في تقريرها التعريفي حول ذكرى إلغاء تجارة الرقيق، أشارت منظمة اليونسكو إلى أن ليلة الثالث والعشرين من أغسطس لعام 1791 شهدت وتحديدا في سانتو دومينغو "التي تدعى اليوم هايتي والجمهورية الدومينيكية" اندلاع الانتفاضة التي أدت دوراً حاسماً في إلغاء الاتجار بالرقيق الأسود عبر المحيط الأطلسي؛ ومن هنا جاءت فكرة الاحتفال باليوم الدولي لإحياء ذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه.
ووفق المنظمة فإن الهدف من إحياء هذا اليوم الدولي يتمثل في توثيق مأساة الاتجار بالرقيق في ذاكرة الشعوب كافة. ووفقاً للأهداف المرجوّة من مشروع "طريق الرقيق" المشترك بين الثقافات، فمن المفترض أن يوفر هذا اليوم الفرصة للنظر معاً في الأسباب التاريخية لهذه المأساة وأساليبها وعواقبها.
"البوابة نيوز" تستعرض بعض النماذج غير المشهورة في تطلع العبيد للحرية وتلهفهم لها مهما كلفهم ذلك من مخاطر، فالإنسان بطبعه يبحث عن الحرية ويطمح دائما لكسر قيوده والتخلص منها.
تنقل لنا مرحلة التاريخ العربي الإسلامي المبكرة قصة بريرة بنت صفوان إحدى إماء بني هلال التي جاهدت من أجل الحصول على حريتها فكاتبت سيدها وسعت في تخليص نفسها، وساعدتها السيدة عائشة، وبعدما حققت مرادها، تأملت حالها فوجدت نفسها امرأة حرة لكنها في الوقت نفسه زوجة لمغيث العبد فلم تطق ذلك، وطلبت الطلاق، فهام مغيث فى حبها ومضى فى الأسواق يسيل دمعه على لحيته حتى قال النبى للعباس: يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا؟ وحدث النبى بريرة فى الأمر قائلا: لو راجعته، فإنه زوجك وأبو ولدك. قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لى فيه.
حديثا، وفي مصر يُقال أن عدد العبيد فى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر بلغ من ثلاثين إلى أربعين ألفًا، وأصدر سعيد باشا والى مصر قرارًا بتحريم الرق فى مصر عام ١٨٥٥، وأصدر إسماعيل باشا قرارًا بتحريم الرق ومحاربة تجارته فى عام ١٨٧٧م، وإنشاء أقلام فى الدولة تقوم بتحرير العبيد، ولكن لم يذهب إلى هذه الأقلام طلبا للتحرير إلا القليل، لأن الحرية لهم كانت تعنى الضياع فى دنيا الله دون عائل أو قريب.
وفي سيرته الذاتية «هذه حياتى» يحكى الأديب الراحل عبدالحميد جودة السحار أن ورث عن جده جارية كانت تعامله بقسوة منذ طفولته حتى أنها حممته بالماء الساخن جدًا حتى تشاجرت معها والدته، وكانت تفعل ذلك كرهًا فى استعبادها، وعندما أصدرت الحكومة قرارًا بتحريم امتلاك العبيد فرحت لذلك، فيقول السحار: «وتسرب إلى قدم الخير «الجارية» أن الحكومة أصدرت أمرًا بتحريم تملك العبيد.. وكانت تتحرق شوقًا إلى الحرية، وما كان أحد فى بيتنا يرغب فى أن يتمسك بها ولكن الإشفاق عليها من الضياع فى الدنيا الواسعة بعد أن صارت عجوزًا لا قدرة لها على العمل، هو الذى جعل كل من فى البيت يحتملون حماقاتها».
واعتاد الأديب الراحل إبراهيم عبدالقادر المازنى على كتابة الطرائف خلال أعماله النثرية، فهو يتكلم بشكل طريف عن علاقته بجارية ورثها فيقول فى كتابه «عود على بدء»: «وهى خادمة.. ترينى نجوم السماء طرا فى الظهر الأحمر، ورثتها عن أمى، والإرث يباع، أو يرهن، أو يوهب، أو يبدد، ولكن الدول - كما تعلم - أجمعت لمكيدتى على تحريم الرق، فلا سبيل إلى بيع هذه الخادمة أو رهنها أو وهبها.. وعسير جدًا إضاعتها لأنها تعرف الطريق إلى البيت، ولعله كل ما تعرفه».