قال عبد العزيز الغالي، المؤرخ السيناوي وعضو اتحاد الكتاب، إن قلعة العريش التاريخية تعد أحد الآثار التاريخية الهامة في مدينة العريش، واصفا قلعة العريش بأنها أثر وتاريخ ونسب والتي وقف أمامها نابليون بونابرت قائلا "أن العريش هي حصن مصر الشرقي بلا منازع"، متسائلا لماذا توقفت عمليات الحفر عند قلعة العريش والتي بدأت منذ 13 سنة .
وقال الغالي، إن أهالي العريش ينظرون إلى قلعة العريش باعتبارها فخرا واعتزازا شديدين في حياة أهالي العريش كونها تمثل جزءا مهما من تاريخهم وتراثهم ونسبهم فقد كانت بعساكرها وضباطها وقواتها هى الحامية والمدافعة عنهم وعن مدينتهم وتمثل مقر الحكم العثمانى في زمن الخلافة وأن من أول و أشهر حكامها "على بوشناق" والذى يعتبره الكثيرون جد العرايشية لمعظم أبناء العريش والذين ينحدرون من عائلات يتصل نسبها الى أسلافهم من جنود وضباط حاميتها والذين كانوا قد قدموا من تركيا والبوشناق (البوسنة حاليآ) وتزوجوا من نسائها وفضلوا أن يكملوا بقية عمرهم بجوارها يجترون ذكرياتهم فى الدفاع عنها وينعمون بجو وطبيعة المدينة الهادئ كذلك اختارت قبيلة (بنى فخر) من كبرى قبائل المدينة أن يكون مستقرها بعد هجرتها من غزة للعريش أن تكون سكناها بجوار(بير عطوان) القريب من قلعتها طلبآ للأمن والأمان والاشتغال بالتجارة فى سوق المدينة الذى يقع أسفل سور القلعة (سوق الخميس حاليآ).
وأوضح الغالي أن شهرة قلعة العريش يرجع إلى شهرتها التاريخىة كونها حصن دفاع أول عن مصر إلى جانب كونها مسرحآ تاريخيآ لمعارك كثيرة شهدتها كما شهدت معها عمليات الكر والفر وتعرضت للاحتلال من قبل الفرنسيين بعد معركة عنيفة استمرت يومين متتاليين تخللهما ضرب بالمدافع لأسوارها وإحداث ثغرة كبيرة وقتل500 جندى وقتها فاستسلمت حاميتها وأسرالباقى وكانوا 900 نفر ولكن بعد مدة من الزمن اليسير عاد الأتراك بجيش قوامة 80000 محارب تحت قيادة الصدر الأعظم/ (يوسف باشا ضيا) وحاصرها واستسلمت الحامية الفرنسية، وتم إجلاء المعتدين عليها مما أدى بعد ذلك إلى توقيع اتفاقية العريش التاريخية التى حوت 22 بندآ وعرفت تاريخيآ بمعاهدة العريش فى 24 ينايرعام 1800 والتى بموجبها تم جلاء الفرنسيين عن مصر بعد هزيمتهم بالقلعة على يد الأتراك.
وقد وقع الاتفاقية مصطفى رشيد أفندى نيابة عن الصدر الأعظم العثمانى وعن الجانب الفرنسى القائد العام للجيش جنرال ديزية منهية بذلك أحداث الحملة الفرنسية على مصر والفشل فى تحقيق أهدافها.
مما دعا السلطان (سليم الثالث)أن يصدر فرمانا إلى (إسماعيل باشا) والى مصر يأمره بتسمية أحد أبناء سيناء وهو (يعقوب أغا) قومندان على حامية العريش، وقلعتها ثم من بعده ولده (قاسم أغا) مكافأة لبسالته فى محاربة الفرنسيين.
وكشف الغالي أهمية موقع وتوصيف قلعة العريش بأنها تقع بمكان متميزعلى هضبة مرتفعة جنوب غرب مدينة العريش عاصمة شمال سيناء ومكنها موقعها هذا من استكشاف الطريق البحرى والصحراوى وباقى الجهات المحيطة بالمدينة لمسافات شاسعة تمكن المدافعين عنها من القيام بواجبهم.
كما يتشابه تخطيطها المعمارى حتى يكاد أن يتطابق مع نسختى تخطيط قلعتى الجندى فى وسط سيناء وقلعة الجبل بالقاهرة اللتين شيدتا فى العصر الأيوبى، وهى تعتبر واحدة من عدة قلاع تزخر بها شبه جزيرة سيناء ضمن سلسلة قلاع تم إنشاؤها على مر العصور الفرعونية والرومانية والأغريقية والإسلامية للحماية مثل: قلعة (لحفن) وقلعة (الفرما) وقلعة (المحمدية) وقلعة (نخل) وقلعة (جبل المغارة) وقلعة (الطور) وقلعة (قاطية) وقلعة (الطينة) وقلعة (صلاح الدين بجزيرة فرعون) وقلعة (نويبع) وقلعة (العقبة) وقلعة (الجورة) وقلعة (ثارو) .
وسرعان ماتحلق حولها الناس بسكناهم ومصالحهم ونشأ بجوارها السوق(الفوقانى) نسبة لعلو المنطقة وارتفاعها (الفوقى) والذى صار من أقدم أسواق العريش تتم فية جميع أنواع المغاملات التجارية وبة جميع صنوف التجارة وأقسامها العديدة من غلال وحبوب وأقمشة وملابس ومواشى وأناف العطارة والأعشاب الطبية حتى الحلى والمشغولات الفضية والذهبية وكانت فرصة كبيرة لأهالى المدينة وضواحيها حيث يفد أليها كل من لدية فائض من منتج ويحتاج لمنتج آخر فيما كان يعرف بأسلوب المقايضة.
