ما كشفته الدكتورة هبة والي رئيس مجلس إدراة الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا"، التي قالت في العديد من التصريحات الصحفية التي نشرى على مدى الأيام الماضية أن مصر عازمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات لموجاهة الموجات المتتالية من كورونا، مؤكدا أن مصر كانت من أوائل الدول التي سارعت في عمليات التصنيع وتسعى جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات المضادة لوباء كورونا
أول مليون جرعة
وتأتي تصريحات "والي" بالتزامن مع وصول أول مليون جرعة من لقاح سينوفاك – فاكسيرا المصنع في مصر إلى مراكز التطعيم على مستوى الجمهورية، حسبما أعلنت وزيرة الصحة في بيان صحفي أمس الأول، وقال الوزيرة إن 657 مركزا للتطعيم بمختلف المحافظات تلقت الشحنة الأولى من اللقاحات المصنعة في مصر.
وقال وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، في البيان إن الوزارة قد خططت في وقت سابق لتوفير 10 ملايين جرعة من اللقاح في مراكز التطعيم بحلول منتصف أغسطس. وصنعت فاكسيرا حتى الآن 15 مليون جرعة من اللقاح وستزيد من طاقتها لإنتاج 15-18.5 مليون جرعة شهريا، وفقا لتصريحات زايد هذا الاسبوع.
جرعات إضافية
ومن المقرر وصول نحو 5.2 مليون جرعة من لقاحي فايزر ومودرنا الشهر المقبل، إلى جانب المزيد من شحنات لقاح جونسون آند جونسون، بما في ذلك دفعة ثانية من 700 ألف جرعة من اللقاح أحادي الجرعة الذي كان من المقرر وصوله "في الفترة المقبلة"، وفقا لبيان الصحة.
وبحسب هالة والي، رئيسة شركة فاكسيرا، غأن الشركة تجري مفاوضات مع دولة في شمال أفريقيا لم يكشف عنها لانشاء مكتب إقليمي بها، والتحول بمصر لمركز إقليمي لتصنيع وتوزيع لقاحات كورونا، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تنتج مصر حوالي 80 مليون جرعة من لقاح سينوفاك بنهاية العام الجاري.
مصر محور إقليمي لتصنيع اللقاحات
وأكدت أن من مصر من أوائل الدول التي تمتع بخبرة في عملية إنتاج اللقاحات، وتاريخ مصر مع تلك العملية يتخطى حاجز الـ50 عاما، معربة عن تمنيها أن تصبح مصر محور إنتاج اللقاحات بإقليم الشرق الأوسط بأكمله، موضحة أن مصر لا تستهدف رفع كفاءة إنتاجها لقاح سينوفاك فقط، بل هناك خطة موضوعة لإنتاج عدد من أنواع اللقاحات الأخرى.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات بفضل ما تمتلكه من خبرات واسعة في مجال تصنيع اللقاحات وهذاه الخيرة تمتد لعشرات السنين، وبالتالي فإن تحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب مجهودات كبيرة إلا أنه يشكل مصدر قوة لمصر في المنطقة.
وأضاف بدران للبوابة نيوز، أن التصنيع المحلي إلى جانب توفير اللقاحات المواطنين يوفر من فاتورة الاستيراد باهظة الثمن، فاللقاحات في العالم في ظل الطلب الشديد تكلق الدولة ملايين الدولارات لاستيرادها، إلا أن التصنيع المحلي يبخفف هذه الأعباء عن كاهل الدولة، ويساعدها على تحقيق الحماية الكاملة للمواطنين من مخاطر وتحديات "كورونا".
وشدد خبير المناعة على أهمية تلقي لقاحات للحماية من التداعيات الصحية على الإنسان، ولفت إلى أن لقاحات كورونا تحمي الشخص من مضاعفات المرض عن طريق تحفيز المناعة ضد الإصابة بالمرض الناتج عن العدوى بفيروس كورونا، كما أنها تحمي المجتمع ككل من مخاطر الفيروس الصحية والاجتماعية والاقتصادية أيضا فكلما زاد عدد الذين يتلقون التطعيم كلما قل احتمال تعرّض أفراد المجتمع غير المطعمين باللقاحات لخطر كورونا".
ضغوط سياسية
وتابع: "تصنيع اللقاحات محليا يعد إنجازا جديدا للمنظومة الصحية في مصر، وبجانب توفير فاتورة الاستيراد الباهظة، فأنه يقي مصر الموائمات من قبل الدول المصنعة التي لطالما كانت توزع اللقاحات وفقا لاهوائها السياسية، وهو ما يتسبب في نقص بعض اللقاحات، لذا فإن التصنيع المحلي يرفع من أسهم مصر في المنطقة ويجعلها مركز لإنتاج وتصنيع كميات كبيرة من اللقاحات وتوفيرها للعديد من دول الشرق الأوسط والقارة الإفريقية أيضا".
ووافقه الرأي الدكتور على فهمى، رئيس قطاع البحوث والتطوير بشركة "فاكسيرا"، الذي أكد أن تصنيع اللقاحات محليا يجنب مصر الضغوط السياسية التي كانت تتعرض لها في السنوات الأخيرة مقابل توفير اللقاحات، حيث كانت الدول المنتجة تتحكم في التوزيع وفقا لطبيعة السياسات اليت تحكمها.
توطين تكنولوجيا التصنيع
وأضاف فهمي للبوابة نيوز، أنه قبل شهور قليلة كان تصنيع اللقاحات في مصر يعد أملا كبيرا إلا أنه بدأ يتحقق على أرض الواقع، مشددا على أن مصر تمتلك من الكفاءات والخبرات ما يؤهلها لتكون ضمن الدول المنتجة للقاحات، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب مزيدا من الخبرات العلمية والتكنولوجية الحديث والمتبعة في تصنيع اللقاحات.
وتابع: "تصنيع اللقاحات الحالي يعتمد على جلب كميات من المواد المركزة من أجل تصنيع جرعات وتوزيعها على المواطنين وهو أسلوب متبع في فاكسيرا منذ سنوات، وهي طريقة آمنة ومضمونة تماما، ولعل أهم مميزات هذه الطريقة أو التقنية في التصنيع هي أنها تقنية سريعة لإنتاج اللقاحات عن طريق المزارع النسيجية، إلا أن بعض اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا تتطلب المزيد من التجارب الإكلينيكية والمعملية مثل لقاح فايزر الذي يتطلب ظروفا خاصة حول طرق التخزين في درجات حرارة منخفضة للغاية وتقنيات تكنولوجية عالية في التصنيع، وهو الأمر الذي يتطلب من مصر توطين هذه التكنولوجية التصنيعية أولا قبل البدء ي عمليات التصنيع المحلي.