قبل ثماني سنوات، نجحت الثورة المصرية التي اندلعت في الثلاثين من يونيو العام 2013 من استئصال حكم جماعة الإخوان، وإلحاق هزيمة سياسية بهم؛ لتنطلق فيما بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإحداث ثورة على المستوى الفكري تشمل الخطاب الديني المأزوم، حيث تعانى جميع الدول العربية من أزمة تطرف وإرهاب وصلت ذروتها في الآونة الأخيرة.
من هنا، يمكن أن نصف كتاب "تجديد الخطاب الديني" للدكتور أحمد عرفات القاضي بـ"المفاجأة المدوية"، أعادت نشره الهيئة المصرية العامة للكتاب العام 2018، بعد صدوره عن مكتبة الأسرة عام 2008، وبدلا من أن يتماشى مع دعوة الدولة المصرية للتجديد، نجده يلتف عليها، يحدثنا عن التجديد وقضاياه مستعينًا بآراء مجموعة من الأسماء البارزة المعروفة بانتمائها لجماعة الإخوان الإرهابية، وكأنك "يابوزيد ماغازيت"، فما الفائدة من الثورة عليها ثم العودة للتعامل مع أسمائها كمفكرين ومجددين وأصحاب حركة إحياء ونهضة؟
إذا كان التجديد ضرورة ملحة بعد الإطاحة بالإخوان، فما فائدته لو تولته الأسماء التي استند إليها المؤلف، أمثال: حسن البنا، وسيد قطب، والسوداني حسن الترابي، ويوسف القرضاوي، والهندي أبو الحسن الندوي مؤلف "أريد أن أتحدث إلى الإخوان"، وغيرهم.
وخلال السطور التالية، لا نتهم المؤلف بالانتماء لأي جماعة، فنحن لا نعرف عن "القاضي" إلا دوره كأستاذ جامعي، شغل منصب رئيس قسم الفلسفة الإسلامية، وربما تأثر بأستاذه الدكتور حسن الشافعي، أستاذ الفلسفة الإسلامية، رئيس مجمع اللغة العربية السابق، فيثبت له أربعة مؤلفات في قائمة مراجعه؛ وهو الرجل المشهور بخطاب يتعاطف فيه مع الإخوان بعد عزل رئيسها عن السلطة في مصر إثر ثورة شعبية ضخمة.
يظن القارئ في البداية أنه سيجد حشدًا لمقولات أبرز المفكرين الذين تصدوا لمسألة التجديد وأزمة الخطاب الديني المعاصر، لكن المؤسف أنه يصطدم بمقولات مجموعة أخرى لها دورها البارز في تاريخ الجماعات المتطرفة، يستأنس المؤلف بأقوالهم، لا يرد عليهم، يورد أقوالهم تدعيمًا لما يذهب بشأنه في أي قضية يتعرض لها.
من ناحية أخرى، فإن طرح مثل هذه القضية يضعنا أمام سؤال منطقي للغاية وهو: ما مدى تغلغل هذه الأفكار السلفية والإخوانية في البيئة الجامعية؟ وما هي المساهمة الحقيقية من أساتذة الجامعات في قضية التجديد وإعادة استنهاض العقول والتفكير النقدي لدى طلابها؟ إن التفكير في عصور شبيهة بزمن التنويري الأكبر الدكتور طه حسين بات مستحيلا الآن، خاصة بعد نشاط جماعات الإسلام السياسي في الكليات والعمل بدأب على اختراقها وتعزيز تواجدها ضمن هيئة أعضاء التدريس، فهل هذا صحيح؟
حسن البنا.. الجهاد والرحمة في الحروب
في موقف غريب، يشرح المؤلف أسباب ميل مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا إلى سلفية أستاذه رشيد رضا، فـ"البنا" ما هو إلا رد فعل لزمنه، لأنه الآتي على خلفية إلغاء الخلافة الإسلامية وبداية المد الليبرالي مع كتابي: علي عبدالرازق "الإسلام وأصول الحكم"، وطه حسين "في الشعر الجاهلي".
لا ينال البنا أي لوم جراء ما ارتكبه طوال حياته، أو ما ارتكبته جماعته من إرهاب واغتيالات وتفجيرات، النقد فقط يتم توجيهه لرموز تنويرية على حساب مؤسس الإخوان الذي يلجأ إليه في موضع الحديث عن الجهاد وضرورته في وقت الدفاع، وحفظ الدين، وأداء الرسالة الكبرى، يتجلى لنا حسن البنا وخلال ما يقرب من عشرين سطرا يحدثنا عن الجهاد، وعن العادات الرحيمة التي يتمتع بها المسلمون في حروبهم ص391.
سيد قطب.. مفسرا للقرآن الكريم
لا يغفل المؤلف اسم سيد قطب، أحد أهم منظري التطرف والإرهاب في العالم، ويبدأ ظهوره إثر حديثه عن تيار إصلاحي جاء كرد فعل للحداثة الغربية، حيث يصف تطرف قطب بـ"التشدد والسلفية" فقط، جاعلا لهذه السلفية مبررا، فهو رد فعل لنشوء دولة إسرائيل وهزيمة الإسلاميين أمام المد القومي.
"قطب أهون من الظواهري وأسامة بن لادن"؛ بهذه العبارة يقدم المؤلف لنا قطب في صورته السلفية، دون وصفه بالتطرف، بل يؤكد مؤلف "التجديد" أن التشدد الإسلامي وصل لدرجة التطرف في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، ومن حسن حظ "قطب" أنه سبق هذه العقود الثلاثة التي تم إدانتها.
هكذا، أصبح قطب بعيدا عن العقود الثلاثة التي وصل فيها التشدد للتطرف، كما أنه أهون من بن لادن، وأقصى ما يمكن وصفه به هو "أكثر سلفية وتشددا"، ثم يغيب اسم قطب، لا لشيء إلا لأن المؤلف يدَّخره لمكانه المناسب لتفسير القرآن الكريم، فهو مؤلف "في ظلال القرآن".
في موضع يتحدث فيه الوحي، ينفي المؤلف عن نفسه الانتماء لأنصار الإعجاز العلمي في القرآن، يقول: "أنا من المؤمنين بأن القرآن كتاب هداية، وهو ما أكده كل من الشيخ محمود شلتوت وأمين الخولي وسيد قطب" ص322. فلا غضاضة لديه أن يدعم رأيه برأي "قطب" الذي يأتي دوره كمفسر للقرآن فيما بعد.
يفرد مؤلفنا فصلا عن "التدافع والجهاد" فتضيق به الدنيا ولا يجد مفسرا يقتبس منه إلا سيد قطب، يأخذ منه كلامه عن "خيرية الأمة الإسلامية" وتفسير "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض" وحديثه عن الجماعة المُكلفة بدفع الباطل، ثم يتمادى فـ"نستمتع" معه بالوصف "العبقري" لآيات القرآن التي أقرها "قطب"، يقول الأخير: "وتتوالى الآيات من بدء السورة وحتى ختامها وكأنها قذائف، وإيقاعاتها وكأنها صواعق، وصورها وظلالها كأنها سياط لاذعة للحس لا تهمله لحظة واحدة" ص378. فليس ثمة دهشة من وصف الآيات بالقذائف والصواعق والسياط اللاذعة، فهي آتية من "قطب".
طوال أربع صفحات بداية من ص377 وحتى ص 380 يفسر لنا قطب القرآن الكريم، متحدثا عن خيرية الأمة التي تخرج منها جماعة مهتدية متجردة منوط بها تحقيق الصلاح والنماء والخير، وتعرف أنه لا نجاة لها من عذاب الله إلا بالقيام بهذا الدور النبيل. تُرى مَنْ تكون هذه الجماعة التي يتحدث عنها قطب؟
حسن الترابي.. بطل التمكين الإخواني في السودان
يحضر قيادي جماعة الإخوان في السودان حسن الترابي، بقوة في سياق كتاب "التجديد"، حيث دأب الجميع على تقديمه كنموذج للمفكر والمجدد، رغم الانتماء لجماعة إرهابية، فنجد الاعتماد على مؤلفاته وآرائه داخل الكتاب.
يلمس القارئ حضوره في الحديث عن التجديد بمعنى العودة بالدين لصورته الأولى النقية من البدع والخرافات ص38، ثم يقتبس منه معنى الحرية في الإسلام ويصفه بـ"أحد أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة" ص156 وما بعدها، ثم يأخذ منه كلام عن السياسة والحكم ويصفه مجددا بأنه "أحد المفكرين المعاصرين" ص174، وكلام عن الدستور وعلاقة المؤمن بالعقيدة والتوحيد وعلاقته بربه ص177، وعن طغيان السلطان وضرورة النهضة بثقافة المسلمين على قواعد الإسلام ص183، ورأيه في استتابة المرتد ثم قتله ص187.
القرضاوي.. النموذج المثالي لخريج كليات الدعوة
يستحوذ يوسف القرضاوي، المجرم الإخواني، على نصيب كبير في كتاب التجديد، يتم الاقتباس من مؤلفاته لتدعيم أراء كاتب تجديد الخطاب الديني، ففي ص32 و33 يتحدث المؤلف عن المعاني التي تم استخدامها بمعنى التجديد، ثم يلجأ للقرضاوي ويُفرد له مساحة كي يحدثنا عن البعث والصحوة والإحياء واليقظة والنهضة ككلمات بديلة للتجديد، وفي ص75 يلجأ له لنقل رأيه في عملية التقريب بين المذاهب، وفي ص185 ينقل رأيه في وجوب قتل المرتد، وفي ص263 يتعرف منه على ضرورة وضع شروط لأعضاء هيئة التدريس.
"القرضاوي نموذج مثالي لخريج كليات الدعوة"؛ هذه العبارة سوف يشعر بقوتها القارئ وهي تضرب في ذهنه عندما يقرأ السطور التي يوفرها المؤلف للحديث عن خلل التدريس في كليات الدعوة، التي ركزت على علوم الوسائل على حساب علوم الغايات، ما أنتج لنا ساحة خالية من أمثال الغزالي والندوي والقرضاوي ص 263، فبحسب وصف المؤلف فيوسف القرضاوي هو النموذج المثالي لخريج كليات الدعوة، لذا يشعر بافتقاد أمثاله.
رموز الجماعات الإسلامية غير متخصصين
يرتبك المؤلف، ويصف تيار يسمى بـ"الجماعات الإسلامية" دون أن يحددهم، هذا التيار أخذ مكانة في المجتمع وبين الشباب مستغلا غياب دور الأزهر، وصف رجال هذا التيار بغير المتخصصين، كفروا الأنظمة والمجتمعات ص82.
يبدو مثل هذا الكلام مرضيًا، لكنه عندما يتم وضعه في سياق الكتاب نجده ينتج دلالات عجيبة، فهو يعيب ما وصفها بـ"الجماعات الإسلامية" لكنه لا يذكر أسماء هذه الجماعات كي يحذرها القارئ، لكن صفاتهم أنهم يكفرون الأنظمة ورجالهم من غير المتخصصين، مَنْ هؤلاء الرجال؟ لا أحد يعرفهم، ولن ينطبق القول على جماعة الإخوان مثلا، لأنه دائما ما يلجأ إلى زعماء الإخوان للاستشهاد بأقوالهم والنقل عنهم وتدعيم رأيه.
