لم ينعقد، اليوم الجمعة، اللقاء المرتقب بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، رغم إعلان الرئاسة اللبنانية أمس عن هذا اللقاء لاستكمال المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة، وسط دعوات محلية ودولية للاسراع بتشكيل حكومة جديدة تنقذ لبنان من الأزمات المتفاقة في شتى المجالات وتملأ الفراغ الحكومي الممتد لأكثر من عام.
وبعد مؤشرات لتعثر المفاوضات حول تشكيل الحكومة أدت لغياب ميقاتي عن القصر الرئاسي للقاء عون أمس الأول، التقى الجانبان أمس في زيارة غير معلن عنها مسبقا قام بها ميقاتي لعون في قصر بعبدا، واكتفى الجانبان بتصريح مقتضب للرئاسة اللبنانية أكدت فيه أن الزيارة هدفها عرض الوضع الحكومي على أن يستكملا البحث اليوم الجمعة، وهو ما لم يحدث مما أثار التكهنات بتجدد الخلافات مرة أخرى.
ومنذ تكليفه بتشكيل الحكومة في السادس والعشرين من الشهر الماضي، توجه ميقاتي للقاء الرئيس اللبناني 12 مرة، آخرها أمس للتشاور في تشكيل الحكومة الجديدة، وتباينت بعدها تصريحات ميقاتي بين الايجابية والسلبية، حيث أكد عقب اللقاء الحادي عشر يوم الثلاثاء الماضي أن التشكيل الحكومي في أمتاره الأخيرة، إلا أنه في اليوم التالي لم يتوجه للقصر الرئاسي كعادته وسط أقاويل بخلافات حادة قد تقود ميقاتي للاعتذار.
وما عزز فكرة الخلافات الحادة بين عون وميقاتي، هو أن اللقاء الذي جمع الجانبين بالأمس جاء بعد بيانين متتاليين أولهما من الرئاسة اللبنانية أكدت فيه أنه لم يرِد يوما في حساب الرئيس اللبناني ميشال عون المطالبة بالثلث المعطّل، وبالتالي فإن كل ما قيل عن طلب رئيس الجمهوريّة تسعة أو عشرة وزراء عارٍ من الصحة جملة وتفصيلا.
وأضافت الرئاسة أن عون كان إيجابيا ولا يزال، وهو يدرك أنه من حق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إعطاء ملاحظات على أي اسم يرد منهما أو من أي من الكتل المشاركة، وصولًا إلى الاعتراض عليها.
واعتبرت الرئاسة اللبنانية أن مطالب فرقاء سياسيين - دون أن تحددها- كانت تتزايد وتتبدّل يومًا بعد يوم؛ مما انعكس على تأخير الاتفاق على إصدار التشكيلة الحكومية.
وأوضحت الرئاسة اللبنانية أن هناك تصريحات وتحليلات صدرت بالأمس تعمدت تشويه مواقف رئيس الجمهورية، معربة عن خشيتها من أن يكون الهدف مما يصدر هو الدفع برئيس الحكومة المكلّف إلى الاعتذار، وهو ما لا يريده الرئيس عون، أو التمهيد لذلك؛ بغية إبقاء البلاد من دون حكومة في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يجتازها لبنان.
وشددت الرئاسة على أن رئيس الجمهورية مصمّم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وتعاون وإيجابيّة مع الرئيس المكلّف، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي.
وفي المقابل، أصدر ميقاتي بيانا أكد فيه الاستمرار بمسعاه لتشكيل حكومة وفق الأسس المعروفة، مثمنا ما جاء ببيان رئيس الجمهورية ميشال عون وتضمن تأكيده على استمرار التعاون لتشكيل حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي.
وبعد البيانين مباشرة، استأنف الجانبان لقائاتهما أمس ضمن مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة وختما على أن يستكملا البحث اليوم الذي انتهى دون لقاء أو اتصال معلن بين الجانبين.
وفي غضون ذلك، كثف المجتمع الدولي من دعواته للإسراع بتشكيل حكومة تملأ الفراغ الممتد لأكثر من عام، حيث دعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان جميع الأطراف اللبنانية للعمل من أجل تشكيل حكومة قادرة على تلبية الاحتياجات العاجلة للشعب اللبناني دون مزيد من التأخير.
جاء ذلك في بيان للمجموعة اليوم، والتي تضم الأمم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
كما أكدت المنسق الخاص للأمم المتحدة بلبنان يوانا فرونيسكا خلال لقائها بالرئيس اللبناني اليوم على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة لتنقذ اللبنانيين من الأزمات المتفاقمة.
ومحليًا، دعا مجلس النواب اللبناني اليوم إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة باعتبارها الخطوة الأهم في معالجة التداعيات السلبية التي يعيشها اللبنانيون اليوم نظرًا لغياب حكومة بصلاحيات كاملة.
جاء ذلك في الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب اللبناني اليوم برئاسة نبيه بري رئيس المجلس لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الخاصة بمناقشة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد بعد اعلان حاكم مصرف لبنان المركزي رفع الدعم عن المواد الحياتية والحيوية واتخاذ القرار أو الموقف أو الإجراء المناسب.
وفي ظل الأزمات والظروف الصعبة، تبقى آمال اللبنانيين معلقة على الإسراع بتشكيل الحكومة.