قال خبراء ومتابعون عن كثب للأوضاع الإيرانية الداخلية والعالمية: إن سلوك إيران في منطقة الشرق الأوسط هو ما يهدد ويعقد المشهد السياسي حول الرئيس الجديد، في ظل رغبة إيرانية بإثارة الأزمات في المنطقة من أجل بسط النفوذ، وإيهام المجتمع الدولي بضرورة التواجد الإيراني في الإقليم، وكذلك من أجل الضغط على المفاوضين في فيينا، وحتى لا تلتزم إيران بالكثير من التنازلات خلال المفاوضات التي تجري في العاصمة النمساوية فيينا.
ويرى ديفيد دي روش، الباحث في برنامج الدراسات العسكرية في وزارة الدفاع الأمريكي "البنتاجون" إنه بجانب التحديات الداخلية التي تواجه الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، فهناك عدة تحديات أخرى على الصعيد العربي والدولي أبرزها ما تقوم به ميليشيات إيران من اعتداءات على حركة الملاحة العالمية في المنطقة، والتي كان أخرها الاعتداء على السفينة الإسرائيلية وكذلك السفن البريطانية في منطقة بحر العرب.
وأضاف ديروش، في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن إيران ترغب في البقاء دون عتبة الحرب المفتوحة، معتبرًا أنها الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة لإيران لشن حرب هي البقاء في المنطقة الرمادية والمتمثلة في أخذ الرهائن، مؤكدًا أن تلك السياسات تعقد المشهد من حول رئيسي بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وتابع الباحث في برنامج الدراسات العسكرية في وزارة الدفاع الأمريكي "البنتاجون"، أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن الحرس الثوري الإيراني سيتخلى عن تلك التكتيكات العسكرية ما لم تجبر إيران صراحة على ذلك، ملمحًا إلى أن تعقيد ملف المفاوضات حول الاتفاق النووي يأتي بسبب تعقيد إيران للمشهد السياسي القائم، في ظل التهديدات التي تطلقها إيران دائمًا في ظل تولي رئيس جديد لإيران وهو رئيس ينتمي إلى التيار المتشدد أو المحافظ.
ومن جهة أخرى قال مدير المركز الأحوازي للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الشأن الإيراني، حسن راضي، إن الرئيس الإيراني الجديد يواجه تحديات غير مسبوقة لم يواجهها أي رئيس لإيران خلال الفترات المنقضية، وتتثمل أبرزها في تفشي فيروس كورونا المستجد، فضلًا عن عدم قدرة المستشفيات الإيرانية والقطاع الصحي على مواجهة تلك الأزمة، علاوة على تفشي المتحور الثالث "دلتا" من الفيروس سريع الانتشار والذي أدى إلى تفاقم الوضع الصحي في البلاد.
وأضاف أن سلوك إيران المشين في الإقليم لا يبشر بحل في الأفق للأزمات التي يعاني منها المجتمع الإيراني الداخلي المرتبط بعلاقة إيران مع العالم، منوهًا إلى أن سياسة الحرس الثوري في الاعتداء على حركة الملاحة في منطقة بحر العرب والخليج يمثل كارثة على مفاوضات إيران مع الدول الكبرى، ملمحًا إلى أن تصريحات إيران بشأن تبرير تلك السلوكيات بانها ترد على كلًا من بريطانيا وإسرائيل ليست إلا بروبجاندا لرفع الروح المعنوية للحرس الثوري الإيراني، أمام أقوى الدول التي تمتلك قوة عسكرية كبيرة، وفي ظل المشاكل الكبيرة التي تعاني منها إيران سواء من صراعات داخلية أو عزلة دولية، ما يضعف من موقف إيران في مواجهة الدول الكبرى، وبالتالي فهي ترسل رسائل لتلك الدول بأنها مستعدة لكل السيناريوهات إلا أن تلك السيناريوهات غير مطابقة للواقع.
كما تزداد تلك التحديات باعتياد إيران على استخدام الطائرات المسيرة للهجوم على مصالح الدول الخليجية أو الأمريكية، وهذا النهج بات معروفًا للعالم، وبات لأمريكا وبريطانيا وغيرها تكنولوجيا تعرف من خلالها جيدًا أن إيران تقف وراء كل تلك الحوادث سواء استهداف عسكري لسفن إسرائيلية أو حتى اختطاف السفن في بحر العرب، ما يشير إلى أن المجتمع الدولي سيتعمد الرد السريع والحاسم على الاستفزازات الإيرانية قريبًا.