الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لعنة فرانكنشتين والموت البطيء للسوبر باور الأمريكى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ليسمح لي القراء أن أخرج هذا الأسبوع عن سلسلة "مصريون عرفتهم في باريس" لتناول الآثار البعيدة للانسحاب الأمريكى المهين من أفغانستان على أن أعود إلى السلسلة الأسبوع المقبل أن شاء الله.

استخدم الباحث الفرنسي الكبير وزميلنا بمركز سيمو بباريس رولان لومباردي أسطورة فرانكنشتين للحديث عن تكرار استدارة الجماعات الإسلامية التي تخلقها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها في إشارة إلى أسطورة قتل الكائن المختلق كالروبوت وكفرانكنشتين لصانعه وهو ما نطلق عليه في تراثنا العربي تعبير "انقلاب السحر على الساحر".

لم تتعلم الولايات المتحدة من درس تنظيم القاعدة عام ٢٠١١ ولا درس سايجون الڤيينامي المرير قلبها عام ١٩٧٥ ولا درس المجاهدين الأفغان ضد الروس الذين من معاطفهم السوداء خرجت طالبان. في كل مرة يخرج القاهر مقهورا. لكن هذه المرة ليست كسابقاتها لماذا ؟. لأن الولايات المتحدة لم تعد -أمام توغل الصين- القوة الاقتصادية العظمي الأولي. لم تعد -أمام تحدي دويلات مثل كوريا الشمالية وإيران ناهيك عن روسيا- القوة العسكرية التي يرهبها العالم. لأن جائحة كورونا أظهرت إلى أي حد تستطيع دويلة مثل سنغافورة السيطرة على الوباء بينما راح ضحيته قتلا أو إصابة الملايين في الولايات المتحدة.

لايختلف مشهد اقتحام الكونجرس في عز المعركة الرئاسية عن مشهد اقتحام طالبان للقصر الرئاسي في كابول. لا يختلف انهيار المنظومة البنكية الأمريكية عام ٢٠٠٨ عن السهولة التي استطاع بها بعض الهاكرز الدخول على مواقع مؤسسات أمنية أمريكية حساسة وسرقة محتوياتها. وربما نستطيع مد خط بينها. هل تحول "الحلم الأمريكى" إلى "كابوس أمريكي" ؟

المؤرخون أمثالي ينظرون لتاريخ الإمبراطوريات نظرة الطبيب للمريض بمرض عضال ويعرف كم بقي من الزمن في عمره قبل أن تبتلعه الأرض كما ابتلعت غيره. هناك شواهد على نهاية الإمبراطوريات لاتختلف كثيرا عن شواهد قرب وفاة المريض.

في الشهر المقبل يمر عشرون عاما على انهيار برجي مانهاتن.. لعل تمثال الحرية الذي صنعه الفرنسي أوجست بارتولدي لقناة السويس بطلب مدفوع من الخديو إسماعيل يطلب العودة إلى واحد من مواطنيه: مصر أو فرنسا لأنه يريد أن يظل شاهدا على الحرية لا شاهدا على وفاة آخر إمبراطوريات الحضارة الغربية