الاستقصاء والبحث أهم ما يميز كتابات محمد شعير، منذ بداية عمله الصحفي، حتى فترة عمله مديرا لتحرير جريدة أخبار الأدب، وكذلك رئاسته لمجلة عالم الكتاب. وهو الدرب الذي سار عليه أيضًا في كتبه، أصدر «شعير» أول كتاب له 2010 بعنوان «كتابات نوبة الحراسة: رسائل عبدالحكيم قاسم»، يسرد خلاله سيرة الراحل من خلال رسائله لأبيه التي بدأ في كتاباتها في سن العاشرة وحتى رسائله الأخيرة قبل وفاته، يحب «شعير» السير الذاتية للكتاب والمثقفين والفنانين، فتبع سيرة «قاسم» بسيرة كوكب الشرق، في كتابه بعنوان «مذكرات الآنسة أم كلثوم» عام 2018، ثم صدر له كتاب «أحجار ونياشين: حكايات من أرشيف الصحافة والثقافة والفن» 2019.
رغم هذه الكتب، يظل هناك رابط بين اسم «شعير» والأديب الراحل نجيب محفوظ، فكلما ذكر اسمه استدعي اسم «محفوظ»ولعل السبب الرئيسى في هذا التداعي هو ثلاثية نجيب محفوظ- مشروع شعير الأبرز، وكذلك تقديمه لمجموعة «همس النجوم» التي ضمت 40 قصة قصيرة تنشر لأول مرة بعد وفاة أديب نوبل. أصدر شعير الجزء الأول من ثلاثية عالم محفوظ، بعنوان «أولاد حارتنا: سيرة الرواية المحرمة « العمل الاستقصائي الذي سرد بدقة تبعات إصدار الرواية والتي جعلت محفوظ محل استهداف وانتقاد من الجميع وكيف تعامل مع هذه الموجة الحادة والعنيفة التي عرضته لمحاولة اغتيال كادت أن تودي بحياته، والثاني كتاب «البدايات والنهايات: أعوام نجيب محفوظ» ويعكف حاليًا على كتابة الجزء الثالث والأخير من هذه الثلاثية.. حول الكتب والمسيرة كان الحوار التالى.
■ ماذا تقرأ حاليًا؟
لا أكتفي في القراءة بكتاب واحد، أقرأ عدة كتب في توقيت واحد. «رق الحبيب» لمحمد المخزنجي، و«دوار أحاسيس» لزيبالد ترجمة أحمد فاروق، و«أماكن العقل: حياة إدوارد سعيد» لتيموثي برينان.
■ ماهو الكتاب الذي أعجبك خلال السنة الماضية؟ ولماذا؟
المجلد الأول من أعمال عبد الفتاح كليطو، قرأت أعماله من قبل متفرقة، ولكنني أعدت قراءتها مرة أخرى وفق ترتيبها في الأعمال الكاملة. يعلمنا كليطو النظر إلى الأعمال الأدبية نطرة مختلفة عن السائد، هو ضد النقد الأكاديمي الجاف والمستعبد لمناهج تجاوزها الزمن، وكيف تنقد نقدا ممتعا يقترب من متعة العمل. كليطو أيضا يطرح أسئلة ويشركنا في محاولة الإجابة عنها، يعيد اكتشاف الجمال في نصوص تراثية ويدفعنا إلى البحث عنها، هكذا سنقرأ معه ألف ليلة أو أعمال الجاحظ..وغيرها من نصوص.
■ من هو الكاتب العربي الأكثر تأثيرًا لديك؟
لا يوجد كاتب واحد، هناك كتاب عديدون أحب كتاباتهم، أحب كتابات أحمد بهاء الدين، ويحيى حقي، وعبد الفتاح كليطو، وغالي شكري، وإبراهيم أصلان ومحمود عوض (كل هؤلاء تعلمت منهم).
■ من هو الكاتب الأجنبي الأكثر تأثيرًا لديك؟
كثيرون أيضا، لكن أعشق رولان بارت، إدواردو جاليانو، وألبرتو مانويل، وإلياس كانيتى، وميشائيل مار، وبيير بيار وبالطبع جارسيا ماركيز ناثرا وصحفيا عظيما قبل أن يكون روائيا.
