جمع المفكر الراحل محمد حسين هيكل في شخصيته بين الأديب والسياسي والصحفي والأستاذ الجامعي، آمن بقيم الحداثة والديمقراطية، وناقش في مؤلفاته قضايا تاريخية وفكرية معقدة، كتب رواية "زينب"؛ ونظرًا لظهورها في وقت مبكر من الحياة الأدبية العربية أشار إليه أكثر من ناقد أنه أول من كتب الرواية العربية، في حين خالف كثير من الناقد هذا الرأي مستشهدين بمحاولات روائية مغمورة سبقت "هيكل".
هيكل، الذي تحل ذكرى ميلاده في الـ20 من أغسطس حيث ولد في العام 1888 بمحافظة الدقهلية، وتوفي في العام 1956، كانت له أدوار متعددة، فقد شارك في وضع أول دستور للبلاد في 1923 الذي تمخضت عنه ثورة الشعب في العام 1919، عين وزيرا للمعارف أكثر من مرة، ورأس تحرير مجلة السياسة الأسبوعية، ورأس حزب المعارضة الأحرار الدستوريين، ومثل وفد مصر في الأمم المتحدة.
أثرى "هيكل" الحياة الثقافية بمزيد من الأعمال الأدبية والفكرية، وقد تأثر بالإمام محمد عبده وكتابات قاسم أمين الاجتماعية حول تحرير المرأة، كما تأثر بأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد.
ساهم بدوره في عملية التنوير التي بدأت مع الرائد الكبير رفاعة الطهطاوي، وأصدر بدوره كتاب "حياة محمد" ليضيف مؤلفًا مهمًا لحركة التنوير الثقافية التى شهدتها مصر مع هؤلاء العظام: طه حسين، ولطفى السيد، وسلامة موسى، وغيرهم من الذين رجعوا إلى التراث فحاولوا نفض الغبار عنه واستعادته لتثبيت هوية الإنسان العربى ومعرفة كوامن القوة.
استعرض في كتاب "حياة محمد" السيرة بأسلوب علمى راق وحديث يخاطب القراء المعاصرين والمتلقى غير العربى وغير المسلم أيضا، وخلاله يحاول تفسير ظواهر مثل الوحى والنبوة والتلقى عن الله عز وجل وجبريل والملائكة، ويقف طويلا عند بعض القصص الشائكة.
تميز كتاب هيكل بالبعد عن مناهج القدماء، مع محاولة استقاء السيرة من مصادرها الأصلية، فمن الملاحظ أنه كلما ابتعدت الكتابات التاريخية عن زمن الحدث كثرت فيها الأقاويل واضطربت واختلط الصحيح بالباطل، فمثلا المعجزات التى تنسب للنبى تزيد بصورة مطردة كلما ابتعدنا عن المرحلة التاريخية لمدة النبوة، بالإضافة لزيادتها فى لحظات ضعف الأمة وانهيارها مما يميل الجمهور لسماع القصص الخارقة والتى تنسب ظلما لمعجزات النبى الكريم، واستخدم الرجل العقل فى تمحيص الروايات مع الحفاظ على النقل الصحيح الثابت.
قدم للكتاب شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغى، بمقدمة رائعة، استفاض فيها بالكلام حول عظمة ذلك الدين الحنيف، وعن تلك الإضافات التى لحقت بالسيرة بقصد وبدون قصد، وعن مكانة العقل ودوره فى القرآن الكريم، وذم التقليد، وعن التجرد من الهوى والآراء المسبقة التى تحلى بها الدكتور هيكل وتوفيقه فى تنسيق الأحداث وربط المواقف.
وعلى الجانب الروحي ألف حسين هيكل كتاب "في منزل الوحي" يتناول الرحلة الروحية في فريضة الحج من خلال ستة أبواب وخاتمة، الأول فى فرض الحج، الثانى فى البلد الحرام، الثالث فى الطائف وآثارها، الرابع فى بين الحرمين، الخامس فى مدينة الرسول، السادس فى أوبة الرضا، وقد مزج «هيكل» فى كتابه بين وصف الواقع حيث طريق الحجاج والطواف والكعبة والمدينة والطائف فقد مزج كل هذا باستعادة اللحظات التاريخية المناسبة للحدث مع ذلك الحس الصوفى النقى الذى يتناول به تلك الشعائر الدينية.
ترك عدة مؤلفات منها: الإيمان والمعرفة والفلسفة، الصديق أبو بكر، الفاروق عمر، ثورة الأدب، تراجم مصرية وعربية، شرق وغرب، في أوقات الفراغ "مجموعة مقالات"، ولدي، مذكرات الشبباب.
يشار إلى أن الأديب والسياسي الكبير محمد حسين هيكل قد ولد في 20 أغسطس من العام 1888م، ورحل في الثامن من ديسمبر للعام 1956.