نشأ الكاتب محمود تيمور، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأربعاء، وسط عائلة على قدر هائل من العلم والمعرفة، فوالده الأديب المعروف أحمد تيمور، وعمته الشاعرة عائشة التيمورية، فقد اهتمت أسرته بالتراث العربي، حتى تركت إرثا كبيرا لا حصر له، ينهل منه الباحثين بدار الكتب، أطلق والده بعد ذلك "المكتبة التيمورية".
ارتبط "تيمور" بالمذهب الواقعي في كتابة القصص، وله العديد من القصص والروايات منها: "قال الراوي"، "إلى اللقاء أيها الحب"، "مكتوب على الجبين"، "فن القصص"، "حواء الخالدة".
"فن القصص"
أثرت القصة في تهذيب النفوس، فالإنسانية منذ أن اصطنعت أصول علم الاجتماع، اضطرت إلى أن تقرر قواعد للفضيلة والرزيلة تتطلبها الحياة الاجتماعية، فكان من واجب الإنسان الحضري أن يدعو إليها ويزُود عنها، هكذا ذكر "تيمور" في كتابه الشهير "فن القصص"، من هنا اضطلع الحكماء والمرشدون من الوعاظ والخطباء إلى هذه المهمة فجاءت الكتب السماوية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت المواعظ التي تُبث والخطب التي تُلقى تتخذ شكل الترغيب والتحذير والوعد والوعيد في أسلوب صريح ومنحى واضح، هذه هي الطريقة المباشرة في الوعظ والإرشاد.
ويوضح المؤلف أن جماعة من أهل الرأي فضلوا وسيلة أخرى لبلوغ هذا الهدف من طريق غير مباشر دون استخدام الحض الصريح او التنفير المكشوف، فكانت القصة الفنية المظهر لهذه الوسيلة، فتصاغ حوادثها على نحو يكفل التسلية ويجرى فيه كل شيء مستورا لا تحسه ولا تراه، فتعرض القصة مشهدا من مشاهد هذه الحياة كما يكون في الواقع، وتتيح لنا التأمل في صحائف من حياتنا نسخر من غباوة الغبي، ونضحك من جهالة الجاهل ونتحرز من مزالق الرزيلة، وهذه الوسيلة في العرض والتعبير تفعل في النفس أكثر من الوعد المباشر أو الوعيد المباشر، لأنها تسري إلى الحس من غير استئذان أو تنبيه، والإنسان في قرارة غريزته لا يميل كل الميل إلى ما يذكره بضعفه، وما يدله دلالة صريحة على انحرافه عن الحق، فإن قالوا له لا تفعل في أمر ومجاهرة ازداد هو من غير وعي صلابة واصرارا ليحافظ على استقلال شخصيته ولأن كل ممنوع من النفس حبيب.
ويضفي القاص من خلال معالجته القصصية خيالا ممزوجا بحوادث من الواقع، تتخللها أحداث مشوّقة وخلابة، يستطيع من خلال قصته أن يبعث في نفس المطالع نشوة تجعله يتابع القصة بعينه ويسايرها برأيه وتأثره بها.