كيف صعد الإسلامي السياسي في عالمنا العربي؟ وكيف انتقل من جماعات مناوئة للسلطة إلى قمة السلطة؟ وما الفراغ الثقافي الذي أتاح لهذه الجماعات أن تتغلغل في مجتمعنا العربي؟ وكيف أخفق الجميع ونجى الوطن؟ كل تلك التساؤلات تجيب عنها رواية "نادي المحبين" كواحدة من مغامرات صبحي موسى للكشف عن عوالم الإسلام السياسي وطرائق تفكيره وطرق انتاجه، والصادرة عن دار سما للنشر والتوزيع.
ففي هذه الرواية يقدم لنا شخصية أستاذ في العلوم السياسية، اعتمدت عليه مراكز الأبحاث في الغرب والشرق لبناء رؤيتها تجاه ما يجري من قضايا، فكان جسرا بين الإدارات المحلية والرؤى الدولية، حيث ينقل وجهات نظر الداخل في الحل إلى الخارج، وينقل رؤى وخطط الخارج إلى الداخل، مشاركا في وضع التصورات والرؤى التي سيتعامل بها الغرب مع الشرق الأوسط، من خلال هذه الشخصية نتعرف على كيفية صعود الاسلام السياسي في المنطقة العربية منذ انتصار المجاهدين الأفغان على روسيا في نهاية الثمانينيات، وظهور السؤال الصعب عن مصير هؤلاء المجاهدين الذين تدربوا على حمل السلاح.، ويكشف موسى في روايته عن مطبخ مراكز الأبحاث السياسية الغربية وكيف أدارت أمريكا العالم من خلالها، وكيف ضغطت على الحكومات العربية لإشراك الإسلام السياسي في السلطة، كواحد من ثلاث سيناريوهات تحققت جميعها على الأراضي العربية، كان من بينها الفوضى الخلاقة التي صنعتها داعش في سوريا والعراق.
تقوم الرواية على خطين زمنين، الأول يؤرخ لما جرى في مصر من أحداث عقب ثورة 25 من يناير، وصعود الإخوان إلى السلطة وسقوطهم في 30 يونيو، والثاني يؤرخ لما جرى في مصر والعالم من أحداث كبرى منذ منتصف السبعينات حتى ثورة يناير، كاشفا عن الأفكار والمخططات التي قامت مراكز الأبحاث بتقديمها لصانع القرار الأمريكي كي ينفذها في منطقة الشرق الأوسط، وكيف أدى ذلك لنجاح الإخوان في الوصول إلى سدة الحكم عام 2012، وعلى الجانب الآخر ثمة خطين فنيين آخرين لعبا عليهما المؤلف، وهما فضح الجانب الثقافي الذي أتاح للإسلام السياسي الصعود بكل هذه القوة، أما الخط الثاني فهو كيف تمكنت الدولة العميقة من إفشال مشروع الاخوان واستعادة الوطن من براثنهم.
نعيش على مدار 360 صفحة من القطع المتوسط مع شخصيات شبه معقدة، حيث تقوم حياتها على مستويات وأبعاد عديدة، شخصيات لها نجاحاتها المدوية، مثلما لها إخفاقاتها المرعبة، ولها ما يدعوها كل يوم إلى الانتحار، وما يجعلها للتمسك طيلة الوقت بالحياة، شخصيات يكشف من خلالها المؤلف الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي المصري والعربي والعالمي خلال عدة عقود، مبرزا أثر التحولات العالمية والمحلية على شخوصه البرجماتيين الراغبين في الصعود بأي ثمن وتحت أي شعار.
قسم موسى عمله إلى جزأين في مجلد واحد هما الفقد والاستعادة، وقدم رؤية جديدة لفكرة المتعاطفين، سواء مع الاخوان والسلفيين أو مع نوادي المثليين، مؤكدا على ان الشذوذ الفكري لا يختلف عن الشذوذ الجسدي، وكلاهما لديه تعقيداته وبؤر ظلامه وعنفه القاتل وهشاشة تبريرات وجوده.
يذكر أن صبحي موسى صاحب روايات "أساطير رجل الثلاثاء"، "صلاة خاصة"، "نقطة نظام"، "الموريسكي الأخير"، "صمت الكهنة"، "حمامة بيضاء"، "المؤلف"، وفاز بجائزة أفضل عمل روائي عام 2014 من معرض الكتاب، وجائزة نجيب محفوظ من المجلس الأعلى للثقافة عام 2018.
ثقافة
في "نادي المحبين".. كيف أخفق الجميع ونجا الوطن؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق