حالة من التغيير طرأت على العلاقات الإيرانية بحركة طالبان الأفغانية، وهى العلاقة التي كان تتسم بالعداء قبل ٢٠٠١، واليوم تحولت إلى الصداقة، وذلك بعد الكشف عن تقديم طهران دعما عسكريا للحركة السنية المتشددة في معاركها ضد الجيش الأفغانى وسيطرتها على مناطق واسعة فى البلاد خلال الأسابيع الماضية. وصولا للاستيلاء على العاصمة كابل الأحد الماضى.
التطورات المتسارعة فى أفغانستان تم التعامل معها بردود فعل شبه مرحبة من المسئولين فى إيران، وقال الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، من دون أن يسمى طالبان،: "إن حكم إرادة الشعب الأفغاني المظلوم كان على الدوام بناء للأمن وتحقيق الاستقرار"، مضيفا أنه"يجب أن تصبح الهزيمة العسكرية وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان فرصة لاستعادة الحياة والأمن والسلام الدائم فى البلاد".
دعم طالبان عسكريا
التصريحات الإيرانية تكشف عن حالة تفاهم مع طالبان، سبقها دعم عسكرى من طهران للحركة، وأكد الملا عبد الرازق، أحد قادة طالبان الرئيسيين فى محافظتى هرات وفرح على الحدود مع إيران، دعم إيران للحركة عسكريا.
وأوضح "الملا عبد الرازق" فى تصريحات صحيفة لموقع "إيران واير" باللغة الفارسية المعارض، أن الدعم العسكري يشمل تدريب مقاتلى الحركة من قبل الخبراء العسكريين الإيرانيين، بالإضافة إلى وجود مقاتلين إيرانيين يقاتلون فى صفوف طالبان.
القيادي بحركة طالبان، أوضح أن قوات الحرس الثورى الإيرانى كانت موجودة جنبًا إلى جنب مع قوات طالبان، مضيفا أن القوات التابعة للحرس الثوري الإيرانى ترتدى الزي الأفغانى، تتواجد فى ساحة المعركة مع طالبان، وتقدم لهم المشورة والتدريب.
كذلك لفت إلى أن إيران تقدم أسلحة لطالبان، موضحا أن مجموعات من مقاتلي الحركة الافغانية يتلقون تدريبات عسكرية لمدة ستة أشهر فى طهران على يد خبراء الحرس الثورى الإيرانى.
ومع الدعم العسكرى، شهدت العلاقات الدبلوماسية تقاربا عندما زار وفد سياسى من حركة طالبان فى قطر، بقيادة طيب آغا ( رئيس المكتب السياسي للجماعة ) طهران فى نوفمبر ٢٠١٥، أعلن مسئولو طالبان والحكومة الأفغانية أن إيران تعمل مع طالبان لمنع انتشار نفوذ داعش فى أفغانستان.
كما سبقها زيارة سريبة من وفد طالباني إلى طهران فى ٢٠١٤، وفي عام ٢٠١٢ حضر وفد من طالبان مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران.
أوضح المراقبون أن إيران تهدف من دعم حركة طالبان وضع مكان لها فى السلطة الجديدة فى أفغانستان، وتدارك أخطاء الماضى فى العداوة لطالبان،
ومن الأهداف الإيرانية أيضا سعى طهران لوقف استكمال بناء سد "بخشباد" الأفغانى، والذى يحرم إيران من المياه فى ظل ما تواجهة الدولة الإيرانية من شح في مصادر المياه، والتعرض لجفاف هو الأقسى منذ ٥٠ عاما.
كذلك تهدف إيران إلى قطع الطريق أمام الجماعات الإيرانية السنية المسلحة فى سيستان وبلوشستان، والتى كانت تربطها علاقات بطالبان،وخاصة جماعة "جندالله " البلوشية.
الخبير فى الشئون الإيرانية فراس الياس
وقال الخبير فى الشئون الإيرانية فراس الياس، إن إيران تحاول تجنب أي حالة تصعيدية مع حركة طالبان، لأنها تدرك أن الأمور ماضية نحو سيطرة الحركة التامة على البلاد، ومن ثم فإن التصعيد معها، يعني أن إيران ستواجه دولة دينية متضادة معها مذهبيًا، وقد تستنزف إيران كثيرًا.
وأردف أن إيران تدرك إن معاداة حركة طالبان يعنى وقوع الحركة في حضن باكستان وتركيا، وهذا يعنى استراتيجيًا تشكيل حالة توازنية جديدة فى منطقة جنوب آسيا، لصالح دعم التنسيق السني (تركيا وباكس تان وطالبان ) فى مواجهة إيران.