استقبل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الجمعة، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان المشاركين في لقاء شبكة المشرعين الكاثوليك الدولية وللمناسبة.
وقال البابا فرنسيس خلال كلمة الترحيب التي القاها ، منذ بدايات شبكة المشرعين الكاثوليك الدوليّة في عام ٢٠١٠، قمتم بمرافقة ودعم وتعزيز عمل الكرسي الرسولي كشهود للإنجيل في خدمة بلدانكم والمجتمع الدولي ككل. أنا ممتن لمحبّتكم للكنيسة وتعاونك مع رسالتها.
تابع البابا فرنسيس ، حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للفاتيكان منذ قليل ، يُعقد لقاؤنا اليوم في مرحلة صعبة جدًّا. إن جائحة فيروس الكورونا تستشري. لقد أحرزنا بالتأكيد تقدمًا كبيرًا في صنع وتوزيع لقاحات فعالة، ولكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل لكي نتمّمه. لقد كان هناك أكثر من مائتي مليون حالة مؤكدة وأربعة ملايين حالة وفاة بسبب هذه الآفة الرهيبة، التي تسببت أيضًا في الكثير من الدمار الاقتصادي والاجتماعي. لذلك فإن دوركم كبرلمانيين هو أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذ تستعدون لخدمة الخير العام، أنتم الآن مدعوون للتعاون، من خلال عملكم السياسي، لتجديد جماعاتكم بشكل متكامل والمجتمع بأسره. ليس فقط لدحر الفيروس، ولا للعودة إلى الوضع الذي كنا عليه قبل الجائحة، وإنما لمعالجة الأسباب الجذرية التي كشفت عنها الأزمة وضاعفتها: الفقر، وعدم المساواة الاجتماعية، وانتشار البطالة، وعدم الحصول على التعليم.
أضاف البابا فرنسيس ، بانه في عصر من الاضطرابات والاستقطاب السياسيّ، لا يحظى البرلمانيون والسياسيون عمومًا بتقدير كبير على الدوام، وهذا الأمر ليس جديدًا بالنسبة لكم. ولكن ما هي الدعوة الأسمى من خدمة الخير العام وإعطاء الأولوية لرفاهية الجميع قبل المكاسب الشخصية؟ يجب أن يكون هذا هدفكم على الدوام، لأن السياسة الجيدة هي ضرورية للأخوة العالمية والسلام الاجتماعي. ففي عصرنا بشكل خاص، يتمثل أحد أكبر التحديات في هذا الأفق في إدارة التكنولوجيا من أجل الخير العام. لقد أدت عجائب العلوم والتكنولوجيا الحديثة إلى زيادة جودة حياتنا. من الصواب أن نفرح بهذه التطورات وأن نكون متحمسين إزاء الاحتمالات الواسعة التي تفتحها لنا هذه الابتكارات المستمرة، لأن العلم والتكنولوجيا هما نتاج رائع للإبداع البشري الذي هو عطيّة من الله. ولكن مع ذلك، إذا تُركت لنفسها ولقوى السوق فقط، وبدون التوجيهات المناسبة التي تقدمها المجالس التشريعية والسلطات العامة الأخرى التي يقودها حس المسؤولية الاجتماعية يمكن لهذه الابتكارات أن تهدد كرامة الإنسان.
وأستطرد البابا فرنسيس ، لا يتعلّق الأمر بكبح التقدم التكنولوجي. ومع ذلك، فإن أدوات السياسة والتنظيم تسمح للبرلمانيين بحماية الكرامة البشريّة لدى تعرضها للتهديد. أفكر، على سبيل المثال، في آفة استغلال الأطفال في المواد الإباحية، واستغلال البيانات الشخصية، والهجمات على البنى التحتية الحيوية مثل المستشفيات، وانتشار الأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن للتشريع المتنبّه وعليه أن يقود تطور التكنولوجيا وتطبيقها من أجل الخير العام. لذلك أشجعكم بحرارة على تولي مهمة التفكير الأخلاقي الجاد والعميق حول المخاطر والفرص الكامنة في التقدم العلمي والتكنولوجي، لكي تتمكّن التشريعات والمعايير الدولية التي تنظّمها أن تركز على تعزيز التنمية البشرية المتكاملة والسلام، بدلا من التقدم كغاية في حد ذاته.
اشار البابا فرنسيس بان البرلمانيِّين يعكسون بطبيعة الحال نقاط قوة وضعف الأشخاص الذين يمثلونهم، وكل منهم بميزة خاصة عليه أن يضعها في خدمة خير الجميع. إن التزام المواطنين في مختلف مجالات المشاركة الاجتماعية والمدنية والسياسية هو أمر جوهري. جميعنا مدعوون لتعزيز روح التضامن، انطلاقا من احتياجات الأشخاص الأكثر ضعفًا وعوزًا. ومع ذلك، لكي نشفي العالم، الذي امتحنه الوباء بشدّة، ونبني مستقبلاً أكثر إدماجًا واستدامة حيث تخدم التكنولوجيا الاحتياجات البشرية ولا تعزلنا عن بعضنا البعض، نحن بحاجة لا إلى مواطنين مسؤولين وحسب، وإنما أيضًا إلى قادة مُعدِّين يحرِّكهم مبدأ الخير العام.
واختتم البابا فرنسيس كلمته قائلًا : أيها الأصدقاء الأعزاء، ليعطكم الرب أن تكونوا خميرة تجديد للعقل والقلب والروح، وشهودًا للمحبّة السياسية للفئات الأكثر ضعفًا، لكي تتمكنوا من خدمتكم لهم أن تخدموا الله في كلِّ ما تفعلونه. أبارككم وأبارك عائلاتكم وعملكم وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا أيضًا من أجلي.