ووصف عبد العزيز الغالي أهم أهداف قلعة العريش المتمثل في حماية السواحل الشمالية لمصر ورصد أى عدوان يأتى عن طريق البر والبحروهى فرعونية فى الأصل لوجود نقوش مصرية قديمة بها وتجددت على مر العصور وأهمها ماتم بعد فتح الأتراك لمصر عام1517م على يد سليم الأول حيث أدرك العثمانيون أهمية موقع مدينة العريش الدفاعى ومركزها لباقى شبه جزيرة سيناء.
فقام السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد بن السلطان عثمان الشهير بـ(سليمان القانونى) والذى ينسب إليه خطئا بناؤها لوجود نقش باسمه أعلى بوابتها بتجديدها فى968هـ 1560 وظلت مركزآ حربيآ حتى الحرب العالمية الأولى وبعد رجوع إبراهيم باشا من سوريا ومصالحة الباب العالى1840 لم يعد داع لوضع حامية بالعريش فألغيت القلعة واستبدلت الحامية بنفر من البوليس ثم صارت مقرآ للحاكم (المحافظ) وجهازه الإدارى لتسيير شؤون الأهالى فكانت تقوم بمقام مجمع للمصالح فكان يوجد بها :
بوليس القلعة و منزل للناظر ومفتش المحافظة. وديوان لكتاب المحافظة وناظر المحكمة الجزئية ومكتبى البريد والتلغراف. ثم أنشئ بها المصلى العباسى الذى تم تشييده بمناسبة تشريف الخديوى عباس عام1898.
وأضاف الغالي وصف قلعة العريش متمثلا في كونها تأخذ شكلا مربعا بأضلاع 75 فى85 مترا وبمساحة تقدر بـ572م ومحاطة بخندق لزوم التحصين ثم يحيطها سور يصل ارتفاعه إلى 8 أمتار ويعلو هذا السور 6 مزاغل لضرب النار وعلى كل ركن من أركانها الأربعة برج وفى كل برج مدفع وبها بئر عميقة وتحوى مساكن للجنود المدافعين كما يوجد بأسفلها قبو (بدروم أرضى) لتخزين الجبخان (الذخيرة) والقنابل.
وكشف الغالي أوضاع قلعة العريش الحالية بأن آخر مرة تم تجديدها وإصلاحها كان في عهد نظارة محمود سامى البارودى أما الآن فإن حالها لايسر عدوا ولاحبيبا فهى تواجه حالة من التدهور والأهمال واللامبالاة فقد تهدمت الأسوار التى تحولت إلى أنقاض وحجارة والتى استخدم بعضها فى بناء المستشفى الأميرى الملاصق لها وتقلصت مساحتها ولم يبقى منها إلابقايا من السور الغربى.
والسؤال هنا:هل من الممكن إنقاذ هذا الأثر المهم وإيقاف مايحدث له من إساءة لتاريخة وتاريخنا؟
ويقول الدكتور قدرى يونس الكاشف، المتخصص فى هذا الشأن:إن هيئة الآثار هى المعنية قانونا بالاستكشاف والترميم للقلعة كأثر تاريخى مسجل بالقرار الوزار282 لسنة1997 فقيدت بذلك حركة المحافظة والمحافظين ضد أى حركة للتجديد أو الإصلاح، ولكنها تبادلت معها المراسلات منذ عهد رئيسها السابق/ أحمد قدرى حتى رئيسها الأسبق/ زاهى حواس، وتقدمت باقتراحات منها نقل السوق التجارى فى محاولة للضغط على هيئة الآثار لإدخالها كمزار سياحى يضاف إلى السوق السياحى وعمل مشروع للصوت والضوء.
وتم اختيار المواقع فى عهد اللواء/ منير شاش محافظ شمال سيناء الأسبق. وقد تمت عدة محاولات للنظافة بالجهود الذاتية تحت إشراف هيئة الآثار وكانت تتم بصفة شبة دورية كل سنة وسنتين حتى بعد الثورة حيث شارك فيها بعض شباب وحركات الثورة.ويضيف الدكتور/قدرى الكاشف بأن العملية ليست نظافة أثر فقط بل يجب أن تفعل لتطال الحماية والترميم والاستكشاف.وبالفعل تم اكتشاف خزانات المياه..ولكن لم يكن بمستوى إظهار القلعة مرة ثانية كما كانت وكما يجب.
وفى عهد اللواء/ أحمد عبدالحميد محافظ شمال سيناء السابق ظهرت مشكلة صعوبة وإخراج التجار من الأسواق التاريخية المشابهة فى مناطق كالقاهرة فاقترح سعيد قطب السكرتير العام آنذاك إظهار القلعة وبناء (بايكات) متاجر صغيرة تباع فيها السلع والمنتجات المتوافقة مع المكان التاريخى والتراثى.
ويقول يحيى حسانين مدير البحث العلمى بالآثار المصرية بشمال سيناء فيقول:إنه كانت هناك محاولة تنفيذ فكرة عمل مجسم لقلعة العريش بمقياس رسم صحيح فى الحديقة المتحفية بمتحف آثار العريش ولكن الاعتمادات المالية حالت دون ذلك.
وأضاف، أنه لابد من إعادة إظهار القلعة وبعث روحها التاريخية بإعادة عمليات الحفائر على أسس سليمة وسيكون ذلك سهلا بمكان حيث إنه من الثابت أنها بنيت على أنقاض قلعة فرعونية قديمة .