الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصريون عرفتهم فى باريس.. عمر الشريف: ثمة سؤال يلخص حياتك! «4»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كان عمر الشريف يعيش فى فندق رويال مونصو القريب من الشانزليزيه ويملكه أحد الأثرياء السوريين، وكأن هذا الفنان العابر حواجز اللغات والثقافات ناهيك عن حواجز الجغرافيا والسياسة كان محكوما عليه بالترحال، وكان يحب كثيرا أن أناديه بالفرنسية «Le nomade des temps modernes». 
أى رحالة العصور الحديثة، بما فيها من إشارة إلى شرقيته من ناحية وعنوان الفيلم الأشهر للخالد شارلى شابلن من ناحية أخري.
وكما كان كتابى «كوكتو المصري» سببا فى صداقتى مع المغنى الراحل شارل أزنافور، كان أيضا سببا لصداقتى مع النجم المصرى الأكثر شهرة فى العالم. ذلك أن الشاعر والسينمائى الفرنسى جان كوكتو كان قد استقبله فى مهرجان كان عام ١٩٥٥ عندما حضر عمر الشريف ويوسف شاهين عرض فيلم «صراع فى الوادي». وطلب منى عمر الشريف أن أحضر له نسخة من الكتاب. وقال لى إنه حضر فى عام ١٩٤٩ عرضا مسرحيا لجان كوكتو وفرقته بالإسكندرية ثم التقى به فى حفل عام أقامته جمعية أدباء الإسكندرية بالتعاون مع كل من كليتى سان مارك الفرنسية وفيكتوريا الإنجليزية «انظر الكتاب المثير للزميلة الصحفية الواعدة بالبوابة داليا عاصم فى موضوع مشاهير كلية فيكتوريا» وقال لى عمر الشريف إن جان كوكتو تأمل ملامحه طويلا وتنبأ له بمستقبل فنى عظيم لو دخل عالم السينما وإن الممثل الفرنسى العملاق والمشهور بوسامته الشديدة جان ماريه وكان حاضرا قد شعر بشيء من الغيرة من عمر الشريف.
كانت باريس هى سكندريته الأوروبية وقد اختارها وطنا ثانيا، رغم إغراءات روما أو مدريد، وكان يتحدث لغتهما بنفس طلاقة تحدثه بالفرنسية. وكان جاك شيراك وقتها عمدة باريس وأقام حفل استقبال خاص للشريف باعتباره مواطنا باريسيا وفخرا لباريس «يمكن العثور على الحفل على يوتيوب». اتفقت مع دومينيك بوديس، رئيس معهد العالم العربى على إقامة أسبوع لأفلام الشريف فى مرحلتها المصرية، وهى غير معروفة على الإطلاق فى الغرب. وتحمس الشريف للفكرة كثيرا، وعكفت على كتابة نص أدبى تاريخى لتلك الفترة من حياة الفنان وبلده من بدايات التغيرات الاجتماعية والفكرية التى أعقبت حركة يوليو ١٩٥٢ ويستخدم كتقديم للإعلام الفرنسي. 
عراقيل كثيرة حالت دون ذلك للأسف الشديد وربما كان الوقت ضيقا.
الغريب أن عمر الشريف كان يبدو لى وكأنه لا يعرف باريس جيدا، وكان يسألنى عن سبب وجود معالم مصرية هنا أو هناك وكيف أتوا بها أو عن أحداث تاريخية معينة «لكن كانت لديه معرفة جيدة بالتاريخ السياسى أو الصراع العربى الإسرائيلى فى السنوات الخمسين الأخيرة ولعله اكتوى بنارها!»، وعن أهم الكتب الصادرة عن مصر والشرق وقتها. وكنا اتفقنا على الذهاب معا لمكتبة اللوفر لاختيار كتب فى الفن الفرعوني. ولماذا اللوفر بالتحديد؟. لأن فاتن حمامة كانت تحب المكان كثيرا وتشترى الكتب من هناك. مسكين عمر الشريف اللى جاء عليه اليوم الذى يستبدل فيه فاتن الجميلة بأديب ثرثار. وعندما ذهبت إلى الفندق لاصطحابه كان قد غادر إلى نيويورك تاركا رسالة شفهية عبارة عن سؤال قد يلخص حياة الرجل: «مش أنت قلت إنى رحالة؟».