■ ماهو الكتاب الذي تعيد قراءاته من وقت لآخر؟
أعيد دائما قراءة قصائد ومسرحيات صلاح عبدالصبور، وصلاح جاهين، وفؤاد حداد، وأمل دنقل ومحمود درويش. وهناك «الحرافيش» لنجيب محفوظ أعظم عمل روائي في الأدب العربي، وهي أيضا عمل شعري بالأساس.
■ من هو الكاتب الذي ترى أنه أخذ شهرة لم يستحقها؟
يوسف زيدان.
■ من هو الكاتب الذي لم يحظ بشهرة أو لم تقرأ أعماله جيدا؟
ربما يستحق يحيى حقي مكانة أكبر في الثقافة العربية، هو ينتمى إلى الطبقة الأولي من كتاب العربية، لكن ربما لغياب أعماله لا يحظى بمكانته التي يستحقها لدى الأجيال الجديدة، ويمكن أن نقول الشىء نفسه أيضا عن توفيق الحكيم.
- موضوع يمثل لك تحديًا ككاتب؟
كل موضوع جديد يمثل تحديا، أعمل وفق منطق الرحلة من أجل أن أستمتع، وفي نهاية الرحلة قد أشعر أننى لم أصل إلى جديد، لذا لدي عشرات الموضوعات التي بدأت فيها ولكنها لم تكتمل ربما لأنني أشعر أن هناك شيئا ما غائبا لم أصل إليه، أو أنى أعيد وأجتر ما كتب سابقا، ولم أضف جديدا.
■ كيف تختار الكتب التي تقرؤها ؟
أفضل كثيرا النصوص خارج التصنيفات الأدبية الصارمة، النصوص التي تقف على الحدود، أحب كتب السيرة والرسائل.
■ كيف تقيس نجاح كتبك؟ الجوائز أم البيست سيلر؟
لا أدرى إن كانت كتبي ناجحة أم لا، ولكن لا يمكن أن يكون التوزيع أو الجوائز هما المعيار لنجاح أي كتاب، هذه أمور لا تشغلني، قد تأتى أو لا تأتي، ولا ينبغي أن ينشغل بها الكاتب، ولكن أسعد بردود أفعال قراء أثق فيهم، أسعد أيضا عندما لا يكون عمر الكتاب قصيرا، بل طويلا، ما يعنى أنه ترك تأثيرا ما، هناك إحساس داخلي لدى كل كاتب يعرفه ويدركه جيدا إذا كان قدم شيئا جديدا وجيدا أم لا.. هو يعرف أكثر من غيره إذا كان قد نجح أم لا.
■ ماهي أفضل نصيحة تلقيتها؟ ومِن مَنْ؟
مبكرا جدا، كنت طالبا في الجامعة عندما أشار إلىّ صديقي الشاعر فتحي عبد السميع أن أقرأ كتاب "رسائل إلى شاعر شاب" لريلكه، هذا الكتاب لطشنى وقت قراءته، وترك تأثيرا كبيرا على، هو كتاب النصائح لمن يريد أن يكتب، لذا أظن أنه من الضروري أن يقرأه أي شخص مهتم بالكتابة. في كل كتاب نقرأه ثمة نصيحة، لذا ليس مهما أن تتلقي النصيحة بشكل مباشر من صاحبها، قد تكون رسالة في زجاجة كما نقول، لذا من المهم أن نبحث عنها بأنفسنا، سنجدها في كتابات يحيى حقي " عندما تكتب فمن المهم ألا يسمع القارئ صرير القلم"، أو عند بول فاليري – كما نقلها عنه إبراهيم أصلان" أوصيك بالدقة لا بالوضوح".
■ ماهو الكتاب الذي تعمل عليه حاليًا؟
«نجيب محفوظ: المخطوطات المفقودة» الجزء الثالث، وربما الأخير من رحلتي في عالم نجيب محفوظ.. هو حكاية بحث عن مخطوطات نجيب محفوظ على مدى ست سنوات، أضعها في هذا الكتاب الذي أحاول فيه الدخول إلى مطبخ محفوظ في عالم الكتابة، متتبعا أثره ومحاولا الإجابة عن سؤال: كيف كان محفوظ يكتب أعماله؟