انتهى ماراثون الثانوية العامة لهذا العام بإعلان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي لنتائج الطلاب، ومؤشرات القبول بمكتب التنسيق، يوم الثلاثاء الموافق ١٧ أغسطس ٢٠٢١.
وبهذه المناسبة يجب أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل من الوزير طارق شوقي، وللطلاب والأسر المصرية التي خاضت هذه التجربة الهامة في تغيير نمط امتحانات الثانوية العامة.
يجب أن نتقدم بالشكر للدكتور طارق شوقي نظرًا للمثابرة والثبات وتحمل النقد الجارح والهجوم الكاسح من بعض أولياء الأمور، وإصراره علي تحقيق بعض التغيير المنشود في منظومة التعليم، بعد قرابة نصف قرن من الجمود، ووصول التعليم الحكومي في مصر (يشمل ٩٠٪ من أعداد الطلاب) إلي أدني مرتباته، مما كان يُمَثِل لنا جميعا غصة في الحلق ونحن نري تدهور منظومة التعليم، وانهيار دور المدرسة، وإحلال الدروس الخصوصية محل التدريس في المدارس، واخيرًا غرابة نتائج الثانوية العامة الفلكية ( اكثر من ٥٠٪ من الطلاب الذين أدوا الامتحان حصلوا علي ٨٥٪ او اكثر في امتحانات الثانوية العامة للعام ٢٠٢٠).
يجب أيضا أن نتقدم بالشكر والتقدير لفخامة الرئيس السيسي الذي قدم كل الدعم للوزير طارق شوقي للمضي قدما في خطته، وللدكتور مصطفي مدبولي ولمجلس الوزراء الذي ساند الوزير في خطته لتطوير منظومة التعليم رغم المعارضة الشعبية الكبيرة، والحرب التي أعلنها أباطرة الدروس الخصوصية علي الوزير. لقد نجح الدكتور طارق شوقي في إدخال التكنولوجيا الحديثة في التعليم (وهذا تخصصه الأصلي) وفي تجاوز جائحة كورونا (بأقل الخسائر)، وأخيرا نجح في. تغيير نمط امتحان الثانوية العامة، من الأسئلة المقالية، التي تعتمد علي الحفظ والاسترجاع، إلي الأسئلة الموضوعية التي تعتمد علي الاختيار من متعدد والتصحيح الآلي، مما ادى الي تقليص دور العنصر البشري، وأنهي امكانية الخطأ، وربما أيضا يقضي علي ظاهرة قيام الطلاب برفع القضايا أملًا في الحصول علي أي إضافة (حتي لو نصف درجة) تمكنهم من اللحاق بالكلية التي يرغبون في الالتحاق بها.
التغيير الذي أحدثه تغيير نظام الامتحانات في الثانوية العامة، رغم أنه جزء قليل في تطوير العملية التعليمية، إلا أن الأثر التربوي والتعليمي والاجتماعي الذي أحدثه عظيم.
فلأول مرة منذ عقود، تختفي ظاهرة المجاميع التي تقارب ١٠٠٪، وتختفي كذلك ظاهرة الانحراف الشديد في نسبة المجاميع العالية (أكثر من ٥٠٪ من الطلاب كانوا يحصلون علي أكثر من ٨٥٪) وهو دلالة علي فشل نظام التقويم. كان هناك تردد من قبل الحكومة من الاقتراب من امتحان الثانوية العامة، وكان هناك تنمر من الطلاب وأولياء الأمور من إدخال أي تعديل علي الطريقة التي اعتدنا عليها لعدة عقود. كان الغرض الوحيد لكل من الطالب وولي الأمر هو الحصول علي أعلي الدرجات (بأي طريقة) لكي يلتحق بالكلية التي يرغبها. ربما تكون نتائج هذا العام قد أحدثت زلزالا في المجتمع المصري، واظن ايضا ان هذا التغيير (رغم بساطته) لابد من البناء عليه للاستمرار في تطوير التعليم قبل الجامعي.
ومع الاشادة بنجاح التجربة، بجب ألا ننسى أننا مازلنا أمام التحدي الأكبر في الوصول بالتعليم المصري الي مستوي جيد يليق بالمصريين. مازلنا بحاجة الى عشرات الآلاف من المدارس الجديدة الجاذبة للطلاب. مازلنا بحاجة إلى الاهتمام بالمعلمين (ومنهم الكثير من فقد حماسه للتدريس في المدرسة)، ومازلنا في حاجة الي تطوير المناهج واستكمال البنية التحتية في المدارس للتعليم الالكتروني. أمامنا طريق طويل ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وقد بدأنا اول خطوة بنجاح والحمد لله.
بالنسبة للطلاب وأولياء الأمور الذين خاضوا تجربة الثانوية العامة هذا العام، أشعر بكم و اتعاطف معكم وأقدر القلق والمجهود الذي بذلتموه خلال هذا العام والأعوام السابقة. دائما مايكون هناك معاناة وقلق وعدم وضوح رؤية عند الإقدام علي أي جديد، لقد تابعت مثلكم تماما هذا التغير في نمط الامتحانات والذي اعتبره تغيير هام في منظومة التعليم المصري. اعتقد انكم انتم الابطال الحقيقيين في إحداث هذا التغيير، الذي اعتقد أنه كان لابد منه ولا مفر من تطبيقه في هذا الوقت وقبل فوات الآوان. وأخيرًا اظن أنه ماكان يمكن لمصر أن تستمر في هذا التخبط والتخلف في التعليم الذي كان سائدا لعدة عقود. ماحدث هو الصحيح حتي ولو لم يعجبكم. وأود الإشارة إلي أن الأماكن في الجامعات فد ازدادت بسبب افتتاح جامعات جديدة وأن من حصل علي ٨٠٪ في امتحان منضبط، أفضل ممن حصل علي ١٠٠٪ في امتحان عشوائي.
ألف مبروك لكل الناجحين، وألف شكر لاولياء الامور، وألف عافية للتعليم المصري.