إذا كان الإخوان، وهم أقدم جماعة إسلامية، من هؤلاء الذين يقصدهم الدكتور عرفات القاضي، فمجيء رموزها ضمن مراجع الكتاب أمر شديد التناقض، وإذا كان رجالها من غير المتخصصين فهل يذهب المؤلف إلى القول بأن جماعة الإخوان ليست لها مرجعية دينية بالأساس؟
والسؤال الذي نطرحه: هل جماعة الإخوان تقع ضمن هذه الجماعات التي يقصدها؟ وهل اعترافه بأن رجالهم من غير المتخصصين يغير شيئا في الاستناد إلى مقولاتهم؟ هل هي حيلة لتبرئة هذه الأسماء من جرائم الجماعة؟
حركات الإحياء الإسلامي.. من هم؟
لن يحتار القارئ كثيرا في معرفة إجابات الأسئلة، فالجماعة الوحيدة التي أدانها "عرفات القاضي" هي جماعة "التكفير والهجرة" لمؤسسها شكري مصطفى، وجماعات بعيدة عنا مثل الأحمدية والبابية والبهائية، أما جماعة الإخوان فيجعلها المؤلف ضمن حركات الإحياء الإسلامي.
يهاجم المؤلف المستشرقين لاشتغالهم بدور الجواسيس على المسلمين، ينقلون التقارير لبلادهم، يكنون العداء للمسلمين، فهذا برنارد لويس يهاجم حركات الإحياء الإسلامي مثل الوهابية في الجزيرة العربية والإخوان في مصر ص307. الأمر الذي يؤرق المؤلف لأنه عداء للإسلام والعروبة.
لا يتوقف الدكتور عرفات القاضي عند امتعاضه من مهاجمة المستشرقين لما سماها بحركات الإحياء الإسلامي، التي تسعى لاستبدال الأنظمة القائمة بحكومات إسلامية تعمل على إعادة "الخلافة الضائعة"، بل تصل به الجرأة للنقل عن باحثة ترى أن الغرب يعمل على عدم السماح بقيام دولة للإسلاميين، وذلك في صدد حديثه عن التحديات الخارجية لتجديد الخطاب الديني، ص93 وما بعدها.
تكتمل فكرة المؤلف عن الجماعات الإسلامية في ص272 أثناء الحديث عن الصعوبات التي تواجه "الدعوة الإسلامية"، فتصبح هذه الجماعات مجرد حركات معارضة للأنظمة السياسية، وبدوره يهاجم المؤلف كل من يصفها بـ"الإرهابية" أو "حركات الإسلام السياسي" لأن هذه التسميات تقف عائقًا أمام عملها الدعوي في الخارج..
ولا يملك القارئ هنا إلا العجب! فظاهر كلام الدكتور القاضي أنه يؤيد سعي الحركات الإسلامية للوصول لقيام دولتهم المزعومة، رافضًا إطلاق تسميات تعرقل دورهم الدعوي في الخارج.
نصر حامد أبوزيد.. قضية لا تستحق الأوراق التي كتبت فيها
رغم انشغال الكتاب بقضايا التجديد، فإن نقطتين مهمتين تجاهلهما: الأولى وهي بيان دور جماعات الإسلام السياسي في تنفير الناس وبث روح الكراهية داخل المجتمع، حيث جاء التعرض لنشوء هذه الجماعات مجملا وعلى استحياء شديد للغاية، وفي مواضع انحاز لها رافضًا تسمية "إسلام سياسي" أو "حركات إرهابية".
الثانية، وهي الدور البارز لمجموعة من المفكرين في هذا الشأن، أمثال فرج فودة ونصر حامد أبو زيد، بل إن المرة التي ورد فيها ذكر الأخير كان مرتبطًا بحديث عن إراقة دماء غير زكية وأن قضيته لم تكن تستحق الأوراق التي كتبت فيها ص121، ولا أعرف قصد المؤلف من وراء هذه الصياغة المريبة، وما هي الدماء غير الزكية التي يقصدها؟
وبعد قرابة الثلاثين صفحة من هذا الموضع، يرد ذكر مصادرة كتب من وصفهم بـ"العلمانيين والأيدلوجيين" الذين يقدمون أعمالا تتضمن تشهيرا بالقيم والثوابت الدينية، ثم يستغلون المصادرة للهجوم على الإسلام، حيث يصف ذلك بـ"هجمات مصطنعة تهدف إلى وضع الإسلاميين في موقف حرج" ص150.
