على مدى عشرات السنوات.. ومع تولي حكومات متعاقبة على مصر؛ تظل قضية الزيادة السكانية مشكلة المشكلات التي تقف عائقًا أمام أي محاولات للتنمية والنهوض في مصر، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي، حينما قال إن النمو السكانى في مصر سيأكل كل جهد المصريين ولن يشعرك بأى تحسن.
وأضاف الرئيس خلال إفطار الأسرة المصرية على هامش افتتاح مشروع الإسكان الاجتماعي بمدينة بدر، أن مشكلة الزيادة السكانية كبيرة، وكل المسئولين السابقين على مدى ٦٠ أو ٧٠ عاما تحدثوا عنها، منذ ١٠٠ سنة كنا ٩ ملايين والآن أكثر من 100 مليون".
وعدد السيسي الآثار السلبية الناتجة عن النمو السكاني، وعلي رأسها ارتفاع الأسعار وعدم وجود فرص عمل، وكشفت أحدث إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، عن أرقام صادمة تؤكد أن الزيادة السكانية من أهم التحديات التي تواجه عملية التنمية في مصر.
فإذا استمرت معدلات الزيادة في عدد السكان لنفس معدل الخصوبة الحالي فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى ١٩٢ مليون نسمة في عام ٢٠٥٢، أما في حالة تكثيف جهود الدولة الشاملة لخفض معدل الخصوبة سيصل عدد السكان إلى ١٤٣ مليون نسمة في نفس الفترة، حال استمر معدل الإنجاب عند ٣.٤ طفل لكل سيدة، ما يعني أن عدد الطلاب يرتفع لـ٣٨ مليون طالب وعدد المدرسين يصل لـ١.٨١٦ مليون والمدارس لـ٧٠ ألف مدرسة.
وعن الآثار السلبية القاتلة للزيادة السكانية على التنمية الاقتصادية؛ أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن الزيادة السكانية تمثل عبئا كبيرًا على الاقتصاد المصري حيث إن الزيادة السكانية في مصر تزيد بمعدل يتجاوز ٢.٦٪ سنويًا، بمعني أن سكان مصر سنوياّ يزيدون بمقدار ٢.٥ مليون مواطن.
وقال السيد في تصريح لـ"البوابة نيوز": لا شك أن الزيادة السكانية لها آثارها السلبية على الاقتصاد والمواطن، والتي تتمثل في زيادة نفقات الدولة على الخدمات الصحة والتعليم، وانتشار ظاهرة البطالة، وهو ما يؤدي إلى عدم إحساس المواطن بآثار التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، كذلك زيادة الطلب على السلع والخدمات والوحدات السكنية نظرًا لزيادة الأعداد.
وأوضح، أن من أهم تداعيات الزيادة السكانية أيضًا، زيادة المخصصات العامة وتتمثل في الإنفاق على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواصلات، إذ بلغت مخصصات الدولة للإنفاق على التعليم ١٧٢ مليار جنيه خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، والصحة ١٣٢ مليار جنيه خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢.
كما أن الزيادة السكانية تزيد من معدلات البطالة والفقر، لا سيما أن الدولة لا تستطيع توفير فرص العمل المطلوبة والمتزايدة سنويًا، حيث إن سوق العمل في مصر يدخل فيه سنويًا ٧٥٠ ألفًا إلى ٨٠٠ ألف من الأيدي العاملة ممن هم في سن العمل، بالإضافة إلى أعداد البطالة الموجودة سابقًا التي يزيد عددها علي ٣ ملايين مواطن.
وقال السيد: إذا كانت فرصة العمل الواحدة تحتاج إلى ٢٠٠ ألف جنيه فهذا يعني أن الدولة تحتاج لاستثمارات محلية أو أجنبية تزيد علي ١٦٠ مليار جنيه سنويًا، كما أن زيادة السكان تمثل وسيلة للضغط على خدمات الدولة المختلفة التعليم والصحة ووسائل المواصلات، وبالتالي تظهر ظاهرة تكدس الفصول الدراسية وعدم تقديم خدمات صحية جيدة خاصة مع نقص إمكانيات الدولة.
وهناك أيضًا عدد من الآثار السلبية للنمو والزيادة السكنية، تتمثل في الزحف العمراني وتآكل الرقعة الزراعية لأن الزيادة المستمرة في أعداد السكان خاصة الزيادة الكبيرة تؤدي إلى اللجوء لاستخدام الأراضي الزراعية كمجمعات سكنية وبشكل عشوائي، وهذا ما حدث في مصر حيث تآكلت الرقعة الزراعية في مصر من ٩.٢ إلى ٨ ملايين فدان، أي بتآكل أكثر من مليون فدان في حين أن الدولة عليها زيادة الرقعة الزراعية لزيادة المنتجات الزراعية لمواجهة الزيادة السكانية.
أما بالنسبة للفرد؛ فإن الزيادة السكانية لها تأثير سلبي على المواطنين من حيث زيادة معدلات الجريمة بسبب التزاحم وزيادة أعداد السكان، وزيادة أسعار السلع والخدمات نظرًا لندرة الإنتاج المحلي وزيادة الاستيراد من الخارج وبالتالي ستكون الأسعار مرتفعة، كذلك انخفاض نصيب الفرد من عملية النمو والتنمية الاقتصادية وعدم وصول دخل الفرد إلى ما يحقق احتياجاته وبالتالي انخفاض المستوى المعيشي للأسرة نظرًا لأن الزيادة السكانية تؤدي إلى عجز الخدمات العامة بكل أنواعها.
ولذلك يجب أن يتناسب معدل النمو السكاني مع معدل النمو الاقتصادي حتى تستطيع الدولة توفير كل الخدمات ويشعر المواطن بتحسن الأحوال المعيشية، مما يدفع الدولة إلى الاقتراض الخارجي مما يحملها أعباء إضافية تنعكس سلبا على مستوى الخدمات المقدمة للأفراد.