هذا الموضع المتأخر حاولت من خلاله فهم عزوف المؤلف عن الاقتراب من "أبو زيد"، فهو في أغلب الظن من هؤلاء الأيدلوجيين وأصحاب "الهجمات المصطنعة" خاصة وأن ذكره جاء في موضعين: الحديث عن الردة، والحديث عن الحرية. وظاهر كلام المؤلف أن مثل هؤلاء يجب أن يُفتح لهم الباب للتعبير عن أفكارهم، مؤكدا أن الرأي الفاسد يضمحل، وأن المذاهب والفرق الضالة تندثر وتذهب أدراج الرياح.
لكن، وبدلا من هذه الحسابات والظنون، فأقدم لك "مفاجأة عرفات القاضي" التي لم يخبئها للنهاية بل أعلن عنها منذ الصفحات الأولى، وأخرتها لإثارة تعجبك، وهي أن المؤلف بالفعل لا يرى في نصر حامد أبو زيد مجددا، وأن تجاهله له خلال الكتاب وتقديم منظري التطرف عليه كان مقصودًا، حيث يرى أستاذ الفلسفة الإسلامية أن بعض المهتمين بالتجديد لا يرغبون في العودة بالناس للأصول الصحيحة للدين، بعيدا عن البدع والخرافات، وإنما يرغبون في "الإضافة والإيجاد" بمعنى التزويد في الدين، وذلك بهدف طمس معالمه والعبث بأصوله بزعم تجديده وتطويره، وهذا ما يُلتمس عند محمد أركون ونصر حامد أبو زيد، وفق تعبير الكاتب ص31.
أين الحاكمية والخلافة الضائعة؟
في كتابه الضخم الذي يتجاوز الأربعمئة صفحة، يتناول "القاضي" تجديد الخطاب الديني والقضايا المتعلقة، يعقد فصلًا عن الحرية عند رفاعة الطهطاوي، وفصلًا عن عبدالمتعال الصعيدي، وفصلًا عن دور محمد عبده التجديدي، وفصلًا عن النهضة في نظر محمود شاكر، وفصلًا عن دور عبدالرحمن بدوي.
يضيف المؤلف فصلًا عن هموم الدعوة في الغرب؛ ويطمح في إنشاء مؤسسة أو مركز للدعوة الإسلامية في الغرب، يكون التمويل مستقلًا، ليتخلص من سيطرة المذاهب وسياسات الدول المانحة، ممتدحًا فكرة الخُمس الشيعية التي وفرت تمويلًا للمؤسسات الشيعية ما جعلها –وفق رأيه- أكثر حريةً واستقلالًا عن السنة. ولا أعرف عن أي شيعة مستقلة يتحدث المؤلف!
وجد أستاذ الفلسفة متسعًا لمناقشة قضايا مثل الحرية والعدل ومكانة العقل وهموم الدعوة في الغرب، ومعنى الجهاد والدفع في الشريعة، وأدوار بعض مفكري العصر الحديث، لكنه لم يجد مكانًا لمناقشة الحاكمية، ووصف المجتمع بالجاهلي، وأستاذية العالم، واستعادة الخلافة الضائعة، وجواز قتل الحكام وتفجير المؤسسات، لكنه يترك مثل هذه الأفكار الموبوءة ويندد بالحكام العرب الذين رضوا بتغيير المناهج وطالبوا بتجديد الخطاب على إثر أحداث 11 سبتمبر، بينما كان الأجدر بهم أن يطالبوا أمريكا بإثبات تهمة تفجير برجي التجارة، حسب تعبيره.
في النهاية، فإن كتاب "تجديد الخطاب الديني" للدكتور أحمد عرفات القاضي، يُعد مخيبًا للآمال بدرجة كبيرة، فهذا الجهد الكبير والعبقري تمَّ توظيفه بصورة ما، وأسأل نفسي كثيرا عقب قراءة مثل هذا الكتاب: هل هي محاولة لتبرئة رموز الجماعات المتطرفة؟ هل هي حيلة للالتفاف على دعوة تجديد الخطاب الديني؟